لبنان

بعد ردّ المراجعة التي تقدّم بها… “متّحدون”: إنّها مفاجأة!

صدر بتاريخ 15 تشرين الأول 2020 قرار عن الهيئة العامّة لمحكمة التمييز برئاسة القاضي سهيل عبود، قضى برد المراجعة التي سبق لـ”تحالف متحدون” أن تقدم بها في 7 أيول 2020 بوجه الدولة اللبنانية ضمن إطار مسؤوليتها عن أعمال القضاة العدليين، وذلك طعنا بالإشارة الصادرة عن النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات إلى جهاز أمن الدولة وطعناً بقرار الأخير بترك مدير مرفأ بيروت حسن قريطم وعدد من الموظفين في المرفأ بعد استجوابهم.

وأشار التحالف في بيان، إلى أن “مراجعة المُخاصمة المنوّه عنها كانت قد استندت في أساسها القانوني على أن الاشارة الصادرة عن القاضي عويدات وقراره بترك المسؤولين بعد استجوابهم يشكلان خطأً جسيماً ويعكسان الإهمال بالاستعانة بخبراء اختصاصين لتحديد ماهية البضائع من خلال اجراء كشف حسيّ عليها في مكان وجودها في العنبر رقم 12 نظراً لخطورتها على الأمن القومي”.
وأضافت: “لكن للمفاجأة لم يكُن ما خلص إليه القرار بردّ المراجعة برمّتها مدعاةً فقط للذهول بل أن افتقار القرار للتعليل القانوني المُسند استدعى خيبة وإحباط حقوقيين وقُضاة، والأهم قوّض آمال أهالي الضحايا بإحقاق العدالة لذويهم، كونه صادر عن أعلى مرجعية قضائية كان حرّي بها اللجوء إلى كل ما يسمح به القانون لتحقيق العدالة وبخاصة في جريمة كهذه، وليس التفتيش عن أدنى عذر للهروب من تحقيقها والذي أصبح وبكل أسف السمة الطاغية على القضاء اليوم”.
وفي التفاصيل وفقاً لبيان “متحدون”، فقد “ارتكز قرار ردّ مراجعة مخاصمة الدولة على سببين، أوّلهما مخالفة المحامي رامي علّيق من التحالف – المدعي مُقدّم المراجعة – التقيّد بأحكام المادة 745 أصول محاكمات مدنية التي – وفقاً لما جاء في القرار – تفيد بإبراز صورة عن التدابير الصادرة عن القاضي عويدات المطعون فيها، بينما وبالرجوع إلى نصّ المادة المذكورة لا نجد ما يُلزم بصورة صريحة إبراز صُوَر فوتوغرافية عن الأحكام أو التصرفات المشكو منها بل اكتفى نصّ المادّة المنوّه عنها على ما حرفِيّته: “تقدّم الدعوى بموجب استحضار موّجه إلى الدولة، ويجب أن يشتمل على بيان الحكم أو التصرّف الذي يشكي منه المدعي…” وبالتالي لو أراد المشترع من المدعي إبراز صورة عن هذه التدابير أو الأحكام لَنَصّ على ذلك صراحةً كما فعل في الكثير من المواد القانونية المنصوص عليها في قوانين أصول المحاكمات وغيرها. وبصورة استطراديه، كان باستطاعة محكمة التمييز، فيما لو أرادت، أن تكلف نفسها أو تحالف متحدون الاستحصال على صورة عن المحضر والإشارات المتعلقة به، مع العلم أن الإشارات الصادرة عن النيابات العامّة تصدر بصورة شفهية. أما محاضر التحقيق الأولية فهي محاضر سرية غير ممكن الحصول على صورها. واستطراداً أكثر، فهل يجوز لمحكمة التمييز أن تتذرّع بجهلها لحرفية مضمون التدابير في حين ضجّت وسائل الإعلام المحليّة والدولية بها، وبالتالي تمسّك محكمة التمييز بشكليّة عدم حيازتها لصورة فوتوغرافية عن محضر التحقيق وعدم الاطلاع على حرفية ما تضمنته التدابير الصادرة عن القاضي عويدات المطعون فيها لردّ مراجعة المخاصمة لهو معيبٌ معيبٌ معيب…”.
وتابع البيان: “أمّا السبب الثاني الذي ارتكز عليه القرار المفاجأة بردّ مراجعة التحالف بمخاصمة الدولة لخطأ عويدات الجسيم فهو إقدام محكمة التمييز على اعتبار التدابير المطعون فيها الصادرة عن القاضي عويدات مازالت عالقة للنظر بها أمام المحقق العدلي، منتهية إلى ردّ المراجعة للسبب المذكور. وإن نحو محكمة التمييز وفقاً لما تقدّم يطرح عدّة إشكاليات، أولها اعتبارها ضمناً أن التدابير المطعون فيها هي تدابير وإجراءات ممكن أن تكون غير متصلة بوقائع انفجار مرفأ بيروت وهو افتراض لا يمكن أن يتجرأ عاقل على النطق به. ثانياً، لقد اعتبرت محكمة التمييز ضمناً من خلال السبب الثاني الذي بنت عليه لردّ المراجعة بأن التدابير الصادرة عن عويدات المطعون بها ليست قرارات أو تدابير مبرمة يمكن تقييمها والتدقيق فيها لاستنتاج إهمال القاضي وخطأه الجسيم من عدمه، بل قامت محكمة التمييز بإعادة إخضاعها لمسألة التدقيق والتحميص من قبل المحقق العدلي، وهو مخالفة جسيمة ارتكبتها المحكمة المذكورة. وما يمكن التأكيد عليه واستنتاجه من خلال التعليل القانوني الذي طالعتنا به محكمة التمييز، هو على أحسن تقدير، جعل القاضي عويدات خصماً وحكماً في ملف التحقيق العدلي وهو ما لم تُدركه محكمة التمييز من خلال ما قضت به في قرارها المفاجئ”.

وختم البيان: “أقلّ ما يمكن تسجيله على القرار المذكور هو تمسّك الهيئة بشروط شكلية واهية لردّ المراجعة حبذا أن تكون قد حفظت ماء وجهها تجاه عويدات، في حين كان حريٌ على محكمة التمييز تحييد منطق محاباة الزملاء على حساب إحقاق العدالة العمياء، والتي سيبقى تحالف متحدون على موعد معها بانتظار صدور قرار التمييز اللبنانية بالمراجعة المقدمة أمامها من التحالف بموضوع طلب رد القاضي عويدات من مهامه كمدعي عام عدلي لعدم الاستقلالية ولعدم الحيادية، وبانتظار قرار التمييز أيضاً بالطعن المقدّم أمامها بوجه القرار الصادر عن الهيئة الاتهامية في بيروت القاضي بتصديق قرار قاضي التحقيق رفض تسجيل الشكوى الواردة إليه، والذي سيكون لتحالف متحدون موقف حاسم ونهائي لدى صدورهما على ضوء ما سيتضمنّاه، ويبقى الأمل كل الأمل بأن يكون للقضاء الشجاع الكلمة الفصل في معركة تنقية الجسم القضائي من بعض القضاء الفاسد”.
lebanon 24

مقالات ذات صلة