خصوم “العهد” ينتفضون: هذه “بدعة البدع”!
في معرض “تبرير” إرجاء الاستشارات النيابية الملزمة، استحضر الكثير من المحسوبين على “العهد”، والمؤيدين لرئيس الجمهورية ميشال عون، ومن خلفه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، فكرة “الميثاقية”، ليعتبروها “شرطاً ضرورياً” لتكليف رئيس الحكومة.
بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ عدم حصول رئيس الحكومة المكلّف على “دعم” الكتلتين المسيحيتين الأساسيّتين والوازنتين، أي تكتلي “لبنان القوي” (الوطني الحر)، و”الجمهورية القوية” (القوات اللبنانية)، لا ينبغي أن يكون مقبولاً، بل يشكّل “تجاوزاً” لإرادة الفريق المسيحيّ، في بلدٍ يقوم أساساً على “المناصفة”.
ومع أنّ كلّ التقديرات تشير إلى أنّ الحريري كان سيحصل أصلاً على أصوات أكثر من 20 نائباً مسيحياً، من أصل 64، فإنّ هؤلاء “يجتهدون” للقول إنّ هذه الأصوات غير كافية، لأن تيار “المردة” لا يختزل التمثيل المسيحيّ، شأنه شأن النواب المستقلّين، أو المنضوين في كتلٍ غير مسيحيّة، وصولاً لحدّ “ابتداع” فكرةٍ جديدة، عنوانها “الميثاقية المناطقية”.
“تفصّل على القياس”!
يجد الكثير من خصوم “العهد” في ما سبق “إهانة” كاملة المواصفات للعهد وللشعب في آنٍ واحد، أولاً لناحية “تصنيف” النواب الذين أتوا بموجب قانون انتخابي يعتبره “العهد” من إنجازاته، وثانياً لناحية “الاستسخاف” بكتلٍ نيابيّة، وتحويل “الميثاقية” إلى طبقٍ آخر “يفصَّل على القياس”، وكما يبتغي أصحاب المصلحة.
لكن، بمُعزَلٍ عن كلّ ذلك، ثمّة بين خصوم “العهد” من يستذكرون “تجربة” رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، الذي جاء تكليفه بـ “مباركة” الحريصين على “الميثاقية”، مع أنّه لم يحصل على “دعم” الكتل السنّية الأساسيّة، ولم يحُز ترشيحه على تأييد أيّ من الكتل السنّية الأساسية، على غرار كتلة “المستقبل” وكتلة “الوسط المستقل”، ولا حتى على النواب السنّة “المستقلين”.
يذكّر هؤلاء بأنّ الفريق السنّي الوحيد الذي سمّى دياب كان “اللقاء التشاوري” الذي لا يتخطى عدد نوابه الستّة، فضلاً عن كون عددٍ منهم منضوين في كتلٍ أخرى تتبع لمرجعيتي “حزب الله” و”حركة أمل”، علماً أنّ ثمّة من يؤكّد أنّ “الحجم التمثيلي” لهذا اللقاء هو أدنى من حجم تيار “المردة” مثلاً على المستوى المسيحيّ، لكنّ الأمر مرّ من دون افتعال ضجّة أو طنّة ورنّة، انطلاقاً من احترام مقتضيات الدستور.
المشكلة الحقيقية!
باختصار، يرى خصوم “العهد” أنّ هذه “الميثاقية” التي لجأ إليها البعض لـ “تشريع” تأجيل الاستشارات بغية “تلبية” مقتضياتها، ليست سوى “بدعة البدع”، وهي لا تعكس بأيّ شكلٍ من الأشكال واقع الحال الفعليّ، خصوصاً أنّهم أنفسهم لم “يكترثوا” لهذا الاعتبار حينما اختاروا تسمية حسّان دياب، متجاوزين الانقسام العموديّ حوله.
برأيهم، تبقى المشكلة الفعليّة والحقيقيّة أنّ الحريري اختار “تجاوز” باسيل، ولم يتواصل معه بشكلٍ مباشر، للاتفاق على التفاصيل، أو حتى العناوين، ما جعل الرجل “يمتعض”، “امتعاضٌ” ارتقى لمستوى “الغيظ” بعدما سمع عبر الإعلام أنّ رئيس الحكومة السابق اتصل برئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط للوقوف على خاطره، بعد هجوم الأخير عليه في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، من دون أن يعكس هذا المسار على غيره من الأفرقاء.
أما الحديث عن “تحالف رباعي” جمع “المستقبل” و”الاشتراكي” و”حزب الله” و”أمل”، وعزّز “هواجس” باسيل، الذي لم ينسَ بعد مفعول هذا التحالف الذي أتى على حساب المسيحيّين، فليس برأي خصوم الرجل، سوى “مطيّة” أخرى يستخدمها، وهو أكثر العارفين أنّ مثل هذا السيناريو يفتقد إلى الواقعية، أولاً لأنّ “الثنائي” لا يزال يكرّر معادلة أنه لن يعطي الحريري ما لم يُعطِه للسفير مصطفى أديب، وثانياً لأنّ الظروف مختلفة، والمقارنة لا تجوز.
إنّه باختصار، “أرنب الميثاقية” الذي بات من “عُدّة الشغل” اللبنانية. كلٌ يفهم “الميثاقية” على ذوقه، ويفصّلها على قياسه دون الآخرين، ووفقاً لمصلحته الخاصّة، متجاوزاً الدستور ومقتضياته، الدستور الذي ينبغي أن يبقى سيّد الأحكام، وفوق كلّ البِدَع، ولو اختار البعض صبّ جام غضبه عليه…
lebanon 24