قارورة الغاز إلى 11 دولاراً… للطهي على الحطب دُرّ!
كتب رمال جوني في “نداء الوطن“:
ما كان ينقص المواطن سوى أزمة غاز، والأخطر أن حلحلتها لم تكن الا بتسعيرة الجرّة بـ11 دولاراً، ما يعني ان الكارثة وقعت.
اذاً، 11 دولاراً هو السعر الجديد لقارورة الغاز، سعر سيؤثر حتماً على قدرة المواطن الذي بات يضرب أخماساً بأسداس، نتيجة عجزه عن تأمين لقمته فكيف بتأمين دولار “فريش” للغاز والبنزين وقريباً للمازوت؟
مجدداً، إشتعلت ازمة الغاز، هذه المرة من بوابة الشركات التي تريد تحرير سعره ليصبح وفق سعر الدولار الموازي، وليس وفق الـ17 ألف ليرة، ما دفعها للاقفال والامتناع عن تسليم الغاز للموزعين الذين أقفلوا بدورهم بعد نفاد مخزونهم، سيما وأنهم فوجئوا بخطوة الشركات التي جاءت على حين غفلة من أمرهم، في خطوة إعتبروها إستفزازية لهم خاصة وأنها لم تسلّمهم الا “من الجمل إدنه” يوم الجمعة، مع وعد بتسليمهم كميات إضافية يوم السبت، وإذ بها تعلن الاقفال ظهر الجمعة بشكل مفاجئ، ما أدى الى ازمة غاز غير متوقعة، ففرغ السوق من القوارير، وتعطلت اعمال المهنيين، وانقطع الاهالي من الغاز.
عاشت منطقة النبطية ازمة غاز، وهي التي لم تتخلص بعد من ازمة البنزين وطوابيره التي عادت مجدداً، إذ يقول الموزع عباس مدلج إن الشركة لم تسلمهم كميات كافية من الغاز ولم تعلمهم مسبقاً بخطوتها، معتبراً ان “هذه الأزمة أخطر من سابقاتها، اذ ستفرض البيع والشراء بالدولار الفريش، وستكون معضلة كبرى على المواطن الذي اكل الضرب، ما يدل على ان الليرة اللبنانية انتهت، طالما الدولة ستفرض التعامل بالدولار”.
ولا يخفي مدلج قلقه من تفاقم الازمة، فعلى ما يبدو لا غاز في السوق قبل نهار الاربعاء، في ما لو لم ترشح اي حلحلة مرتقبة على خط الازمة.
الازمة تتفاقم في الصيف وفي ظل حاجة الناس القليلة للغاز، فكيف على ابواب الشتاء حيث تتضاعف هذه الحاجة، إذ إن عدداً كبيراً يعتمد عليه للتدفئة، فكيف سيكون الحال، وهل سيستطيع المواطن دفع 22 دولاراً ثمن غاز شهرياً، فيما معاشه لا يتجاوز الـ35 دولاراً؟ ولو استغنى عن الغاز واستعاض عنه بالمازوت فالتنكة هنا تبلغ 14 و15 دولاراً، فهل سيكون قادراً على تأمين التدفئة له ولأولاده؟ ولماذا اختارت الحكومة رفع الدعم عن المواد الحياتية مع بداية فصل الشتاء والمدارس، من دون تأمين البدائل المطلوبة؟
يبدو ان المواطن يعيش تحت وطأة حكم قراقوش، كل شيء ضائع فيه، والبحث عن قارورة غاز داخله أشبه بالبحث عن ابرة في كومة قش “مش موجودة”، ما ادى الى ارتفاع ثمنها، بحيث سجلت في العديد من المحال 220 ألف ليرة وبعضهم باعها بـ240 ألفاً، ومن لا يملك المال فضّل الطهي على الحطب كبديل للغاز، لانه كما قالت نزيهة “ما تركولنا خيار تاني”. فرغت جرّة الغاز لديها، بحثت طويلاً من دون جدوى وبعضهم عرض عليها تأمينها بـ240 ألف ليرة، وهي لا تملك 100 ألف، فقررت الطهي على موقد الحطب لأنه “صحي أكثر، ويبدو اننا سنعتمده هذه الايام، فلا مال لدينا لتأمين الغاز والبنزين وفاتورة الاشتراك والمياه والكهرباء والطعام، وبالكاد يصل معاشنا الى 50 دولاراً، من اين نتدبر امرنا؟ هل نغرق بالدين أو نجد بدائل؟ لا خيار سوى الحطب، رغم أن الاخير ليس متوفراً كثيراً، ولكن افضل من غيره”.
ويشرح علي صاحب دكان لبيع الغاز ان الغاز لديه نفد بعدما تخلفت الشركة عن تزويدهم بالكمية المطلوبة، حاجة دكانه 60 قارورة صيفاً وحوالى 600 شتاء، غير ان الـ60 لا توفرها الشركة التي تعتمد نظام التقنين في التوزيع تمهيداً لرفع الدعم، مؤكدا أنه تكبد خسائر بالجملة جراء ارتفاعات الغاز الهستيرية، متسائلاً: كيف سنكمل العمل في هذه الظروف”؟
بالمقابل، أكد احد الموزعين أن مطاعم عدة انقطعت من الغاز والازمة قد تتعقد ما لم تفرج الشركة عن القوارير، ما سيوقع السوق في عجز كبير وسيخلق سوقاً سوداء من غير المستغرب حينها ان تصل القارورة الى 500 ألف ليرة طالما الكل يغني على ليل الازمة لحصد الارباح.
بالمحصلة، دخل الغاز على خط الازمة، ليلتحق بركب الازمات السابقة، لكن الازمة هذه المرة مست المواطن في الصميم، في طعامه، ما سيؤدي الى تضييق الخناق عليه أكثر، ودفعه، إما للعودة الى مواقد الحطب وهي ليست بالامر اليسير لكل الناس، أو الرضوخ للازمة لانه عاجز عن المقاطعة او الانتفاضة. وفي كل الحالات فإن الازمة ستخلص بنتيجة: قارورة الغاز بـ11 دولاراً، وكلما ارتفع الدولار ارتفع سعرها، و”عيش يا فقير”.