فيروس “دلتا اللبنانيّ”: هل فات أوان السيطرة؟
كتبت فانيسا مرعي في “الاخبار”:
22,2 % هي نسبة الملقّحين في لبنان بجرعتين، فيما نسبة إيجابية الإصابة بفيروس كورونا تتخطّى الـ8% (وصلت أمس إلى 8,3%). المقارنة بين الرقمين خاسرة، لأن نسبة التلقيح منخفضة جداً، ولأن أرقام الإصابات تسير بسرعة نحو… الخروج عن السيطرة، مترافقة مع تفلّتٍ من الإجراءات الوقائية.
اليوم، مع الارتفاع التدريجي والمستمر في عدد حالات الاستشفاء والدخول في الموجة الجديدة من انتشار متحوّر «دلتا»، ثمة قلق كبير من تدهور الوضع الصحي في الأشهر المقبلة، وما يعنيه ذلك من عجز في ظل الأزمة التي يعاني منها قطاع الاستشفاء.
الباحث في العلوم البيولوجية المسؤول عن فحوص pcr في مطار بيروت، الدكتور فادي عبد الساتر، أكّد لـ«الأخبار» أن «الوضع مُقلق، فلبنان فقد السيطرة على متحوّر دلتا وإقفال المطار يُعتبر إجراءً متأخراً في الوقت الراهن»، مشدداً على ضرورة فرض إجراءات صارمة على الوافدين غير الملقّحين واعتماد الحجر الإلزامي لهم.
فات الأوان؟ يتريث عبد الساتر في التصديق على تلك الخلاصة، إلا أنه يؤكد أن الوضع «لم يعد مريحاً»، خصوصاً أن كل نتائج الفحوص التي أجريت حديثاً أظهرت أن غالبية الإصابات في لبنان باتت «دلتا» تحديداً، بعدما كانت النسبة قبل شهرين، مع بداية انتشار المتحور، بحدود 70%. وهناك سببان أساسيان وراء الوصول إلى هذه المرحلة: «المطار وهو المسؤول الأول عن الموجة الجديدة، وعدم التزام الوافدين بالحجر والإجراءات الوقائية، وتقصير الأجهزة الأمنية في هذا الإطار».
يلفت عبد الساتر الى أن «عدد الإصابات المعلَن عنه يومياً ليس كبيراً»، لكنه «لا يعكس العدد الفعلي، لأن المصابين داخل الطائرة يمكن أن ينقلوا العدوى الى آخرين في الرحلة نفسها، ما يعني أن عدد الإصابات أضعاف المعلَن وربما أكثر». أضف إلى ذلك احتمال نقل الأطفال للعدوى، «فرغم أن الأطفال دون 12 عاماً لا يُجرى لهم فحص pcr ، الا أن ذلك لا يعني أنهم لا يُصابون ولا ينقلون الفيروس إلى آخرين».
من وجهة نظر مشابهة، يؤكد عميد كلية العلوم مدير مختبر كورونا في الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران أن «الإصابات بالمتحوّر اليوم باتت تفوق 90%». مع ذلك، يعوّل على اللقاحات التي «أثبتت الدراسات أنها تملك فعّالية ضد متحور دلتا بنسبة 83% للقاح فايزر ونحو 60% للقاح أسترازينيكا».
أما، كيف يحمي اللقاح من الفيروس؟ يشرح بدران، في هذا السياق، أن اللقاح يساعد على إدخال mRNA للبروتينات التاجية الى جسم الإنسان، وتقوم خلايا الجهاز المناعي بتجزئة هذه البروتينات إلى أجزاء صغيرة وتفرز مضادات ضدّ كل جزء منها، موضحاً أنه «لدى حصول تعديل جيني في الفيروس يتغير جزء من هذه الجزيئات وليس جميعها وبالتالي يصعب على المضاد التعرف إلى هذا الجزء تحديداً، ما يتسبب بتراجع فعّالية اللقاحات ولكن من دون خسارة كامل فعاليتها، كون التعديل الجيني هو في نقاط معينة فقط». وإذ يؤكد أن التعديل الجيني الكبير في البروتينات التاجية للفيروس يؤدي إلى خسارة كبيرة لفعّالية اللقاح، إلا أنه يطمئن إلى أن اللقاحات «لا تزال آمنة وقادرة». وثمة عامل إضافي يعزّز الشعور بالاطمئنان، وهو أن اللقاح «إضافة إلى المضادات الحيوية، يقوم بتحضير خلايا مناعية تحمل ذاكرة هذا البروتين التاجي، ويمكن لهذه الخلايا أن تؤمن عندها مناعة طويلة الأمد ضد فيروس كورونا. وفي حال الإصابة بالفيروس تظهر عوارض خفيفة، أي أنها تحمي المصاب من العوارض القوية والمتوسطة ومن دخول المستشفى». ولفت بدران الى أن أهمية الجرعة الثانية «تكمن في أنها تقوم بتنشيط الخلايا المناعية للتفاعل ضد الفيروس الذي سبق أن تعرفت إليه في الجرعة الأولى، وبالتالي التخلّص منه قبل ظهور العوارض القوية»، موضحاً «أن وظيفة الجرعة الأولى تؤمّن مضادات من نوع IgM التي تبقى في الجسم لمدة أسبوع، كما تؤمّن القليل من مضادات نوع IgG ، أما الجرعة الثانية فتساعد في فرز مضادات IgG بكميات كبيرة، إضافة إلى مضادات من نوع IgA التي تؤمّن حماية لمدة أطول من الإصابة».
وبعد الجرعتين، تبقى المضادات في الجسم حوالى 4 أشهر، علماً أن «حياة» المضادات تختلف من شخص إلى آخر و«لكن حتى بعد مرور أشهر طويلة على تلقّي جرعتَي اللقاح يمكن للخلايا المناعية التذكّر وفرز مضادات خلال 24 أو 48 ساعة في حال الإصابة».