اخبار بارزةلبنان

التفلت من فاجعة عكار بالسجال السياسي ومخاوف من فتنة طائفية

كأن الفقراء في عكار لا يكفيهم الشقاء وشظف العيش حتى يكتوون بنار خزان الوقود ظلما، وكأنهم مواطنون بلا قيمة وعليهم دفع ثمن إهمال الدولة بالعراق والدم ثم يصار إلى ضياع حقوقهم بسجال لا طائل منه وبتقاذف التهم دون جدوى.

يبرز توحش النظام اللبناني عبر تعامل الدولة ونهجها المزمن القائم على الإهمال والابتزاز في آن واحد، كلام معسول وعواطف جياشة ضمن خطابات رنانة طيلة عقود دون التفكير الجدي والعميق بكيفية تحسين ظروف العيش وإيجاد فرص للانماء. وحده العهد الشهابي تنبه للأمر وقام بانشاء مصلحة الانعاش الاجتماعي وقامت بخطوات أولية في تحسين الواقع المعاش، وما عدا ذلك لا شيء سوى استغلال سياسي في المواسم.

محنة عكار مع الدولة بدأت منذ تأسيس الكيان الحالي وحرمان الريف ودفع سكانه صوب الهجرة للداخل او للخارج، لكن انفجار التليل كشف بالدليل القاطع نهج الزبائنية في علاقة المنطقة مع الدولة، وهي شبكة متعددة الاختصاصات السياسية والأمنية وحتى الإدارية ولا تتوانى عن استغلال أزمات الناس من أجل جني المكاسب والأرباح على انواعها.

انفجار التليل دفع بالماساة نحو الواجهة، لناحية سيطرة العدم وطغيان الظلم في أدنى الخدمات الاستشفائية ما جعل الضحايا يحترقون مرارا، بنيران القهر والشعوز بالحاجة حتى الذل والاستعطاف ثم بلهيب الفساد والجشع، ثم اخيرا بأنين الألم بانتظار تلقي العلاج بعدما انقطعت السبل لساعات حتى تأمن نقل الجرحى إلى مستشفيات طرابلس وبيروت.

لكن ما هو أفظع واشد ايلاما هو إنكار الدولة من جديد وانصراف المسؤولين إلى تقاذف التهم وأبعاد الشبهة بالسجال السياسي، ما يشير حكما إلى نية مبيتة لتمييع التحقيق على غرار انفجار بيروت، فحتى الان ليس من خطوات جدية تميط اللثام عن الحقيقة بتفاصيلها وسوق المتهمين إلى العدالة.

أمام تخلي الدولة عن مسؤوليتها وفي ظل هذه الفوضى العارمة، تبرز مخاوف جدية من فتنة تطل برأسها من مخزن التليل المحترق قد تشعل نارا أشد فتكا خصوصا في ظل الغضب والاحتقان الشعبي والذي قد يتجاوز محاولات الانتقام من متورطين محتملين إلى وضع عكار في فم التنين الطائفي والمذهبي بعدما كانت لعهود مثالا للعيش الوطني الواحد.
lebanon24

مقالات ذات صلة