هل ينزلق لبنان الى الفوضى الأمنيّة؟
كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:
من باب حثّ المسؤولين على انجاز الاستحقاقات الدستورية او استنادا الى وقائع ومعلومات استخباراتية تتوافر لديها، لا تخفي جهات سياسية خارجية قلقها من احتمال انزلاق لبنان في لحظة ما الى فوضى اجتماعية تتخذ سريعا طابعا امنيا ينتشر كبقعة زيت على مساحة الوطن، قد تسعى اليه بعض الجهات التي ترصد البيئات الخصبة لتنفيذ مشاريعها. وتؤشر في السياق الى التزامن المريب لعمليات اقتحام المصارف الاسبوع الماضي وما نتج عنها من خلل امني ومواجهات بين ناشطين واجهزة امنية تمكن الجيش اللبناني من ضبطها، واعلن وزير الداخلية بسام المولوي ان جهات معينة تقف خلفها من ضمن خطة محكمة التنظيم بحسب تقارير الوزارة. موجة الاقتحامات معطوفة على ضبط الجيش خلية القرعون الداعشية وتلك التي اوقف الجيش 5 من افرادها في طرابلس ما زالت الاجهزة الامنية تحقق معهم ، وانتشار الجريمة المنظمة وموجة السرقات غير المسبوقة في المناطق، اضافة الى ما قد تتسبب به الاشكاليات الدستورية ميدانيا، ان لم تُشكل حكومة اصيلة وينتخب رئيس جمهورية، تعزز فرضية اهتزاز الاستقرار الامني في البلاد، في ظل فوضى اجتماعية ناجمة عن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وتبعا اليه، اسعار المحروقات والسلع والمواد الغذائية. وفي معرض تثبيت وجهة نظرها، تشير الى مسارعة حزب الله الى ممارسة ضغوطه على القوى المعنية بملف تأليف الحكومة لاخراجها من عنق زجاجة المناكفات، بعدما تولدت قناعة بأن ولادتها شبه مستحيلة، نتيجة استشعاره ذبذبات الخطر الامني ورصد اشارات في اتجاه انفجار ما قد ينتهي بإطاحة مشروعه، قبل اطاحة ما تبقى من دولة لبنان.
الجهات عينها تكشف لـ “المركزية” ان انباء بلغتها ان حزب الله، غير راض عن السيناريوهات التي يعدّها بعض افرقاء السلطة، وتحديدا حليفه التيار الوطني الحر، في مواجهة احتمال عدم تشكيل حكومة، وليس اقلها سحب وزرائه من الحالية، او بقاء الرئيس ميشال عون في بعبدا ما قد يفضي الى تكرار مشهد العام 1990 ويقضي على التوازن السياسي في البلاد ويصيب الاستقرار الامني في مقتل. الخشية اياها تؤكد انها خلف الضغط الدولي المتنامي على المسؤولين لتأليف حكومة وانتخاب رئيس جمهورية في المهلة الدستورية، لأن الفوضى الامنية، ان عمت البلاد، سيدفع اللبنانيون ثمنها غاليا جدا، في لحظة دولية واقليمية غير مناسبة اطلاقا للتفرغ الى معالجة وضع لبنان.
المخاوف هذه لها ما يبررها، تقول مصادر امنية لـ”المركزية”، الا ان الواقع الامني ما زال مضبوطا بفعل العين العسكرية الساهرة عليه وانكباب قادة المؤسسة على رصد اي تحرك من شأنه الاخلال بالأمن لوأده سريعا بدليل ما حصل مع خلية القرعون التي تمكن الجيش من احكام القبضة عليها، حائلا دون تمددها واستقطاب المزيد من الشبان اليها مستغلة الواقع الاجتماعي الصعب الذي يشكل البيئة الافضل لها للتنامي والتكاثر، فيما سيتم الاعلان قريبا عن انجازات اخرى تتصل بملاحقة تجار المخدرات في البقاع الشمالي . اما ما يتردد عن خلية مماثلة في الشمال، فتؤكد المصادر ان التحقيقات لم تفض حتى الساعة الى اي ارتباط لهذه المجموعة التي تم توقيفها منذ ايام، بتنظيمات ارهابية، وان دافعها السرقة لا اكثر.
عن اقتحامات المصارف، لا تشاطر المصادر وزير الداخلية رأيه بأنها عملية منظمة ، اذ تعتبرها تقاطعا لا اكثر، بين مودعين، وعددهم لا يتجاوز الخمسة خلافا لما اشيع، جذبتهم نتائج اقتحامات سابقة لجهة الحصول على الودائع، فقرروا الاقدام علّهم يحصّلون اموالهم. وتعتبر ان طريقة التعاطي الامني مع هؤلاء ليست منصفة فلا هم مجرمون ولا قتلة ولا لصوص، ولا يجوز التعامل معهم على هذا المستوى، هم اصحاب حق، ولئن حاولوا تحصيل حقهم بالقوة.
باختصار، تطمئن المصادر، الى ان قادة الاجهزة الامنية والعسكرية يعون خطورة المرحلة وحراجتها ويواكبونها عن كثب، بعيدا من الضوضاء السياسية ، ويتجنبون الخوض في نقاشات الاستحقاق الرئاسي وما يتفرع منه، وقد أعدوا اكثر من سيناريو للمواجهة، ان وُجد ثمة من يرغب بهزّ الاستقرار…