إنهيار كليّ… قطاع يخشى “الإعلان الأخير”
كتبت مريم في موقع mtv:
“انهيار كلّي”، هكذا يوصف واقع قطاع الإعلانات في لبنان بحيث تراجعت عائدته في السنوات الثلاث الأخيرة 95 في المئة.
فقطاع الإعلانات الذي أدخل ما يُقارب 193 مليون دولار عام 2018، بدأ مع بداية ثورة 17 تشرين يشهد تراجعاً وبلغت عائداته 120 مليون دولار في الـ2019.
التراجع شهد ذروته في العام 2020: تفاعلت الأزمة الاقتصادية واشتدّت مع تعثّر المصارف وارتفاع سعر الصرف وتبّدل أولويات اللبنانيين. وأتت جائحة كورونا لتشكّل الضربة القاضية وتؤدي إلى انهيار القطاع كليًّا.
يجزم رئيس نقابة أصحاب وكالات الدعاية والاعلان جورج جبّور أنّه لا يمكن تقدير مداخيل الإعلانات في الـ2020 نتيجة أسعار الصرف المتعدّدة، إلّا أنّ النقابة تقدّرها بـ10 مليون دولار.
ويصف جبّور، في حديثه لموقع mtv، تراجع عائدات القطاع إلى 5 في المئة بـ”الانهيار الكلّي” الذي استمرّ في العامين 2021 والـ2022.
لكنّ انتخابات أيار 2022 خلقت فرصة للوسائل الإعلامية لترفد ميزانيتها نسبيًّا.
يُقدر جبّور الإنفاق والاستثمار الانتخابي بالنسبة الى وسائل الإعلام بحوالى 20 مليون دولار، وبالنسبة الى اللوحات الإعلانية بحوالى 7 إلى 8 مليون دولار.
واقع قطاع الإعلانات، ليس أفضل حال من القطاعات الأخرى لا بل هو أسوأ. فبمنطق إدارة الأزمات، تلجأ الشركات كخطوة أولى إلى تقليص مصاريفها على الحملات الإعلانية. وهذا تماماً ما حصل نتيجة الأزمات في لبنان.
ويُعدّد جبّور أنواع الزبائن الثلاثة التي تستثمر في الإعلانات في السوق اللبناني، قائلاً: “الزبون الأوّل كان المصارف والتي استثمرت بمبالغ طائلة قبل الأزمة واليوم توقف هذا الاستثمار. الزبون الثاني هي الماركات العالميّة والتي تواجه صعوبة في الاستثمار في لبنان نتيجة ارتفاع أسعارها وتبدّل أولويات اللبنانيين، فالسوق اللبناني تحوّل بمعظمه من الولاء للعلامة التجاريّة (Brand Loyalty) إلى البحث عن المنتج الأدنى سعراً (Price Oriental). أمّا الزبون الثالث، فهو الشركات والمؤسسات والمصانع المحليّة التي تلقى منتجاتها المصنّعة محليّاً إقبالاً كبيراً والتي تعمد إلى تصدير قسم من إنتاجها خارج لبنان للاستفادة من العملة الصعبة”. ويضيف: لم يعدّ للزبائن المحلييّن حاجة ملحّة للإعلانات فسوقها “ماشي”.
في 26 تموز 2020 أطلقت نقابة أصحاب وكالات الدعاية والاعلان حملة “أنا أعلن” لتحفيز المعلن وخلقت تحفيزات ورزم إعلانية بأسعار مقبولة، إلّا أنّ هذه الحملة انفجرت مع انفجار 4 آب.
“ما هو الحلّ اليوم؟” نسأل جبوّر، فيجيب: “أمس الأوّل دعيت النقابة إلى اجتماع للبحث في الحلول، ومن الصعب إيجاد الحلّ”. ويضيف: “تُحاول الشركات خلق أسواق جديدة وتحديداً في الخليج من خلال تطوير أقسام الإبداع فيها وصقل مهارات موظفيها ليواكبوا متطلّبات الأسواق الأخرى، وقد ساهمت جائحة كورونا في تسهيل عملية العمل عن بعد”.
ويردف: “ما ينطبق على الأقسام الإبداعية لا ينطبق على الوسائل الإعلامية التي تُنازع أصلاً. مع استمرار الأزمة لا يمكن للسوق اللبناني أن يُنتج كم في السنوات التي سبقت الأزمة والحلّ يكون بالتعافي وتحريك العجلة الإقتصادية ورفع مستوى معيشة المستهلك ليعود قطاع الإعلانات إلى سابق عهده”.
رغم كل الصعوبات والتحدّيات يُحاول اللبناني خلق فرص في وطنه وخارجه حتى لا يأتي اليوم الذي يُعلن فيه الإعلان الأخير، إعلان نهاية لبنان واللبنانيين.