كباشٌ وعراك.. مَن يحصل على ربطة خبز أولاً؟
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
أزمة الخبز الى الواجهة… والرغيف يسلك رحلة رفع الدعم الاخيرة بعد تشظي كل محاولات ترقيعه وتخييطه، فانفجرت الأزمة. عادت ازمة الخبز الى الواجهة، ما إن انتهى «فيلم» الانتخابات الذي جمَّد الازمات في الثلاجة، حتى انفجرت ازمة الرغيف. اختفى رغيف الفقراء من الاسواق، في ازمة لم تكن مفاجئة، بل لطالما حذر منها وكيل أصحاب المطاحن في الجنوب علي رمال ومن خلفه عضو نقابة اصحاب الافران علي قميحة، فالازمة الطارئة تحمل في طياتها رفع الدعم، آخر مسمار في نعش دعم رغيف الفقراء ومن بعدها ستصبح الربطة بـ35 الف ليرة.
فجأة، فقد الخبز من الاسواق، اختفت لقمة الفقير عن رفوف الدكاكين. في منطقة النبطية، وجد الناس صعوبة في ايجاد ربطة خبز. بحثت ميرا طويلاً عن الخبز في دكاكين النبطية، وحده الجواب «ما في خبز»، ما اضطرها لشراء خبز التنور بـ٥٠ الف ليرة، ليست ميرا وحدها من تأثر بأزمة الخبز الطارئة، ايضا اصحاب المطاعم الذين تضررت اعمالهم بسبب نقص الرغيف. في محله الصغير عند مدخل حاروف ينهمك ابو رامي في بيع الفلافل، بالكاد تمكن من توفير 6 ربطات خبز لمحله، وهي لا تكفي لسد حاجة زبائنه، ويخشى الّا يجد رغيفه غدا ليعمل، يتأفف من الوضع، يستعيد مشهد ازمة الرغيف في ثمانينات القرن الماضي، حين دكت الحكومة حصون الفقراء بلقمتهم، فانفجر الشارع.
بالطابور وقف الناس لشراء ربطة خبز باتت غير متوفرة في السوق، وتتوفر بالقطارة داخل الفرن الوحيد الذي ما زال يعمل في منطقة النبطية، كباش، عراك، صراخ، سباق من يحصل على ربطة وحيدة تقيه شر الجوع، فرغيف الخبز دخل اسوأ مرحلة في تاريخه، ومهدد بالانقطاع غداً ما لم تتخذ الحكومة قرار البقاء على دعمه او رفعه، والا سيدخل لبنان اسوأ ازمة خبز في تاريخه، وسيصبح الرغيف غير متوفر الا في السوق السوداء. بحرقة يقول احمد «شو عملو فينا، وصلونا نشحد ربطة الخبز»، ويعلق آخر «اعادونا الى مشهد الذل بعدما اخذوا اصواتنا»، في حين اعتبر محمد ان فقدان الخبز بمثابة قتل الفقراء عالبطيء، فهناك شريحة واسعة تعتمد على الرغيف في اكلها، بعد تعذر توفر باقي السلع. لم تكن مفاجئة ازمة الرغيف ولا مشهد الطوابير، فهذا السيناربو كان متوقعاً بمجرد انتهاء «فيلم» الانتخابات الذي شكل «ابرة بنج» موقتة قبل الانفجار الكبير، وما عودة الازمة الا اولى بشائر الازمات التي ستنفجر تباعاً. غدا سيكون ملف الرغيف على طاولة مجلس الوزراء في آخر جلسة له قبل دخولها في تصريف الاعمال، لاتخاذ قرار رفع الدعم من عدمه، رغم ان كل المؤشرات تؤكد ان المواطن سيكون أمام سيناريوين إما فقدان الرغيف أو ربطة الخبز بـ35 الف ليرة فأي الخيارين ستسلك الحكومة غداً؟
يتخوف عضو نقابة اصحاب الافران علي قميحة من الاسوأ، اليوم صباحاً ينفد مخزون فرنه، وحينها لا خبز نهائياً في السوق، قميحة الذي حذر مراراً وتكراراً من هذا المشهد، يؤكد أن الازمة دخلت نفقاً خطيراً، وقد نشهد كباشاً وصدامات في الشارع بسبب الرغيف. يستبعد قميحة دعم مصرف لبنان للرغيف، فهو يرى الازمة بمثابة ورقة ضغط جديدة على الناس، وهي تعد اخطر ورقة لانها تمس المواطن بلقمة عيشه، ما يهدد أمننا الغذائي. 80 بالمئة من دكاكين النبطية ومحالها فقدت الخبز ووجد المواطن صعوبة في ايجاد رغيفه، مع توقف 12 مطحنة عن العمل وتتجه الـ7 الباقية الى التوقف بعد نفاد الطحين المدعوم من مخازنها، وتوقف مصرف لبنان عن خطة دعم الطحين بتقاعسه عن فتح اعتمادات الدعم.
هل تفجّر ازمة الرغيف الشارع؟ هل ترفع الحكومة غداً الدعم عن رغيف الفقراء؟ سيناريوهان لا ثالث لهما امام الحكومة في جلستها الاخيرة غداً، إما حث مصرف لبنان على فتح اعتمادات دفع الطحين، أو رفع الدعم، وفيما تؤكد كل المؤشرات ان رفع الدعم سيكون الحاضر الابرز فإن ذلك سينعكس حكماً على لقمة الفقير وقد باتت في مهب الريح.
حتى الرغيف «سيّسوه» وادخلوه في طابور الصراعات الدائرة بين مصرف لبنان والحكومة ومن خلفهما المطاحن، ما افرز ازمة خطيرة تهدد رغيف الفقراء. فهل تفجر ربطة الخبز الشارع ام يعتاد المواطن على ربطته بـ35 الف ليرة؟