الدولار الأسود يُرخي بثقله على إدارة النفايات: الكلفة ترتفع من 52 ألف ليرة إلى 750 ألفاً
كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:
لا يقتصر إنعكاس التسعيرة السوداء للدولار في لبنان على حياة اللبنانيين اليومية، بل يكاد يهدد بعرقلة مشاريع إنمائية بارزة في بعض المناطق، بعدما شلّ مجمل مخططات البلديات لمشاريع مستدامة في مناطقها، بحيث بات بعض التعثر يهدد بإلحاق الضرر بمصالح المواطنين وبيئتهم، ما لم تطرأ تطورات تمد البلديات ومشاريعها بدولار طازج، غالباً ما يكون مصدره الجهات المانحة، في سعيها لمساعدة المجتمعات المستضيفة للنازحين السوريين.
في زحلة، المدينة التي حققت تقدماً إنمائياً على اكثر من صعيد، تمثل خصوصاً بحسن إدارتها لنفاياتها ومياه الصرف الصحي، آخذة على عاتقها رفع التلوث ليس فقط عن نطاق بلديتها، ولكن أيضاً على مستوى قرى القضاء التي تعالج جميعها نفاياتها في مطمر زحلة الصحي، تبدو المخاطر جاثمة على الأبواب.
فبلدية زحلة – معلقة وتعنايل لا تزال تتقاضى 13 دولاراً فقط عن معالجة كل طن نفايات يصلها من قرى الجوار، وعددها حاليا 26 قرية. هذا الإجراء المعمول به منذ سنة 1999، يحتسب سعر صرف الدولار على السعر الرسمي المحدد بـ 1500 ليرة، أي حوالى 19 ألف ليرة عن كل طن نفايات يدخل المطمر. هذا المبلغ على رغم ضآلته كان يغطي حتى ما قبل نهاية سنة 2019 جزءاً لا بأس به من الكلفة التشغيلية للمطمر، والتي قدرت حينها بـ18 دولاراً. علماً أن كلفة تشغيل المطمر تتضمن شقين الاول تشغيلي وحدد بـ18 دولاراً والثاني إنشائي وحدد بـ17 دولاراً، مما يجعل الكلفة الفعلية لإدارته تصل الى 35 دولاراً.
وفقاً للإتفاقات السابقة مع بلديات القضاء، كان يفترض أن تنقل نفاياتها كما هي مع كل ما يمكن تدويره بداخلها الى مطمر زحلة الصحي، وذلك يوفر مبلغاً إضافياً يسهم بتغطية الجزء المتبقي من الكلفة التشغيلية. إلا أن ذلك لم يحصل، بل إستمرت النفايات تصل بعوادمها وموادها العضوية فقط، فيما تغاضت البلديات عن قصد أو من دونه عن تفريغ النفايات من موادها الممكن تدويرها، ما وسع هامش الفرق بين الكلفة الحقيقية والرسوم المسددة من قبلها للمطمر الصحي.
إلا أن بلدية زحلة التي تصرفت كأخ أكبر يتحمل مسؤولية قرى القضاء التي يتشارك معها الهواء والمياه الجوفية، تمسكت بإستقبال نفايات هذه القرى. ويؤكد رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب في هذا الإطار، أن قرار حمل العبء عن القضاء ناتج عن قناعة مستمرة من المجلس البلدي. إلا أن المعضلة الكبرى في إدارة المطمر وقد بدأت ترخي بثقلها حتى على ميزانية البلدية، وتحرم مكلفيها من خدمات إنمائية أساسية، بدأت مع خسارة الليرة اللبنانية لقيمتها الشرائية. وفي وقت لا تزال مداخيل البلدية بالعملة الوطنية وهي لم ترتفع، إرتفعت كلفة معالجة طن النفايات الى 750 ألف ليرة حالياً، قياساً الى سعر صرف الدولار في السوق الموازية، والذي يدخل في مجمل العملية التشغيلية للمطمر، وحتى في أجرة العاملين وقد إرتفعت من 15 الف ليرة الى أكثر من مئة ألف.
وواكب ذلك ايضاً إرتفاع في كميات النفايات المرسلة الى المطمر الصحي، بسبب أزمة النزوح السوري التي رفعت الكمية المعالجة في مطمر زحلة الصحي من 170 الى 200 ألف طن يومياً، الى 280 و300 ألف طن، أي بنسبة 40 بالمئة يومياً.علماً أن مجمل المبلغ الذي تتقاضاه بلدية زحلة من بلديات الجوار قد لا يكفي لشراء أربعة دواليب لآلية واحدة من الآليات المستخدمة في عملية الطمر.
ومن هنا يقول زغيب، إن بلدية زحلة هي بصدد التواصل مع مجمل بلديات الجوار للخروج بحل مشترك في ما بينها، تتمسك زحلة من خلاله بحمل العبء عن بلديات الجوار بالكلفة المحددة سابقاً بنسبة 60 بالمئة من مجمل نفاياتها المرسلة الى المطمر، على أن تجد آلية تشرك الهيئات والمنظمات الدولية المانحة، في تغطية الكلفة الفعلية لمعالجة الكميات الإضافية الناتجة عن عبء النازحين السوريين في معظم القرى.
وهذا الحل يبدو الأنسب وفقاً لزغيب، لافتاً الى أن مداخيل البلديات لم تتبدل، بينما المنظمات الدولية قادرة على توفير الدولار الطازج الذي ينفق على كافة مرافق إدارة شؤون النازحين في لبنان ولا بد أن تضع النفايات من ضمن أولوياتها.
بغير هذا الحل، يقول زغيب إن بلدية زحلة لا يمكنها ان تتخلى عن مسؤوليتها في الحفاظ على النظافة اولاً، ولكن ذلك يضعها تحت أعباء ثقيلة تحرم زحلة من حاجات إنمائية كثيرة. لافتاً أيضاً الى أهمية أن تأخذ الدولة اللبنانية دورها، وخصوصاً من خلال تسديدها كلفة تعهدات تشغيل المطامر التي تكفلت بها منذ سنة 2018، مشيراً الى أن الدولة مقصرة حتى الآن بتسديد أموال المتعهدين، وحتى عندما قررت أن تدفع جزءاً من هذه المستحقات في بداية سنة 2021، كان المبلغ المسدد بالعملة اللبنانية ويشمل تكاليف التشغيل منذ سنة 2018 حتى بداية سنة 2020 قد فقد قيمته بالنسبة للتكاليف الفعلية بالعملة الأجنبية