عرب وعالم

التايمز: “سحر أردوغان” تلاشى أمام بايدن

رأت الكاتبة البريطانية المُتخصّصة في الشأن التركي هانا لوسيندا سميث أنه بعد سنوات من التودد لروسيا والتقرب من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه في مُواجهة مرحلة شاقة مع الرئيس الجديد جو بايدن.

وكتبت سميث، في صحيفة “التايمز” البريطانية: “لا تبدو هذه بداية جيدة على الإطلاق، إذ رغم المبادرات التي قدمها لبايدن، والوفود التي أرسلها من أنقرة، وتعيين سفير تركي جديد في واشنطن، فإن المؤشرات ضئيلة للغاية على أن أردوغان سينجح في بناء علاقات جيدة مع الحكومة الأميركية، الأمر الذي أعرب علانية عن رغبته في تحقيقه”.
اتصال رسمي محدود
لم يتحدث الرئيس الأميركي بايدن مع نظيره التركي حتى الآن. وكان الاتصال الرسمي الوحيد بين الإداراتين الأميركية والتركية منذ تولّي بايدن منصبه، في 8 كانون الثاني الماضي، واقتصر على اتصال هاتفي في الأسبوع الماضي بين جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، وإبراهيم قالين، المتحدث باسم أردوغان، والذي تناوله الإعلام الحكومي التركي على نطاق واسع.

يوم الجمعة الماضي، قال جون كيربي، السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون، إن إدارة بايدن لن ترفع العقوبات المفروضة على تركيا بسبب حصولها على نظام الدفاع الصاروخي الروسي “إس 400″، إذا لمم تتخلص تركيا منه.
موقف “لا يُحسد عليه”
وأضافت سميث “هناك مؤشرات على أن الهجوم الساحر التركي، لمغازلة إدارة بايدن، بدأ يتلاشى. وفي الأسبوع الماضي، اتهم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الولايات المتحدة بالضلوع في مُحاولة الإنقلاب الفاشلة ضد أردوغان في 2016، ما دفع وزارة الخارجية الأميركية إلى دحض هذه الإتهامات، والتي قالت إنه “لا أساس لها من الصحة وغير مسؤولة”.
وحسب الكاتبة “يجد أردوغان نفسه في موقف لا يُحسد عليه مع واشنطن، ففي جلسة الإستماع التي شهدها مجلس الشيوخ، قبل المصادقة على تعيين أنتوني بلينكين وزيراً للخارجية، اعتبرت تركيا وإيران، وكوريا الشمالية، وروسيا، والصين دولاً “تتطلّب” اهتماماً فورياً”. كما اعترف بلينكين بضرورة الحفاظ على تركيا في صف حلف شمال الأطلسي الناتو، ولكنه وصفها بـ”الحليف صعب المراس”.
ونقلت سميث عن بلينكن، أن “بايدن وعد بالتعامل مع السلوك التركي، الذي ينتهك القانون الدولي، أو يتناقض مع التزاماتها عضواً في الناتو”، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية ستعود للاهتمام بحقوق الإنسان وسيادة القانون، في العلاقات الثنائية بين البلدين.
إمكانية فرض عقوبات جديدة
من الناحية العملية، يُرجح أن هذا التوجه يعني فرض المزيد من العقوبات على تركيا، إذا وقعت معاهدة تبادل تسليم المطلوبين مع الصين، والتي ستُؤدي إلى إعادة الإيغور الذين يعيشون في المنفى قسراً إلى الصين”، حسب سميث.
وذكرت، أن التحقيق مع “بنك خلق” التركي الحكومي، والمُتّهم بتسهيل التفاف إيران على العقوبات بالتواطؤ مع حكومة أردوغان، يُمكن أن يُفتح مرة أخرى، بعد قرار ترامب تجميد التحقيقات، بناءً على طلب أنقرة.
وأكد خبراء أن اقتراح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، لحل أزمة نظام الدفاع الصاروخي الروسي “إس 400” بالطريقة نفسها، التي سبق من خلالها التعامل مع شراء قبرص أسلحةً روسية في التسعينيات، وأعادت بيعها إلى اليونان، واحتُفظ بها في جزيرة كريت، لاستخدامها في المناورات، لن يكون كافياً لإصلاح العلاقات المتوترة بين الطرفين.
مأزق خطير
ونقلت الصحيفة عن بولنت أليريزا، خبير العلاقات التركية الأمريكية على مدار 3 عقود في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، أن “الصداقة بين ترامب وأردوغان أدت إلى إخفاء الانقسامات في العلاقات الأمريكية التركية، ولكن هذه الفجوات اتّسعت بشدة في الأعوام الماضية”، مُضيفاً أن “مع رحيل ترامب، أصبحت العلاقة بين البلدين في مأزق خطير. تستطيع تركيا أن تستمر في التعامل مع روسيا إذا أرادت، ولكنها لن تستطيع ذلك، إذا كانت تُريد الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة والناتو في عهد بايدن”.
ويصف أليريزا نظام الدفاع الصاروخي الروسي “إس 400” بمجرد “عرض مُرض، دفع تركيا، للمضي قدماً في طريقها، حيث يعتقد أردوغان أن التواصل مع بايدن سيؤدي إلى إصلاح الأمور، ولكن ذلك لن يحدث. كانت هناك تكهّنات بوضع تركيا في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية في عهد بايدن. والآن، أصبحت الخطوط العريضة واضحة”.
مغامرات خارجية
وأشارت إلى أن أردوغان لجأ إلى مغامرات خارجية، بإشعال الخلافات القديمة بين تركيا، واليونان وقبرص، في شرق البحر المتوسط، وبحر إيجه، ومع أرمينيا في إقليم ناغورنو قره باخ المُتنازع عليه، حيث دعم الجيش التركي أذربيجان لاستعادة جزء كبير من الأرض، في الوقت الذي تُعارض فيه الإدارة الأمريكية الجديدة ما تقوم به تركيا في تلك الساحتين.
محاولة إصلاح
وأضافت أن الأزمة الإقتصادية المُتصاعدة التي يُعاني منها أردوغان دفعته إلى محاولة إعادة بناء الجسور مع الحلفاء الغربيين الذين انقطع عنهم في السنوات الماضية.

ورأت سميث أنه “يتعين على أردوغان بذل المزيد من الجهود لإصلاح ما أفسدته سياساته في السنوات الماضية”.

المصدر: موقع 24

مقالات ذات صلة