أجواء رمضان بين بيروت والقاهرة وسط حرب أوكرانيا.. تقريرٌ يسردُ الواقع
نشرت الأسوشيتد برس تقريراً جاء فيه: أعلنت السعودية ودول أخرى ذات أغلبية مسلمة، من بينها مصر والإمارات، أن شهر رمضان بدأ اعتباراً من اليوم السبت.
لكن الحرب المستعرة في أوكرانيا، متسببة في رفع أسعار المحروقات والغذاء في كثير من الدول العربية، ألقت بظلالها هذا العام على أقدس الشهور الإسلامية، التي تعد خلالها التجمعات الواسعة والاحتفالات الأسرية من ابرز تقاليد هذا الشهر.
وكان كثيرون يأملون أن يكون رمضان أكثر سعادة، بعد أن حرمت جائحة فيروس كورونا ملياري مسلم حول العالم من طقوس شهر الشهر المبهجة خلال العامين الماضيين. ولكن بدلا من ذلك، وجد كثيرون حتى الأشياء الأساسية باتت باهظة الثمن هذا العام.
بيروت – لبنان
في بيروت، كانت الاحتفالات صامتة وعبر كثيرون عن صدمتهم من ارتفاع الأسعار، التي تصاعدت بشكل أكبر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا الشهر الماضي.
يواجه اللبنانيون أسوأ أزمة اقتصادية في بلادهم على مدار العامين الماضيين، حيث انهارت العملة وسقطت الطبقة الوسطى في البلاد في براثن الفقر.
وأدى الانهيار الذي حدث في هذا البلد المتوسطي الصغير إلى نقص حاد في الكهرباء والوقود والأدوية.
وإلى ذلك، قال محي الدين بازازو، الذي يمتلك محلا للبقالة في منطقة زقاق البلاط في بيروت: “الوضع ليس مثل كل عام، لأن معظم الناس ليس لديهم كهرباء لشراء الأشياء من أجل تخزينها والاستعداد لرمضان”.
وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تفاقم البؤس، ودفع التضخم والأسعار إلى أعلى، وكان العديد من الرفوف في متجر بازازو فارغة عشية رمضان.
كذلك، لفت بازازو إلى أنه “يكافح حتى للحصول على الدقيق وشرائه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة”.
بدوره، قال حسن إبراهيم، وهو متسوق، إنه لا يستطيع مواكبة الأسعار، وأضاف: “فقط أولئك الذين يسرقون أو يبيعون المخدرات أو السياسيون يمكنهم العيش. بخلاف ذلك، لا أحد يستطيع ذلك”.
القاهرة – مصر
وفي القاهرة، حيث ترى التقاليد الرمضانية من فوانيس ملونة وأضواء معلقة في جميع أنحاء الأزقة الضيقة بالمدينة، خرج المتسوقون في وقت سابق من هذا الأسبوع لشراء البقالة والزينة وغيرها، على الرغم من أن كثيرين لم يتمكنوا من شراء الكثير كما كان في العام الماضي.
مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وقد استوردت معظم واردات القمح من روسيا وأوكرانيا في السنوات الأخيرة. كما شهدت عملة الدولة انخفاضا كبيرا في الأيام الأخيرة، ما زاد من الضغوط الأخرى التي أدت إلى ارتفاع الأسعار.
وقال أحد المتسوقين، ويدعى حسن علي حسن: “كنا سنتأثر على أي حال. ندعو فقط أن يجعل الله هذه الشدة تمر”.
الدوحة – قطر
وفي الدوحة، عاصمة قطر، سارت الاستعدادات لرمضان هذا العام جنبا إلى جنب مع الاستعدادات لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستقام هناك في تشرين الثاني.
وكانت الأضواء التي تزين الشوارع في رمضان عادة لافتات تحتفل بأكبر حدث لكرة القدم ورقص المشجعون تحت الأعلام التي تمثل مختلف البلدان.
وقالت إيمان أبو عكر، وهي فلسطينية مقيمة في قطر، إن الاستعدادات لهذا العام كانت خالية من بعض قيود جائحة كورونا العديدة التي شهدها شهر رمضان الماضي.
وقالت بينما كان الناس يتسوقون في سوق واقف بالمدينة: “هذا العام عدد أقل، وقيود أقل، ونحن نذهب إلى كأس العالم أيضا، لذا سنمضي رمضان بشكل أفضل”.
ويتبع المسلمون التقويم القمري، ويمكن أن تؤدي منهجية رؤية القمر إلى إعلان دول مختلفة بداية شهر رمضان باختلاف يوم أو يومين.
ومع الغزو الروسي لأوكرانيا، يتساءل ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط الذين انقلبت حياتهم بالفعل بسبب الصراع والنزوح والفقر – من لبنان والعراق وسوريا إلى السودان واليمن – من أين ستأتي وجباتهم التالية.
تمثل أوكرانيا وروسيا ثلث صادرات القمح والشعير العالمية، والتي تعتمد عليها دول الشرق الأوسط لإطعام ملايين الأشخاص الذين يعيشون على الخبز المدعوم والمعكرونة بأسعار معقولة. كذلك، فإن روسيا وأوكرانيا هما من كبار المصدرين للحبوب الأخرى وزيت بذور دوار الشمس المستخدم في الطهي.
قطاع غزة – فلسطين
في قطاع غزة، كان عدد قليل من الناس يتسوق الجمعة في الأسواق المزدحمة عادة في هذا الوقت من العام.
وقال التجار إن الحرب الروسية على أوكرانيا تسببت في ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، إلى جانب التحديات المعتادة، ما أضعف الأجواء الاحتفالية التي عادة ما يخلقها شهر رمضان.
غالبا ما تذهب العائلات في جميع أنحاء المنطقة في جولات التسوق قبل شهر رمضان لشراء التمر والحلويات والزينة الرمضانية الخاصة.
في سوق الزاوية التقليدي في مدينة غزة، سار الناس عبر الأزقة الضيقة التي تحيط بها الأكشاك التي تعرض فوانيس رمضان والحلويات والطعام. وفتشوا البضائع، لكنهم لم يشتروا الكثير.
وقال أحد المتسوقين واسمه مازن المزنار “يمكنك القول إن الأسعار ارتفعت بنسبة 150 بالمائة. لا يمكنك شراء المكسرات والمواد الغذائية والدقيق والسكر كما كان في الماضي، فكلها باهظة الثمن الآن. الناس يمرون بظروف صعبة بلا دخل جيد”.
الظروف المعيشية لـ 2.3 مليون فلسطيني في الجيب الساحلي الفقير قاسية، يضاف إليها الحصار الإسرائيلي – المصري الخانق المفروض منذ العام 2007.
والعام الماضي وقرب نهاية شهر رمضان، طمست الحرب الدامية التي استمرت 11 يوما بين حركة حماس في غزة وإسرائيل الكثير من مظاهر البهجة في الاحتفالات، بما فيها عطلة عيد الفطر التي تلت شهر رمضان. وكانت هذه رابع حرب مؤلمة مع إسرائيل خلال ما يزيد قليلا على عقد.
(الحرة – أسوشيتد برس)