حكومة من 10 وزراء لإدارة الأزمة!
كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
ضاع البلد وضِعنا معه… لم تبق كارثة إلا وعَصَفت بنا، ولم يبق قطاع إلا وأصابته شظايا الانهيار، من دون أن يؤدي ذلك إلى استنفار على أعلى المستويات لإنقاذ هذا الشعب من جهنّم المحتّم. سنة كاملة من دون حكومة، تراشق وتضييع وقت وانانية ربما لم يشهدها تاريخ السياسات في العالم فيما يمرّ لبنان في أسوأ مرحلة من تاريخ لبنان… يا عيب الشوم!
ضيّع المسؤولون عن هذه البلاد فرصاً كثيرة، وأضاعوا الكثير من الوقت بفعل التجاذبات الطائفية والسياسية الضيقة والتعنت الذي يستحيل تصديقه.. من دون أن يتمكنوا من تشكيل حكومة تجنبنا الارتطام الكبير، الذي على ما يبدو بتنا على مشارفه، خصوصاً ان الدخان الابيض الذي انتظرناه طويلا، أخذ ألوانا قاتمة خلال العام المنصرم، وعلى ما يبدو، سيستمر كذلك، بعد جرعة التشاؤم التي استقيناها من كلام الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد لقائه الأخير مع الرئيس ميشال عون في بعبدا.
حكومة من 24 أو 20 أو 18 وزيرا؟ هل يكون وزير الداخلية سنيّاً أو مسيحيّاً؟ وزارة المال للشيعة أم تخضع للمداورة؟ “الطاقة” سلطانة الوزارات وعنوان النجاح المستدام، على من سترسو؟ أسئلة تحكم عملية التشكيل المستعصية، فيما يموت شعب هذه البلاد يوميا ذلا وقهرا وجوعا وحرمانا. لا يمكن لعاقل أن يصدّق أن شعباً يعيش جهنّم حقيقيّاً على مختلف المستويات، امام الصيدليات والمستشفيات والمحطات، يرزح في العتمة الشاملة، بلا كهرباء ولا انترنت ولا مازوت، ولا أبسط مقومات الحياة الطبيعية، يعجز عن شراء الاساسيات بعد انهيار تاريخي لعملته قضت على الطبقة المتوسطة، وجعلت الفقراء أكثرية… لا يمكن لعاقل أن يصدّق، أنّ وسط هذا الدمار الشامل، يقف هؤلاء الوقحون ليتناتشوا امام أعيننا بقايا جثة هذا الوطن.
في البلدان التي شهدت أزمات، كانت الحكومات تتشكل على نطاق مصغّر مركّزةً على مكامن الهدر أو الفساد الأساسية في البلاد لإيجاد حلول لها، فتكون الحكومة مؤلفة من 5 أو 8 وزراء أو 10 كحدّ أقصى، مع سقف زمني معيّن للعمل، فالمصلحة الوطنية تعلو على كلّ ما عداها.
في اليونان، تشكلت حكومة من 10 وزراء إبان الأزمة الاقتصادية العظمى التي عاشتها البلاد، كما أنّ حكومة الازمة الأخيرة في مالي تشكلت من 6 وزراء.
امّا في سويسرا، فالحكومة مؤلفة من 8 وزراء، وفي فنلندا 5 وزيرات يدرن الحكومة. فما الذي يمنعنا من تشكيل حكومة مصغّرة تتولى الوزارات الاساسية لإجراء إصلاح على مستوى القطاعات التي تعاني؟ فوزارات كثيرة مثل البيئة والسياحة والمهجرين والثقافة وغيرها يمكن إقصاؤها في المرحلة الراهنة، والتركيز على وزارات يمكن حصرها بـ10 تنكب على وضع خريطة طريق للخروج من ازمتنا المالية والبحث عن حلول لمشاكل الكهرباء والمياه والمواصلات وانقطاع الدواء وضبط التهريب على الحدود.
رأفة بهذا الشعب المقهور، أيقظوا ضمائركم النائمة، وافعلوا شيئا قبل الفوضى الشاملة التي لن ترحم أحداً.
حرّروا أنفسكم من التبعيّة والانانيّة، وحرّرونا… وشكّلوا حكومةً مصغّرة تقينا المصير الأسود.
mtv