أدى الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية والتأثيرات المتتالية للعقوبات الغربية على موسكو إلى ارتفاع عالمي في أسعار الغذاء، وأثار مخاوف من بشأن زيادة الجوع في جميع أنحاء العالم.
ووفقا لـ”المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية”، فإن أوكرانيا وروسيا تنتجان حوالي ثلث القمح المتداول في الأسواق العالمية، وحوالي ربع الشعير في العالم.
وتشمل الصادرات الروسية والأوكرانية، زيت عباد الشمس والذرة لإطعام الماشية، وتمثل تلك الصادرات حوالي 12 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية المتداولة في العالم.
وفي مقابلة مع “رويترز”، الثلاثاء، حذّر وزير الزراعة الأوكراني، ميكولا سولسكي، من تأثير الحرب على محصول القمح في أوكرانيا، قائلا: “محصول العام الماضي مازال عالقا في موانئ البحر الأسود ولا يوجد مكان لتخزين المحاصيل الواردة”.
ووفقا لـ”الأمم المتحدة”، فقد تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار 47 مليونا هذا العام.
ومع تلك التحذيرات، فهناك 5 دول شعرت بالفعل بتداعيات أزمة الحبوب، التي تسبب في “أضرار شديدة” بتلك البلاد، وفقا لتقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.
-نيجيريا
تعد أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، وتعتمد بشكل كبير على استيراد الحبوب، ويشكل القمح جزءا كبيرا من النظام الغذائي للسكان، لكن 1 في المائة فقط من القمح المستهلك سنويا يتم إنتاجه محليا، وفقا لـ” المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية”.
ويعيش حوالي 43 في المائة من النيجيريين تحت خط الفقر، وأدى سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي إلى إعاقة نمو أكثر من ثلث الأطفال دون سن الخامسة، وفقا لـ”إحصاءات حكومية”، صدرت عام 2018.
وضاعفت الحرب في أوكرانيا من عوامل أخرى تسببت في زيادة نسبة الجوع بنيجيريا، بما في ذلك “التمرد المسلح” في شمال شرقي البلاد، والتوقعات بقلة الأمطار في وسط وجنود البلاد.
وكانت نيجيريا من الدول التي تم تصنيفها في أعلى مستوى تأهب في التقرير الأخير للأمم المتحدة عن “نقاط الجوع الساخنة”.
وخلال هذا العام، من المتوقع أن يصل عدد الأشخاص المدرجين ضمن فئة “الطوارئ” في “نظام تصنيف انعدام الأمن الغذائي الدولي”، إلى ما يقرب من 1.2 مليون نيجيري، وذلك في الفترة بين شهري يونيو وأغسطس.
-إثيوبيا والصومال
تقعان في منطقة القرن الأفريقي، وتعانيان من تداعيات التغير المناخي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلا عن صراعات داخلية.
وإلى جانب كينيا، يمر البلدان بـ”أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود”، وحذر “برنامج الغذاء العالمي” من أن 20 مليون شخص في المنطقة قد يعانون من الجوع بسبب الجفاف بحلول نهاية العام.
وتعليقا على ذلك قال كبير الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ديفيد لابورد، بسبب “الظروف المناخية الشديدة للغاية”، احتاجت دول القرن الأفريقي إلى استيراد غذاء أكثر من المعتاد هذا العام، وفقا لـ”واشنطن بوست”.
وتعتمد الصومال على روسيا وأوكرانيا في أكثر من 90 بالمئة من وارداتها من القمح، وتزيد النزاعات الداخلية من تعقيد وصول الغذاء إلى المحتاجين.
وفي إثيوبيا، تقاتل حكومة رئيس الوزراء، أبي أحمد، المتمردين من إقليم تيغراي، منذ عام 2020.
وبسبب الحرب احتاج أكثر من 9 ملايين شخص إلى مساعدات غذائية وكان مئات الآلاف على شفا المجاعة خلال بعض الفترات، وفقا لـ”الأمم المتحدة”.
وساهمت الحرب في أوكرانيا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في إثيوبيا، حيث أبلغت “منظمات الإغاثة” عن “نقص هائل” في الخبز والنفط.
وتقع الصومال وإثيوبيا، ضمن “فئة التأهب القصوى للأمم المتحدة”، حيث يتم “تحديد أو توقع تعرض بعض السكان للجوع أو الموت”.
وقد يواجه أكثر من 80 ألف شخص في الصومال هذه الظروف هذا العام، وفقا لـ”توقعات الأمم المتحدة”.
وفي البلدين يموت الأطفال بالفعل بسبب سوء التغذية، ويحتاج ما يقرب من 2 مليون طفل في إثيوبيا وكينيا والصومال إلى العلاج بشكل عاجل، وفقا لتقرير لـ”نيويورك تايمز”.
-مصر
تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وكانت القاهرة تستورد من موسكو وكييف أكثر من 80 في المائة من واردات القمح للبلاد قبل الحرب.
ويعد الخبز العمود الفقري للنظام الغذائي في مصر، وتقدم الحكومة الخبر المدعم لأكثر من 70 مليون من سكان مصر البالغ عددهم 102 مليون نسمة تقريبا.
لكن لابورد، يرى أن “المجاعة ليست مصدر قلق في مصر”، وبدلاً من ذلك تدور المخاوف حول التكلفة التي تتحملها الحكومة “للحفاظ على برامج شبكات الأمان الاجتماعي وتجنب نوع من عدم الاستقرار السياسي”، على حد تعبيره.
وكان ارتفاع أسعار المواد الغذائية من بين المشاكل الاقتصادية التي ساهمت في اندلاع ثورات الربيع العربي، عام 2011.
وتعليقاً على ذلك، تقول المديرة الإقليمية لبرنامج الغذاء العالمي، كورين فلايشر، “الصراع يؤدي إلى الجوع، والجوع يغذي الصراع”، وفقا لـ”واشنطن بوست”.
ولمواجهة تداعيات الحرب، بحثت الحكومة المصرية عن موردين جدد للقمح، وأمرت المزارعين المصريين بحصاد القمح قبل الموعد المحدد، وفقاً لتقرير سابق لـ”وول ستريت جورنال”.
وسعت الحكومة المصرية للحصول على منح من السعودية وصندوق النقد الدولي للمساعدة في تمويل دعم الخبز.
-اليمن
كان برنامج الأغذية العالمي يوفر بالفعل الغذاء لـ 13 مليون شخص في اليمن، حيث أدت حرب أهلية طويلة إلى “ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وتسببت في أزمة جوع واسعة النطاق”.
وخلال الفترة الماضية، اضطر البرنامج إلى قطع الحصص الغذائية عن 8 ملايين شخص في اليمن، قبل غزو روسيا لأوكرانيا، وفلايشر تخشي أن “تضطر الوكالة الآن إلى خفض المزيد من الحصص الغذائية” نتيجة تداعيات الحرب.
المصدر: الحرة