السعر يرتفع والخدمة تتراجع… و”أكبر مهزلة”
كتبت مريم حرب في موقع mtv:
وداعاً لـ”نفط لبنان”. ولا نقصد به ذلك النفط المتنازع عليه بحراً. فقطاع الاتصالات الذي قاربت إيراداته 17 مليار دولار بين أعوام 2010 و2020، ورفد الخزينة العامة بنحو 11 مليار دولار تحوّل إلى مغارة “علي بابا” واليوم يتداعى. وفي وقت تضع دول العالم خططاً للاستثمار في هذا القطاع والمنافسة، يبحث لبنان عن تنكة مازوت لاستمرار تأمين خدمات الانترنت ولو على رداءتها.
كلّف تشغيل الشبكة التي تضمّ 4 ملايين مشترك بين 2010 و2020، 6 مليارات دولار، أي 32% من العائدات وهو رقم خيالي، وفق التقرير الأخير لديوان المحاسبة. ولم يُوظّف قسم من عائدات قطاع الاتصالات في تحسين القطاع واستثمار أمواله في البنى التحتيّة. وآخر ما حاولت وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو تنفيذه كان مدّ شبكة “الفايبر أوبتك”. إلاّ أنّه وعلى أهميتها أُنجز منها 25 في المئة قبل أن تتوقف الأعمال بسبب الأزمة المالية.
وككل شي في لبنان، يبدأ ولا ينتهي، كذلك الأمر بالنسبة الى مشروع الـ”Public wifi” الذي وُضعت المرحلة الأولى منه قيد التنفيذ وهي وضع “Hotspot” في مطار بيروت الدولي، بحيث يمكن للركاب المغادرين والقادمين استخدام الانترنت لوقت محدّد من دون بدل مالي على غرار ما يحصل في دول العالم.
“منيح زمطنا بالمطار” يقول مدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية، فخطّة “أوجيرو التي بدأت بـ”واجهة لبنان” لتشمل في مرحلة ثانية الكورنيش البحري في العاصمة ووسطها والحدائق العامّة فيها ومن ثمّ في مراحل لاحقة جبيل وصيدا وعدد من المناطق السياحية، جُمّدت في ظل الأزمة المالية”.
وفي هذا الاطار، يكشف كريدية لموقع mtv أنّ المرحلة الثانية من المشروع لم تكن لتكلّف أكثر من مليون ونصف دولار. لكن يذكّر أن أي خدمة انترنت مرهونة باستمرارية إمداد مراكز الإرسال بالطاقة.
ورغم الحديث عن موسم سياحيّ واعد، إلّا أنّ القادمين إلى لبنان سيجدون فرقاً كبيراً في خدمات الانترنت والـwifi.، إذ إنّ متوسط سرعة الانترنت في لبنان بات 14 Mbps، وفق كريدية، وفي المدن المجهّزة بـ”الفايبر أوبتك” تصل سرعة الانترنت إلى 300 Mbps.
وقبل أسبوعين من الأوّل من تموز، موعد رفعة تعرفة خدمات الاتصالات والانترنت، يلفت كريدية إلى أنّ أسعار الـwifi سترتفع ضعفين ونصف الضعف، معتبراً أنّ “الزيادة ليست كبيرة مقارنة مع الارتفاع الكبير الذي شهدته القطاعات الأخرى”.
يجدّد المواطن خدمات الانترنت شهريّاً حتى وإن لم يستخدم الباقة (Bundle) بكاملها. وعند سؤال كريدية عن إمكان اعتماد خدمة جديدة تتيح للزبون استخدام الباقة من دون وقت محدّد، فإذا دفع سعر 100 gb يستمر باستخدامها حتى انتهاء الكمية وليس انتهاء الشهر، يجيب: “أجيرو تدفع سعر الخدمات من الخارج بالدولار وتسويقيًّا لا يمكنني أن أقدم شيئاً من دون بدل مالي ما لم تكن كلفته زهيدة”.
ويجزم أنّه من غير الوارد التسعير بالدولار لأننا بذلك نخنق الشعب الذي يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية وأنّه من الضروري الدفاع عن عملتنا الوطنيّة “لو شو ما صار”.
وفي البحث عن تصنيف لبنان لم يظهر أي جديد، معلّلاً مدير عام هيئة أوجيرو ذلك بأنّ وزارة الاتصالات لم تعمد منذ فترة إلى تحديث البيانات لدى المواقع المولجة نشرها.
إذاً، لبنان خارج التصنيف ليس لكونه “ريادياً” ولا يمكن لأي دولة مهما بلغت قدراتها اللحاق به، بل الأصحّ لكونه لا تجوز المقارنة بين بلد لا يستثمر في الانترنت والبنى التحية للاتصالات وبلدان ترصد موازنات ضخمة للاستثمار في هذا القطاع. يتجادل المسؤولون في لبنان على الإبقاء على 2 g والـ3g والعالم وصل إلى 5 g وآفاق الدول تتوسّع مع الفضاء الخارجي، وقد يكون أفضل توصيف لهذا الواقع ما قاله كريدية “إنّها أكبر مهزلة”.