بدل الطوابير.. بنزين مغشوش: “متل المي والبخار”!
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
تراجعت الإشكالات على محطات البنزين شمالاً مع اختفاء طوابير الذل من أمام المحطات بسبب إرتفاع أسعار البنزين عدة أضعاف، حيث وصل سعر الصفيحة الواحدة إلى نصف الحد الأدنى للأجور للموظف اللبناني.
إلا أن هذا الإرتفاع قابله ازدياد في شكاوى المواطنين من هذا البنزين، علماً ان هذا كان يحدث حتى قبل أن ترتفع الأسعار لكن الشكاوى زادت أخيراً وبشكل عارم، مع وصف المواطنين للبنزين في سياراتهم وتشبيهه بالماء أو البخار كونه يطير أسرع من البرق. ومع هذه المشكلة أيضاً تزداد أعطال السيارات ما يدفع أصحابها إلى زيارة محلات الصيانة (ميكانيك وكهرباء وسكانر) بشكل مستمر.
يقول أحمد ديب من عكار أنه “ملأ قبل أيام خزان سيارته بالوقود من إحدى المحطات في البحصاص – طرابلس، وما إن مشى فيها قليلًا حتى بدأت بـ”الطفطفة” واشتغلت جميع الأضواء أمامه بما فيها check engine. قصد أحد محلات بيع الاكسسوار واشترى قنينة تنظيف البخاخ بمئة ألف وأفرغها مع البنزين إلى جانب قنينة أوكتان لكن الأمر لم يتغير”. ويضيف: “في اليوم التالي أخذت السيارة إلى التصليح فقال لي معلم الميكانيك بأن هناك مياهاً مخلوطة مع البنزين والسيارة بحاجة إلى تنظيف وما إلى ذلك، وكلفني الأمر 900 ألف ليرة”.
أما جهاد من عكار فيشير إلى حادثة حصلت معه قبل مدة إذ قام بتعبئة بنزين بقيمة 500 ألف ليرة من إحدى محطات عكار وما هي إلا دقائق حتى اختنقت السيارة ولم تعد تقوى على الدوران. وعندما عرضها على محل الصيانة كان الجواب بأن في البنزين مواد أخرى أغلب الظن أنها ماء. ويتابع جهاد: “كنا نخاف من غالونات الطريق لأنها مخلوطة بمياه أو أي شيء آخر، فإذا بنا نجدها في المحطات التي تغش الناس بالبنزين ولا يكفينا أن أسعاره مرتفعة، ولكن علينا بعد كل تعبئة أن نزور محلات الصيانة لندفع المبالغ الطائلة”. ظلت هذه المعلومات بين المواطن ومحلات الصيانة حتى اعترفت المديرة العامة لمنشآت النفط أورور فغالي بأن البنزين في لبنان يتم خلطه، وقد تم ارسال عينات منه إلى المختبرات من أجل فحصه. ولفت عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس في حديث إذاعي إلى أن المادة تصل بمواصفاتٍ عالية الى لبنان، أما الغش فيكمن في خزانات عدد من المحطات. وهنا تشير المعلومات الى أن البنزين “يتم خلطه بالمازوت أو الكاز أو الغاز لمضاعفة حجمه أو حتى بالكاربير والمياه، لمضاعفة حجم البنزين داخل الخزانات وتوفير كميات أكبر منه مع غلاء هذه المادة على المواطنين وعلى أصحاب المحطات في نفس الوقت”.
يقول أحد أصحاب المحطات في طرابلس: “أنا من جهتي لا أقوم بأي شيء يخالف ضميري. ولكن أصحاب المحطات قبل مدة اشتكوا من انخفاض الجعالة على صفيحة البنزين والبالغة 6 آلاف ليرة مع ارتفاع الأسعار وأجور النقل وخلافه، الأمر الذي يجعل بيع البنزين بمثابة خسارة بالنسبة إلى المحطات. ولأن ارتفاع أسعار البنزين بهذا الشكل جعل إمكانية التهريب والبيع بالغالونات ضئيلة للغاية، فلم يبق أمام أصحاب المحطات إلا خلط البنزين وغشه من أجل تحقيق أرباح أكبر والله أعلم”.
يبقى على الأجهزة المعنية أن تتابع هذا الملف لأن المواطن اللبناني لا ينقصه المزيد من الخسائر بعدما تحولت حياته في هذا البلد خسارة على جميع الأصعدة.