الكواكب تدور حول الشمس في الاتجاه نفسه… ما هي الأسباب؟
ربما لو كانت كواكب المجموعة الشمسية تسير في اتجاهات مختلفة حول الشمس لاصطدمت ببعضها مما يبطئ حركتها وقد ينتهي بها الأمر ساقطة في الشمس، إلا أن الكواكب في نظامنا الشمسي تسير في نفس الاتجاه حول الشمس، ولكن كيف حدث ذلك ولماذا؟
وفقا لموقع “بوبيولار ميكانيكس” (Popular Mechanics)، يعتقد أن ذلك حدث ببساطة نتيجة الدوران الأولي لسحابة الغاز والغبار التي تكثفت لتشكل الشمس والكواكب منذ ما يقارب الـ4 مليارات سنة.
وحينما تشكلت الكواكب من المادة داخل هذه السحابة، انتهى بها الأمر جميعا بالدوران حول الشمس في نفس الاتجاه، وفي نفس المستوى المداري تقريبا وبنفس اتجاه الدوران حول محاورها، بصرف النظر عن كوكب الزهرة وأورانوس اللذين ربما اصطدمت بهما أجسام أخرى، مما أدى إلى تغيير دورانهما.
دوران سحابة الغاز والغبار
إذا كان بالإمكان العودة إلى الوراء 4.6 مليارات سنة، فسنرى الفضاء دون نظامنا الشمسي المعروف. وبدلا من ذلك سنجد سحابة كبيرة من الغاز والغبار يطلق عليها “السديم الشمسي”.
والسدم بشكل عام هي النتيجة النهائية لمخاض موت نجم ما حينما يقوم بإلقاء كل مواده بشكل متفجر، وبالرغم من ذلك فإن السدم تعد حضانة النجوم الجديدة والكواكب المصاحبة لها كذلك.
وهذا ينطبق على نظامنا الشمسي، حيث إن التفسير الحديث لتكوين مجموعتنا الشمسية يقول إن موجات من الطاقة الهائلة الناجمة عن انفجار نجم قريب في شكل مستعر أعظم أدت إلى انهيار سديمنا الشمسي وتداعي هذه السحابة، مما أدى إلى تشكل نقطة مركزية ذات جاذبية قوية تدور حولها بقية السحابة المتكثفة.
ونتيجة لذلك، أجبر ضغط اللب ذرات الهيدروجين على الاندماج وتشكيل الهيليوم، مما أدى إلى إطلاق كمية هائلة من الحرارة والضوء، والتهام أكثر من 99% من المادة المتاحة في السحابة. وأصبح مركز السديم المنهار هو الشمس وتجمعت بقية المادة معا لتشكل كواكبنا المألوفة والأقمار والأجسام الصخرية الأخرى مثل الكويكبات.
ومع انهيار السديم الشمسي، بدأت قوى الجاذبية الخاصة بمكونات تلك السحابة في جذب القطع المتناثرة ضمن قرص دائري مسطح يدور حول نفسه. وبسبب الحفاظ على الزخم الزاوي أي سرعة دوران جسم ما حول محور مركزي، زادت سرعة دوران السحابة وتم تسطيحها. وتشكلت كواكب المجموعة الشمسية فيما بعد من هذا القرص محافظة على نفس جهة دوران القرص.
هل تدور جميع الكواكب عكس اتجاه عقارب الساعة؟
عند النظر من أعلى القطب الشمالي للشمس، ستلاحظ أن معظم الأجسام في نظامنا الشمسي تسافر حول الشمس في اتجاه عكس عقارب الساعة. ويرجع ذلك أيضا إلى الظروف الأولية في سحابة الغاز والغبار التي تشكلت منها مجموعتنا الشمسية، فقد حدث هذا الدوران في اتجاه عكس عقارب الساعة.
وبناء على ملاحظات الفلكيين، لا يوجد اتجاه معين لدوران المواد المنهارة، لكن بمجرد تشكيلها يمكن أن تدور في نفس اتجاه عقارب الساعة أو عكس اتجاه عقارب الساعة كما أن النجوم في جميع أنحاء المجرة تبدو وكأنها تشير في اتجاهات عشوائية كذلك. ولكن هناك في علم الفلك ما يسمى بالحركة المدارية الرجعية، فما هي؟
المدارات الرجعية
الحركة المدارية الرجعية (Retrograde orbit motion)، في علم الفلك هي الحركة المدارية الفعلية أو الظاهرية لجسم ما في الاتجاه المعاكس لدوران الجسم المركزي الذي يدور حوله وعكس اتجاه حركات معظم كواكب النظام الشمسي أو الأنظمة الفلكية الأخرى.
ففي النظام الشمسي تدور جميع الكواكب الرئيسية عكس اتجاه عقارب الساعة حول الشمس، وكلها تدور على محاورها الخاصة، ولكن هناك استثناءات لبعض الكواكب التي لها دوران رجعي مثل كوكبي الزهرة وأورانوس، حيث يدور كوكب الزهرة حول الشمس في اتجاه عقارب الساعة بينما يتدحرج أورانوس على جانبه وهو يدور حول الشمس.
بعض المذنبات والكويكبات تدور أيضا حول الشمس في مدارات رجعية، لأن كتلها الصغيرة نسبيا تجعل من السهل على الأجسام الفضائية الأكبر سحبها بعيدا عن اتجاهاتها الأصلية.
وتعددت الفرضيات حول سبب الدوران الرجعي لكل من كوكبي الزهرة وأورانوس، حيث يعتقد أن كوكب الزهرة وأورانوس كانا يدوران في عكس اتجاه عقارب الساعة حتى غيّر تأثير هائل على اتجاه دورانهما.
بينما يعتقد أن كوكب أورانوس اصطدم بجسم بحجم الأرض مما أدى إلى تغيير دورانه. كما يقول البعض أن كوكب الزهرة ربما أدى اصطدامه ببعض الكويكبات إلى تغير جهة الدوران أثناء دورانه حول الشمس. ووفقا لعلماء الفلك كذلك، يعتقد أن حركة كل من كوكبي المشتري وزحل ربما تكون قد أثرت على هذين الكوكبين الصغيرين وغيّرت حركتهما.
فرضية أخرى تشير إلى أن الزهرة يدور في نفس الاتجاه مثل الكواكب الأخرى، ولكنه يدور رأسا على عقب، لذا فإن النظر إليه من الكواكب الأخرى تجعل دورانه يبدو وكأنه يتجه للخلف عكس دوران باقي الكواكب.
(الجزيرة)