“قرار المواجهة” اتخذ.. الحريري “مُهدّد” وحزب الله قد يتحرّك لـ”حمايته”
لم يكن القرار الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري بـ”المواجهة” سهلاً أبداً، في وقت أنه بات مُجرداً من حلفائه القدامى الذين “لطشهم” علناً مثل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
وفي الوقت نفسه، شاء الحريري أن يوسع دائرة الاستهداف أكثر، وأطلق النيران باتجاه “حزب الله” الذي كان يضغط باتجاه وصوله إلى السراي الحكومي والتمسك به رئيساً مكلفاً. وفعلياً، فإن الحريري “مستاء من حزب الله”، واعتبر أن الأخير لم يساهم بالشكل المطلوب في كسر “شوكة النائب جبران باسيل” بملف تشكيل الحكومة. ومع هذا، فإن سهام الحريري باتجاه الحزب طالت أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ولو بشكل غير مباشر، كونه “الحليف الأول والأساس لحزب الله”
وفي هجومه على الحزب، أراد الحريري استمالة الرأي العام السني اتجاهه أولاً، والتأكيد ثانياً للسعوديين أن الخلاف مع “حزب الله” لا يمكن أن ينتهي، وما المشاورات والاتصالات القائمة بين بيت الوسط وحارة حريك سوى لـ”تسوية أمور داخلية تتعلق بالسياسة والحكومة”، أما في غير ذلك، فإن الطلاق قائم إلى حد كبير.
وفي الواقع، فإن الكثير من الأطراف كانت ترى في خطوة اعتذار الحريري عن عدم تشكيل الحكومة إعلاناً لـ”بداية نهاية حياته السياسية”، وهذا الأمر الذي قد يقلب المعادلة رأساً على عقب. ولذلك، بدا الحريري متمسكاً بخوض معركة البقاء، متخذاً من الانتخابات النيابية منصة أساسية لذلك، خصوصاً أنه يعتبر نفسه مهدداً بالإقصاء الكلي.
وبشكل أو بآخر، كان يمكن أن يساهم دخول الحريري إلى السراي من جديد في تكريس قوته وتمكينه من تثبيت نفسه أكثر، خصوصاً أن الانهيار سيحتّم تعاون الجميع معه لأن العرقلة ستنقلب على رأسه وعلى حلفائه وكل الأطراف الأخرى. ومن خلال رئاسة الحكومة، كان يمكن للحريري أن يساهم في الحد من التدهور القائم إلى حد ما، والعمل على إيجاد الحلول للمشاكل القائمة والتواصل مع المجتمع الدولي لمساعدة لبنان، لأن الدول تطالب بحكومة إنقاذية لتقدم يد العون.
في المقابل، فإن الحريري كان سيصطدم بقرارات غير شعبية مثل الإعلان النهائي عن رفع الدعم وفقاً للشروط التي يطرحها صندوق النقد الدولي، في حين أنه كان سيتطلب منه مواجهة الاحتكار في قطاعي الدواء والمحروقات، وسيتكبد الكثير من المسؤوليات بشأن تقلبات الدولار وتثبيت سعره.
ورغم كل ذلك، ووسط كل المصاعب التي قد يواجهها، فإن إدارة الحريري للأزمة من بوابة رئاسة الحكومة ومن خلال السلطة التنفيذية، ستكون ورقة رابحة له مهما كانت المهمات صعبة. لكن هذا الأمر كان يجب أن يقترن بخطة واضحة المعالم. وهنا، يقول مرجع سياسي بارز لـ”لبنان24″ أنه “حتى الآن، لم تكتمل معالم خطة الحريري الاقتصادية، إذ أن المستشارين كانوا يعملون عليها وكان سيطرحها فور اكتمالها في حال وصوله إلى رئاسة الحكومة”.
أما اليوم.. فما هي أوراق الحريري التي سيخوض بها مواجهة البقاء عبر الانتخابات؟
ومن دون أدنى شك، فإن الانتخابات النيابية القادمة لن تكون سهلة على أي طرف من الأطراف. فكل الطبقة السياسية “مأزومة” وتعيش أزمة ثقة مع الناس. وفي ما خصّ الحريري، فقد اعترف بالتراجع المالي علناً، وهو اليوم يواجه التراجع السياسي والشعبي أيضاً.
ولهذا، فإن الأنظار تتجه إلى أوراق معركته الانتخابية، وتتساءل الأطراف عن نوعها. وفي هذا الإطار، تقول مصادر سياسية لـ”لبنان24″: “الحريري قال إنه يريد الرد على كل من استهدفه.. ما هي مقومات النجاح التي بيده وما هي الخطة التي من خلالها سيعيد طرح نفسه بقوة؟”.
في الحقيقة، فإن ما قد يساهم بانتكاسة جديدة للحريري في الانتخابات هو الإبقاء على قانون الانتخاب الحالي الذي ساهم في خسارته الكثير من المقاعد النيابية خلال العام 2018. ولهذا، فإن خوض المعركة على أساس القانون القائم سيساهم في انتكاسة أكبر للحريري وسيخسر مقاعد نيابية أكثر.
ومن ناحية الخطاب، فإنّ الحريري يجب أن يطرح أموراً عملية لكي يكسب المعركة في الانتخابات، في حين أن الاحتكام إلى الوتر المذهبي ومسألة مقارعة “حزب الله” لن تنجح هذه المرة، خصوصاً بعد التنسيق الكبير الذي كان مع الحزب واضحاً. واليوم، فإن قواعد اللعبة اختلفت والظروف تبدلت، والناس بحاجة إلى خطابٍ تنموي داخلي، وتطالب بالنجاة من الانهيار لا أكثر وإعادة انتظام الأمور.
وحتى الآن، فإن ما تبين أن الحريري سيخوض معركة “استعادة صلاحيات رئاسة الحكومة”، وهو الأمر الذي سيلجأ إليه لاستقطاب الناس حوله. ورغم هذا، فإنه على الحريري دراسة أموره بشكل جدي، والبحث في الخطط التي سيخوض بها الانتخابات لتجنب خروجه من الحياة السياسية كما يراهن البعض.
لكن وسط كل ذلك، فإن التوازنات القائمة حالياً ونجاح الحريري في إفشال الفتنة السنية – الشيعية ستجعل الأطراف المناوئة له تلتف حوله لتحصينه. وفعلياً، فإن أي خسارة أو خروج للحريري سيفتح الباب أمام صراعٍ طويل جديد. ولهذا، قد يبادر “حزب الله” إلى تحصينه وسيعمل جنبلاط على ذلك، وما سيناريو العام 2018 في الجبل (بين حزب الله وجنبلاط) سوى دلالة على ذلك، حينما اتخذ القرار على صعيد الثنائي الشيعي في الشوف بدعم لائحة “المصالحة” التابعة لجنبلاط والتي ضمنها المستقبل والقوات، وذلك لضمان بقاء نفوذ زعيم المختارة نيابياً وسياسياً وحماية زعامته التاريخية من جهة والحفاظ على التوازنات السياسية من جهة أخرى.
lebanon24