الدولار الأسود يغزو السوق اللبنانية… احذروا شراءه
عندما تعبث الفوضى بسوق النقد في بلد ما، كحال لبنان اليوم، تصبح أسواقه أرضاً معرضة لشتى أنواع الغش والتزوير والتلاعب والإتجار غير المشروع بالعملة… فبعد اختبار السوق اللبنانية أشكال الفلتان النقدي كافة، تشهد اليوم ترويجاً لنوع جديد من الدولار غير السليم، هو الدولار الأسود.
لا يلتقي مفهوم الدولار الأسود بدولار السوق السوداء. ومنعاً لأي التباس لا بد من التوضيح بأن دولار السوق السوداء هو الدولار السليم الذي يسوق بسعر صرف يفوق سعره الرسمي. بمعنى آخر دولار السوق السوداء هو دولار حقيقي في سوق غير قانونية. أما الدولار الأسود فهو الدولار المطلي بمادة شمعية سوداء، قد يكون مجمّداً، أي أنه غير قابل للتداول سوى محلياً، وربما يكون مزوّراً أو دولاراً سليماً تقنياً، لكنه غير نظيف المصدر، كأن يكون ناتج عن عمليات تهريب مخدرات أو سرقة أو اختلاس أو أي ممارسات أخرى غير قانونية، ومن الممكن أيضاً أن يكون الدولار الأسود مجرد ورقة بيضاء مطلية بالأسود.
غزو الدولار الأسود
تغزو السوق اللبنانية اليوم علنياً عمليات تسويق دولارات مجمّدة وأخرى سوداء. ويبيع مروّجوها الدولار منها بنصف قيمته، أي أن رزمة الـمئة ألف دولار تباع بنحو 50 ألف دولار.
حتى أن بعض مروّجي تلك العملة ينشرون إعلاناتهم بوضوح على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع فيسبوك (مرفق أحد الفيديوهات) مع أرقام هواتفهم اللبنانية للتواصل معهم لشراء الدولارات، غير آبهين بالقانون الذي يجرّم هذه الممارسات، مستغلّين حال الفوضى الحاصلة اليوم في البلد على مستوى السوق النقدي.
يروّجون تلك الدولارات السوداء على أنها “دولارات مجمدة في بنوك ويمكن إستخدامها في أعمال الصيرفة المحلية والتجارية الداخلية وغيرها من الأعمال التجارية”. فما هي حقيقة تلك الدولارات؟ وما هي الدولارات السوداء؟
نشأ استعمال مفهوم الدولار الأسود على مر الزمن من قبل المافيات وتجار المخدرات والخارجين عن القانون، حين كانوا يقومون بدهن الدولارات الحقيقية بمادة شمعية سوداء لحمايتها وتسهيل تهريبها من منطقة إلى أخرى تجنّباً لإلحاق أي ضرر بها، ليقوموا لاحقاً باستخدام محلول كيميائي معيّن لإزالة الشمع الموجود على الدولار الأسود.
ومع مرور السنين لم تعد أساليب التهريب تلك رائجة، فاندثر معها مفهوم الدولارات السوداء، إلا أنها عادت في السنوات القليلة الماضية لتغزو الأسواق الأكثر فلتاناً وتلك التي تشهد انهياراً نقدياً كالسوق الليبية والعراقية وحالياً اللبنانية. لكن الاختلاف الجوهري في تداول الدولارات السوداء اليوم هو أن الدولارات التي تسوّق على أنها دولارات حقيقية مطلية بالمادة الشمعية السوداء ليست سوى دولارات وهمية أو مزورة، ويمارس مروّجوها عمليات نصب واحتلال على مبتاعيها من خلال شرائها بأموال حقيقية.
وقد ثبت في كثير من الحالات في البلدان المذكورة قيام تجار باستخدام أوراق عادية بحجم الدولارات ودهنها بمادة شمعية سوداء وإيهام الناس بأنها دولارات سوداء. وقد تروج عمليات التسويق للدولارات السوداء وشيوع ظاهرة عرض كميات كبيرة منها للبيع المباشر في الأسواق اللبنانية، عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتسعيرها بنصف ثمن الدولار الحقيقي.
آلية كشف الدولار
وبحسب مصدر متابع تقدر نسبة الدولار الأسود المسوق في لبنان بقرابة 5 في المئة من حجم الأموال المتداولة في السوق اللبنانية، إضافة إلى نسبة عالية وغير محدّدة من الدولارات المجمّدة، أي الدولارات الحقيقية غير القابلة للتداول مع الخارج.
وتجنّباً للوقوع في شرك عصابات ترويج الدولار الأسود المغشوش أو المزور، على المواطن بالدرجة الأولى عدم شرائه لعدم قانونيته. أما في حال التعامل به وشرائه فمن السهل تمييز الدولار الحقيقي الأسود عن الدولار المزور الأسود. إذ يجب أن تكون العلامة الخاصة بالدولار ورقمه ظاهران بشكل واضح عند اللمس بالأصابع على الرغم من طليها بالأسود. فالدولار الحقيقي المطلي بالأسود تبقى تعرجاته ظاهرة وملموسة باليد ويمكن الشعور بها عند لمسه. أما في حال كانت ورقة الدولار الأسود ملساء بشكل كامل فإنها قطعاً دولاراً مزوراً وربما تكون مجرّد ورقة بيضاء مطلية بالمادة الشمعية السوداء.