“جائحة الظل”.. زيادة عالمية في حوادث العنف المنزلي!
لم تشعر الأردنية أم زيد، بالقلق عندما قررت حكومة بلادها فرض إجراءات الإغلاق وحظر التجول في آذار 2020 بسبب تفشي جائحة كورونا، معتقدة أن ذلك لن يدوم طويلا، إلا أنها عانت من العنف المنزلي لحوالى 18 شهرا.
وقالت أم زيد، وهي أم لثلاث أطفال، في حديث لصحيفة “واشنطن بوست”، أنه “في البداية كنا سعداء لأن الأسرة بأكملها كانت معا، لكن بعد فترة من الحجر بدأت أتعرض للإساءة اللفظية والجسدية من زوجي”.
وتسبب وباء كورونا في زيادة عالمية بحوادث العنف المنزلي للنساء والأطفال، بحيث أصبحت الإساءة هي “الوضع الطبيعي الجديد”، وبات النساء والأطفال يواجهون “وباء مزدوج: فيروس كورونا والعنف المنزلي”، بحسب تقرير الصحيفة.
وعن نسبة العنف الأسري، لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد الأشخاص الذين يواجهون العنف الأسري، ومن المعروف أنه لا يتم الإبلاغ عنه كثيرا، لكن بعض الاستطلاعات الدولية تشير إلى الارتفاع المتزايد لهذه الظاهرة.
وبحسب مسح أجرته وكالة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين، سبتمبر الماضي، في 13 دولة، بما في ذلك الأردن، قالت 7 من كل 10 نساء أن العنف الأسري زاد في مجتمعاتهن منذ بدء الجائحة.
كما أفادت واحدة من كل 4 نساء أنهن شعرن بأمان أقل أثناء تدابير الإغلاق والحجر المنزلي. وتواجه العاطلات عن العمل، خطرا متزايدا لسوء المعاملة، وأصبحت النساء “أكثر عرضة” لفقدان وظائفهن، وعدم قدرتهن على استعادتها.
وحذرت الأمم المتحدة من “جائحة الظل”. وفي نيسان 2020 دعت الدول الأعضاء إلى معالجة “الارتفاع المروع في حالات العنف الأسري”.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تعاني امرأة واحدة تقريبا من كل ثلاث نساء في جميع أنحاء العالم من العنف الجسدي أو الجنسي. وهذه البيانات مستمدة من تقارير الشرطة وقضايا المحاكم، والمكالمات الواردة إلى الخطوط الساخنة للإبلاغ عن الجرائم.
وقبل الوباء، قدم الأردن، مثل العديد من البلدان في المنطقة، “خدمات محدودة فقط” لضحايا العنف المنزلي. ولكن عندما ظهر الفيروس، وبدأت التقارير عن الانتهاكات تزداد، تم تعيين وحدة خاصة من الشرطة، وتكثيف عمل منظمات نسائية، لمكافحة الانتهاكات.
وقالت آسا ريجنير، نائبة المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للمرأة: “لقد حاولت بعض الدول فعلا”، لكن المبادرات “كانت قليلة جدًا، ولم يتم تمويلها بشكل كاف، قلة قليلة منهم عالجوا السبب الجذري للمشكلة أو كيفية منع العنف من الحدوث “.
وبعد نحو عامين من ظهور الوباء، وتزايد عدد التقارير عن الانتهاكات في جميع أنحاء العالم، أصبحت “المعاناة الصامتة” لملايين ضحايا العنف المنزلي، ظاهرة بوضوح، وفقا للصحيفة.
وقالت ريجنير إن حوالي ثلث حزم الإغاثة من فيروس كورونا على مستوى العالم فقط بها برامج تستهدف النساء، وقلة قليلة منهن يعتبرن العنف الأسري.
وذكرت إيفا أبو حلاوة، محامية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، أنه كان على دول مثل الأردن تبني “خطط عمل طارئة للعنف الأسري أثناء الوباء. كانت لديهم خطط وقوانين طوارئ وكلها لحماية الناس من كورونا. ولكن، حسنا، هناك أيضا جائحة أخرى”.
وقالت سلمى الشامي، أخصائية أبحاث بارزة في مشروع الباروميتر العربي، إن الأعراف الأبوية والعقليات الجنسية، إلى جانب الافتقار العام للحريات السياسية، أدت إلى تطبيع العنف القائم على النوع الاجتماعي في العديد من المجتمعات.
وأشارت إلى أنه في الأردن يُنظر إلى العنف المنزلي على أنه مسألة خاصة في المقام الأول، فيلجأ معظم الضحايا إلى الأسرة بدلا من الشرطة أو الخدمات العامة.
وأكد فراس الرشيد، مدير إدارة حماية الأسرة في الأردن، أنه بين مارس ومايو 2020، ذروة عمليات الإغلاق في الأردن، سجلت الشرطة زيادة بنسبة 33 في المائة في تقارير العنف الأسري مقارنة بتلك الفترة من عام 2019.
ويمكن أن تؤدي عمليات الإغلاق مع ارتفاع عدد الإصابات بسبب متحور أوميكرون، بما في ذلك إغلاق المدارس وفرض قيود على الحركة والأعمال التجارية، إلى “ظروف تسمح باستمرار سوء المعاملة” للنساء.
ويقول خبراء إنه بدون إجراء “تغييرات أساسية في خدمات الوقاية والدعم، ستستمر نفس المشاهد المأساوية” عندما تتطور متحورات أخرى من الفيروس.
المصدر: الحرة