بعد انقطاع العلاقة… هل تعود المياه إلى مجاريها بين فرنسا وأستراليا؟
كدت فرنسا أن أي محادثات مستقبلية بين إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، بشأن تداعيات قرار كانبيرا بالتراجع عن صفقة الغواصات والتي بلغت قيمتها 56 مليار يورو يجب أن تكون “محضرة بجدية” وذات “مضمون”.
وبحسب صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، نفى قصر الإليزيه رفضه تلقي مكالمات موريسون، قائلاً إن الرئيس “متاح دائمًا للتحدث عبر الهاتف”، كاشفاً بأنه ليس في عجلة من أمره لاستئناف الاتصال مع كانبيرا.
ويستشيط الفرنسيون غضباً بعد أن ألغت أستراليا العقد مع فرنسا، قبل أسبوعين، لصالح اتفاقية دفاع بينها وبين كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهو ما يعرف حاليا بـ”أوكوس”، من دون سابق إنذار.
وتواصل المسؤولون الأستراليون منذ ذلك الحين مع ماكرون لإجراء محادثات تهدف إلى إصلاح الأضرار واحتواء التداعيات. ومن جهته، يقول الإليزيه إن أي اتصال بين الطرفين عليه الانتظار إلى حين إرسال السفير الفرنسي إلى مقره في كانبيرا، واستلامه مهامه، إلا أن التاريخ لا يزال مجهولا.
ومع استمرار سياسة “حافة الهاوية” الدبلوماسية، أشار مسؤول في الإليزيه إلى أن مكتب موريسون بذل جهودًا فاترة لإبلاغ ماكرون بقراره مسبقًا.
وقال المصدر إن مكتب موريسون اتصل بالرئيس في 13 أيلول وطلب التحدث إليه في اليوم التالي في الساعة العاشرة صباحًا، لكن تم إبلاغه بأن الرئيس لن يكون متاحًا لأنه منشغل باستضافة مجلس الوزراء الأسبوعي. واقترح الإليزيه إجراء مكالمة يوم الخميس 15 أيلول عند الساعة التاسعة صباحًا، لكن “الجانب الأسترالي لم يرغب في إجراء هذه المكالمة”. وبدلاً من ذلك، كرر مكتب موريسون طلب الاتصال في 14 أيلول.
وتابع المسؤول قائلاً، حين سألت الإليزيه عما يريد رئيس الوزراء الحديث عنه، لم يكن هناك رد. في 15 أيلول، “ظهرًا”، تلقى ماكرون رسالة من موريسون يبلغه فيها بأنه تم إنهاء عقد الغواصة مع الشركة الفرنسية “نافال غروب” وأنه سيتم الإعلان عن اتفاقية أمنية جديدة من قبل موريسون والرئيس الأميركي جو بايدن، لاحقًا.
وقال الإليزيه إنه تلقى طلبًا آخر للتحدث إلى ماكرون “قبل أيام قليلة”، لكنه أرجأ أي تبادل حتى عودة السفير الفرنسي إلى منصبه.
وقال المسؤول: “يجب التحضير لهذه المحادثة بطريقة جادة للغاية”. وأضاف: “سيعود سفيرنا، على سبيل المثال، برسالة من فرنسا لتضع النقاط على الحروف في محادثاتنا المقبلة مع موريسون. ماكرون متاح دائمًا للتحدث عبر الهاتف مع رئيس الوزراء الأسترالي، لكن في السياق الحالي نحن بحاجة إلى أن تكون محادثة جوهرية. كما وإننا على أهب الإستعداد لذلك وعندما يحين الوقت سيتم الإتصال.”
سعى ماكرون، في خلال محادثة طويلة وساخنة عبر الهاتف مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأسبوع الماضي، للحصول على تفسير حول سبب تخلف المملكة المتحدة عن دعم فرنسا بشأن صفقة “أوكوس”.
وأكد المسؤول أن ما من فتور خطير في العلاقات بين البلدين لكنه أضاف: “نسمع باستمرار بوريس جونسون يكرر كم يحب فرنسا ومدى روعة الفرنسيين، لكن الحقيقة هي أن سلوك البريطانيين هنا لم يكن سلوك حليف. ما يقلقنا بشان هذا الإتفاق هو ما يتعين علينا حله مع كل من الولايات المتحدة وأستراليا. فبريطانيا لا تزال شريكاً وثيقاً”.
وقال ماكرون إن اتفاقية “أوكوس” هي إشارة إلى أن أوروبا بحاجة إلى تطوير استراتيجية الدفاع والأمن العالمية الخاصة بها، بما في ذلك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأن تكون أقل اعتمادًا على الولايات المتحدة.
وأشار المسؤول إلى أن دور فرنسا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ سيستمر لأنها تملك “مصالح مشروعة في المنطقة… ورؤية مشتركة لها مع عدد من الشركاء، بما في ذلك أستراليا”.
وأضاف قائلاً: “ستستمر فرنسا لأنها متواجدة في المحيطين الهندي والهادئ… لدينا مليون مواطن، و 8000 جندي وأسطول هناك”.
ومع ذلك، أضاف المسؤول أن أستراليا، من وجهة نظر فرنسا، لم تتصرف كحليف. ومع ذلك، فإنها شريك مهم، لفرنسا كما ولجميع الحلفاء الأوروبيين الآخرين في المحيطين الهندي والهادئ.”