التقارب السعودي-الإيراني.. لبنان ليس على الطاولة؟
يؤكد خبراء أنّ التقارب الإيراني-السعودي، إذا ما تحقق، سيؤثر بشكل عميق على ديناميكيات المنطقة وديبلوماسيتها واستقرارها، لا سيما بعد تصريحات لمسؤولين من البلديْن وصفت المحادثات السرية في العراق أولاً ومن ثم سلطنة عمان، بالبناءة. وبعد أشهر على اللقاءات الإيرانية-السعودية (بدأت في نيسان)، يترقّب خبراء تسجيل “الخرق الرمزي الأول” مطلع هذا الأسبوع، وتحديد في 5 آب، إذ ذكرت وسائل إعلام إيرانية أنّ السعودية أشارت إلى إمكانية إيفاد مبعوث لحضور تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني. وبحسب تقرير لموقع “آسيا تايمز”، فإنّه من شأن الانفتاح الديبلوماسي المماثل أن يشكّل “انعطافة بارزة” منذ قطع العلاقات الديبلوماسية بين الجانبين في العام 2016.
علي بكير، الأستاذ المساعد في مركز “ابن خلدون” للعلوم الإنسانية والاجتماعي في جامعة قطر، يرى أنّ المصالحة المحتملة الإيرانية-السعودية تستدعي “عزماً والتزاماً” من الجابيْن بعد “سنوات من حرب الوكالة المنهكة”. ويؤكد بكير أنّ المصالحة، إذا ما تحققت، ستمثّل حدثاً، مشيراً أنّه مناط بإرادة البلديْن فتح صفحة جديدة. ويضيف بكير: “من وجهة نظر السعودية، يتعيّن على إيران المبادرة إلى إبداء حسن النية، ما يمكّن الرياض من الرد بالمثل”، متابعاً: “إذا كانت هذه النية موجودة لدى إيران، فهذا هو الوقت المناسب للكشف عنها”
وعلى الرغم من التقارير التي أفادت عن تطرّق المسؤولين السعوديين والإيرانيين إلى الملف اللبناني في محادثاتهم، يرى أغلب الخبراء الذين حاورهم موقع “آسيا تايمز” أن نتائج اللقاءات ستنعكس على اليمن بشكل أساسي، من دون الإتيان على ذكر لبنان.
ففي تحليله، يرى بكير أنّه يمكن لليمن وسوريا أن تمثّلا بداية جيدة بالنسبة إلى إيران والسعودية، قائلاً: “يمكن لانسحاب إيران من سوريا ووقف السعودية عملياتها العسكرية بشكل دائم في اليمن أن يؤثراً بشكل حقيقي على العلاقات بين البلديْن”.
كذلك، يرى عمران البدوي، الأستاذ المشارك في برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة هيوستن الأميركية، أنّه يجب على الاتفاق بين إيران والسعودية أن يوائم مصالح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المتعلقة بالسياسة الخارجية. ويوضح البدوي أنّ هذه المصالح تشمل إنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن والعودة إلى منصة أوسع للنهوض بحقوق الإنسان العالمية. كذلك، يتحدث البدوي عن ضرورة تأمين الاتفاق مرور سفن النفط السعودية في مياه الخليج وضمان مستقبل برنامج الطاقة النووية الإيرانية.
بدورها، تتحدّث دانيا ظافر، مديرة “منتدى الخليج الدولي”، عن إمكانية تحقيق تفاهم بين الرياض وطهران حول اليمن، مشيراً إلى أنّ الطرفيْن قادران على تعزيز انخراطهما انطلاقاً من هناك.
توازياً، يتوقع خبراء أن تنعكس الانفراجة بين طهران والرياض على الشرق الأوسط وما بعده، مركزين على إسرائيل. وفي هذا الصدد، يرى الباحث المشارك في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة “جونز هوبكينز” ألبيرت وولف أنّه يمكن للانفراجة السعودية-الإيرانية أن تطيح باحتمال اعتراف السعودية بإسرائيل بشكل تام من جهة، وأن تقضي على آمال إسرائيل الرامية إلى استعمال اتفاقيات أبراهام كوسيلة لاحتواء إيران، من جهة ثانية.