عملية التحلل تُلوث التربة والمجاري المائية.. الموتى يهددون البيئة!
دعت دراسة بحثية حديثة إلى ضرورة العمل على إعادة الأجسام البشرية إلى الطبيعة في أسرع وقت، لتقليل التأثير البيئي الناتج عن دفن الموتى، حيث يستغرق جسد المتوفي عدة عقود ليتحلل في التربة.
الدراسة الصادرة عن وحدة The Conversation AFRICA، وهي مشروع بحثي ممول من جامعات كيب تاون وجوهانسبرج وبريتوريا، أشارت إلى أن عدد سكان العالم يقترب من 8 مليارات نسمة، ومساحة الأراضي المتاحة للدفن البشري على وشك النفاد، خاصة في البلدان الصغيرة والمكتظة بالسكان.
ولفتت الدراسة إلى أنه لتقليل التأثير البيئي، يجب إعادة الأجسام البشرية إلى الطبيعة بأسرع وقت، أخذا في الاعتبار أن معدل الانحلال في بعض طرق التخلص التقليدية الأكثر شيوعًا بطيء جدًا.
وفي خطوة فريدة من نوعها، حلّل فريق البحث 408 جثة بشرية، تم استخراجها من حفر القبور والمقابر الحجرية في شمال إيطاليا، لدراستها ومعرفة الظروف التي تساعد في تسريع التحلل.
وخلُص الفريق إلى أن عملية التحلل تُلوث التربة والمجاري المائية، وأن حرق الجثث ينتج بصمة كربونية كبيرة.
وجاء في الدراسة أنه: “بينما يجب احترام طقوس وفاة البشر ودفنهم، وفقًا لمعتقدات الناس، ورغم أن الكنيسة الكاثوليكية سمحت بحرق الجثث منذ 1963، إلا أنها لا تزال تفضل الدفن، كما يُدفن أيضاً المسلمين، في حين يتم حرق جثث الهندوس”.
وفي البلدان الصناعية، أشارت الدراسة إلى أن معظم طقوس دفن الموتى التقليدية لها العديد من الآثار الضارة طويلة الأمد على البيئة، موضحة أن بقاء شظايا الخشب والمعدن في التوابيت والصناديق في الأرض تؤدي إلى تسرب المواد الكيميائية الضارة من خلال الطلاء والمواد الحافظة والسبائك، كما أن المواد الكيميائية المستخدمة في التحنيط تبقى أيضًا في الأرض ويمكن أن تلوث التربة والمجاري المائية.
بدائل للمقابر التقليدية
وتكشف الدراسة أن هناك عدة بدائل للمقابر التقليدية، تشمل “تحليل الجثث بالماء”، حيث يذوب الجسد بسرعة، ويتحول إلى مواد عضوية أو رماد.
ويرى البعض أن العديد من هذه البدائل إما غير قانونية أو غير متوفرة أو مكلفة أو لا تتماشى مع المعتقدات الدينية والشعبية، والغالبية العظمى تختار دفن التوابيت أو دفن الجثث في باطن الأرض.
معوقات التحلل السريع
تتنوع التوابيت من الصناديق الخشبية التقليدية إلى التوابيت المصنوعة من ورق مقوى إلى توابيت طبيعية مصنوعة من الصفصاف أو أوراق الموز أو الخيزران، وتتحلل أسرع، والخيار الأكثر استدامة من الناحية البيئية هو الذي يسمح للجسم بالتحول إلى هيكل عظمي بسرعة في سنوات قليلة.
وحذر فريق البحث من أن الجثث التي يجري التخلص منها في مقابر مصممة تقليديًا “تابوت داخل مساحة حجرية” يمكن أن يستغرق أكثر من 40 عامًا حتى يتم هيكلتها، وقال: في هذه المقابر، تستهلك البكتيريا الأكسجين بسرعة في المساحة الحجرية حيث يُوضع التابوت، وهذا يخلق بيئة دقيقة تعزز الحفاظ على الجسم لأجل غير مسمى تقريبًا.
وأكد البحث الشكوك السابقة حول التحلل البطيء للجثث داخل مقابر حجرية، وقال إن ذلك يساعد في تكوين مادة شمعية نتيجة تفاعلات كيميائية تحول الأنسجة الدهنية بالجسم لمادة صابونية مقاومة للتحلل، وقد توقفه تماما.
تحلل أسرع للجثث
وقدم البحث عدة نتائج تهدف لتحويل الموتى لهياكل عظمية بشكل أسرع، أبرزها وجود نسبة عالية من الرمل والحصى في التربة داخل المقابر بما يعزز تحلل الجثث وهيكلها العظمي في أقل من 10 سنوات، حتى لو كانت داخل تابوت، كون التربة تسمح بتدوير مزيد من الهواء والكائنات الدقيقة، وتصريف المياه وكلها مفيدة لتحلل المواد العضوية.
وتوصل الفريق البحثي إلى حل ثان بعدما أتيحت له تجربة ما يُسمى بـ”المقبرة المهواة”، تم تطوير مقابر ببعض الدول الأوروبية منها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا لإتاحة مزيد من التهوية والتحلل الصحي بشكل أسرع من المقابر التقليدية.
وفي هذه المقابر، ينقى فلتر الكربون المنشط، الغازات، ويتم امتصاص السوائل من خلال مساحيق بيولوجية متحللة، أحدها يوضع في قاع التابوت والآخر تحته، وبمجرد التحلل، يمكن نقل بقايا الهيكل العظمي لصندوق عظام وإعادة تهيئة المقبرة لدفن جثث أخرى.
وتشير الدراسة إلى أن المقابر الهوائية أرخص أيضًا من المقابر التقليدية بما يتوافق مع معايير الصحة العامة وحماية البيئة.
المصدر: سكاي نيوز عربية