علوم وتكنولوجيا

الصحون الطائرة… من يعتقد بوجودها؟

في الاسبوعين المنصرمين، تتبّع العالم أخبار الصحون الطائرة التي أثارها الإعلام الأميركي. ولم يكتف هذا الإعلام بإخبار الأميركيين بوجود تواصل مباشر مع «شعب خارج كوكب الأرض»، بل خُصّصت جلسات للأمن القومي للتحدث وتفسير تلك الظواهر الغريبة. وبعد تلك الاجتماعات، فرضيات كُتِبَتْ حول إمكانية كبيرة بوجود «حياة» خارج الكرة الأرضية. وكانت ردة الفعل مختلفة حول تلك المواضيع باختلاف التقسيم النفسي للشخص: التصديق، الكذب، الخرافة أو حتى التدجيل.

لا يمكن هذا المقال أن يجيب عن أسئلة: «هل الصحون الطائرة موجودة؟» أو «هل حقاً هناك حياة خارج الكرة الارضية؟» أو «هناك تواصل ما بين الأرض والكون الفسيح؟»… وغيرها من الأسئلة، حيث لا أجوبة أكيدة حتى يومنا هذا. ولكن لدى الناسا أو NASA (The National Space and Aeronautics Administration)دراسات وتفسيرات تؤكّد وجود مخلوقات وأجسام غريبة غير محدّدة، تسبح في السماء باحثةً عن تواصل ما. فهل يمكن زجّ تلك الأخبار ضمن الخرافات التي لطالما اعتقد الإنسان بها؟

خرافات أم حقائق؟

الخوف من المظلة المفتوحة في البيت، عدم لمس القط الأسود، الهروب عند سماع صوت البومة أو الغراب، وجود «المريخيين»… وغيرها، إعتقد بها الإنسان حتى أصبحت هاجساً عند البعض، كالخوف من نهار الجمعة الواقع في تاريخ 13، أو الزيارات المتكرّرة من «مخلوقات» فضائية للإنسان خلال نومه. والجدير بالذكر، بأنّ كل بلد لديه معتقداته الشعبية التي ورثها عبر الأجيال. وتصبح تلك المعتقدات من ضمن يومياته وطريقة عيشه بشكل واعٍ أو غير واع ٍ، وهي بعيدة كل البعد من العلم، حيث يكون هدفها التخفيف من حالة القلق التي يمكن أن تصيب أي شخص. ويفسّر علم النفس الاجتماعي وعلم الإناسة Anthropology ، بأنّ الخرافات تعود إلى آلاف السنين، حيث كان الإنسان يعيش ضمن قبائل، وكان لكل قبيلة أساطيرها وحكاياتها البسيطة لتفسير الكون والرضوخ للطبيعة القوية المسيطرة على الإنسان البدائي، حيث كان يعبدها طالباً منها المساعدة والتخفيف من مصاعبها (العواصف والزلازل والبراكين…).

كما انّ بعض الخرافات الشعبية التي تجلب الحظ السيئ عند بعض الشعوب، كانت جالبة الحظ السعيد لشعوب أخرى. فمثلاً، شؤم البومة عند الشعوب العربية، يقابله اهتمام خاص ومودة لهذا الطائر في البلدان الاسكندينافية. ويفسّر علم الإناسة هذا التناقض من خلال الأساطير والاعتقادات التي كانت شائعة آنذاك بين مختلفة القبائل. فمثلاً رقم 13، رقم الشؤم، تعود تفسيراته بين قبائل أوروبا قبل انتشار المسيحية، حيث كان يُحتفل بـ12 إلهاً، ولكن لسبب ما تدخلت روح شريرة التي كانت تُسمّى بـ«لوكي»، وسبّبت صراعاً بينهم ومقتل واحد منهم. ومنذ ذاك الحين أصبح رقم 13 رمزاً للروح الشريرة والأذى.

وعندما يتخطّى أو يتجاهل الإنسان هذه الاعتقادات الشعبية، شعور من الاسترخاء والراحة يسود في كيانه، وكأنّه تخطّى مشكلة ما أو ربح صراعاً مع الشر. وطبعاً علم النفس يفسّر هذه المشاعر من خلال القلق الكبير الذي يمكن ان يتخبّط به الإنسان بسبب الخوف من المجهول. فكل إنسان يخاف من المجهول، وعندما يتخطّاه الإنسان، يشعر بالعزيمة وبالقوة، وبالتالي ذلك يخفف من قلقه.

الصحون الطائرة

إجتمع مجلس الدفاع القومي الأميركي للتباحث «بشكل جدّي» في وجود تواصل «من الخارج» مع الكرة الأرضية. ومنذ أسبوعين، اصبح هذا الموضوع محمل جدّ لكثير من رواد التواصل الاجتماعي في العالم أجمع. وظهر الرعب والقلق الشديد عند كثير من الشعوب التي تعتقد وبشكل كبير بوجود حياة بعيداً من الكوكب الأزرق. كما بدأت التفسيرات الدينية والفلسفية… تنفي أو تؤكّد وجود تلك الحياة. وطبعاً يلعب التقسيم النفسي عند الإنسان دوراً بارزاً في تصديق هذه الأخبار أو العكس. فنجد بأنّ الشخص ذا التقسيم النفسي البارانويي، بدأ بأخذ إحتياطاته تجاه تلك الأخبار، كما تابع حيثياتها بشكل دقيق. بينما الشخص صاحب الشخصية الخوافية (الرهابية) فظهرت عنده اضطرابات القلق والتوتر بشكل كبير، وصولاً لحالات الهلع. فيما الشخص الذي لا يؤمن إلّا بالعلم، فقرأ عن الموضوع، من مصادر عدة وقرّر في نهاية المطاف انتظار ما سيؤول إليه العلم…. لذا، التكوين النفسي للشخصية يلعب دوراً بارزاً لردة فعلنا تجاه تلك الأخبار.

ماذا لو شعرنا بالقلق؟

من الصعب جداً، أن يتغلّب الإنسان على بعض المعتقدات التي تسود في تفكيره الواعي واللاواعي. ولكن عندما تسيطر هذه المعتقدات على الإنسان وترفع عنده نسبة القلق، هنا يجب على الشخص أن يتبع الإرشادات التالية التي تساعده في السيطرة على تفكيره والتخفيف من قلقه:

1- التفكير بطريقة منطقية بالنسبة للأفكار التي تتحدث عن الصحون الطائرة وغيرها التي لا يمكن ان تُفسّر علمياً.

2- عدم التفكير بطريقة متكرّرة ودائمة أمام الاعتقادات السائدة والاستسلام للعلم وعدم تتبع تلك الأفكار بشكل هوسي.

3- إسأل نفسك عن مواضيع الصحون الطائرة وغيرها: «ما اسوأ شيء يمكن أن يحدث لي؟». هذه طريقة مثلى للتخفيف من القلق الذي يؤثر تأثيراً مباشراً على حياته اليومية.

4- كسر الروتين اليومي الذي يعيشه الإنسان وتجربة مغامرات جديدة وعدم النسيان بأنّ الحياة قصيرة ويجب استغلالها بالطريقة الإيجابية والجيدة.

5- عدم تنظيم كل شيء. بعض الإحيان، من المهم أن يعيش الإنسان يومياته بطريقة إعتباطية من دون تنظيم وترتيب كل شيء. هذا التصرف يخفف كثيراً من القلق الذي يمكن أن يعايشه الإنسان.

مقالات ذات صلة