من هو فيدوروف الذي قاد الحصار الرقمي على روسيا؟ معلومات تسمعوها للمرة الأولى
بعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا الشهر الماضي، لجأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى ميخايلو فيدوروف، نائب رئيس الوزراء ورائد أعمال تقني سابق، للقيام بدور رئيسي في مواجهة التدخل الروسي.
مَن فيدوروف؟
نشأ فيدوروف في بلدة فاسيليفكا الصغيرة في جنوب أوكرانيا بالقرب من نهر دنيبر. وقبل الخوض في السياسة، أنشأ شركة تسويق رقمية تسمى “إس إم إم ستوديو” (SMMSTUDIO) صممت حملات إعلانية عبر الإنترنت.
وقاده العمل إلى وظيفة في عام 2018 مع زيلينسكي الذي كان حينئذ ممثلًا يخوض رحلة غير متوقعة لرئاسة أوكرانيا. أصبح فيدوروف مدير الحملة الرقمية، مستخدمًا وسائل التواصل الاجتماعي لتصوير زيلينسكي كرمز شبابي للتغيير.
بعد انتخاب زيلينسكي في عام 2019، عيّن فيدوروف، الذي كان يبلغ آنذاك 28 عامًا، وزيرًا للتحول الرقمي، وجعله مسؤولًا عن رقمنة الخدمات الاجتماعية الأوكرانية.
وزار فيدوروف وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأميركية للقاء القادة بمن فيهم تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة “آبل” (Apple).
واستخدم فيدوروف لتحقيق عزلة روسيا مزيجًا من التكتيكات الجديدة شملت وسائل التواصل الاجتماعي، والعملات المشفرة، والأدوات الرقمية الأخرى.
اتصالات نشطة مع عمالقة التكنولوجيا
فبعد أن غزت روسيا أوكرانيا، ضغط فيدوروف على الفور على شركات التكنولوجيا للانسحاب من روسيا.
وأرسل في 25 شباط الماضي رسائل إلى “آبل” و”غوغل” (Google) و”نتفليكس” (Netflix) يطلب منها تقييد الوصول إلى خدماتها في روسيا، وبعد أقل من أسبوع توقفت آبل عن بيع أجهزة “آيفون” الجديدة ومنتجات أخرى في روسيا.
في اليوم التالي، غرد فيدوروف برسالة إلى إيلون ماسك، مؤسس شركتي “تسلا” (Tesla) و”سبيس إكس” (SpaceX)، يطلب فيها المساعدة في الحصول على أنظمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك” (Starlink) التي تصنعها شركة “سبيس إكس” (SpaceX).
ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تساعد الأوكرانيين في البقاء على الإنترنت حتى لو أضرّت روسيا بالبنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية الرئيسة في البلاد. وبعد يومين من الاتصال بماسك، وصلت شحنة من معدات ستارلينك إلى أوكرانيا.
منذ ذلك الحين، قال فيدوروف إنه تبادل الرسائل النصية بشكل دوري مع ماسك، كما أجرى فيدوروف مكالمة الشهر الماضي مع كاران بهاتيا، نائب رئيس شركة غوغل.
وأجرت غوغل منذ ذلك الحين عددا من التغييرات، منها تقييد الوصول إلى بعض ميزات خرائط غوغل التي قال فيدوروف إنها تمثل مخاطر على السلامة لأنها يمكن أن تساعد الجنود الروس في التعرف على حشود من الناس.
ومنذ ذلك الوقت، أوقفت الشركة أيضًا مبيعات المنتجات والخدمات الأخرى، وفي يوم الجمعة الماضي منعت الوصول إلى وسائل الإعلام الحكومية الروسية على مستوى العالم على موقع “يوتيوب” (Youtube).
وتبادل فيدوروف رسائل البريد الإلكتروني مع نيك كليج، رئيس الشؤون العالمية في “ميتا” (Meta) -الشركة الأم لـ”فيسبوك” (Facebook) و”إنستغرام” (Inestgram)- حول الحرب الجارية.
وقال فيدوروف إن الشعور العام بالإحراج كان فعالًا، لأن الشركات “عاطفية وعقلانية في صنع القرار”.
وعلى “تويتر” (Twitter) ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، ضغط فيدوروف على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل آبل وغوغل ونتفليكس و”إنتل” (Intel) و”باي بال” (PayPal) وشركات أخرى للتوقف عن ممارسة الأعمال التجارية في روسيا.
ولقد ساعد فيدوروف في تشكيل مجموعة من المتسللين المتطوعين لإحداث الخراب في مواقع الإنترنت الروسية والخدمات عبر الإنترنت، كما أنشأت وزارته صندوقًا للعملات المشفرة جمع أكثر من 60 مليون دولار للجيش الأوكراني.
وجعل هذا العمل فيدوروف أحد أبرز مساعدي زيلينسكي، حيث ينشر التكنولوجيا والتمويل كأسلحة حرب حديثة.
كتاب عن تكتيكات الحرب الرقمية
في الواقع، يعمل فيدوروف على إنشاء كتاب يتحدث عن قواعد لعب جديدة للنزاعات العسكرية ويوضح كيف يمكن لدولة متفوقة استخدام الإنترنت والتشفير والنشاط الرقمي والمنشورات المتكررة على تويتر للمساعدة في إضعاف معتدٍ أجنبي.
وفي أول مقابلة معمقة له منذ بدء الحرب في 24 شباط، قال فيدوروف إن هدفه خلق “حصار رقمي”، وجعل الحياة غير سارّة وغير مريحة للمواطنين الروس إلى درجة جعلهم يشككون في الحرب.
وأشاد بالشركات التي انسحبت من روسيا، لكنه قال إن آبل وغوغل وشركات أخرى يمكنها المضي قدمًا في خطوات مثل قطع متاجر التطبيقات الخاصة بها تمامًا في البلاد.
وقال إن الحصار التكنولوجي والتجاري “جزء لا يتجزأ من وقف العدوان”.
وتجاهل فيدوروف -الذي كان يتحدث عبر الفيديو من مكان لم يكشف عنه حول كييف- المخاوف من أن أفعاله كانت تنفّر الروس في المناطق الحضرية، الذين قد يكونون الأكثر احتمالا لمعارضة الصراع.
وقال “نعتقد أن الروس ما داموا صامتين فإنهم متواطئون في العدوان وقتل شعبنا”.
عمل فيدوروف ليس السبب الوحيد وراء انسحاب الشركات المتعددة الجنسيات مثل ميتا و”ماكدونالدز” (McDonald’s) من روسيا، حيث أثارت الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب الرعب والغضب، فقد لعبت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما دورًا مركزيًا في عزل روسيا.
لكن الأستاذ في مركز مستقبل الحرب بجامعة ولاية أريزونا، بيتر سينغر، قال إن فيدوروف كان “فعالًا بشكل لا يصدق” في دعوة الشركات إلى إعادة التفكير في علاقاتها مع روسيا.
وقال سينغر “لا يوجد أي من المشاهير، فضلا عن الأمة، كان أكثر فاعلية في أوكرانيا لتسمية العلامات التجارية للشركات وفضحها للعمل بشكل أخلاقي مثل فيدوروف”.
(هاشتاغ عربي)