علوم وتكنولوجيا

بناء محطة فضائية على سطح القمر… اليكم التفاصيل

تستغرق أطول رحلة طيران بدون توقف على كوكب الأرض وتحمل ركابا حوالي 20 ساعة تقريبا، تقطع خلالها مسافة تبلغ 17 ألف كيلومتر، وهي رحلة قد لا يتحملها الكثيرون من البشر داخل طائرة مغلقة.

لذا، فإن فكرة السفر “الترانزيت” -والذي يعني التوقف لفترة وجيزة أثناء العبور أو المرور من دولة إلى أخرى- هي الحل الأمثل لهذه المشكلة من أجل تزويد الطائرات بالوقود، وكذلك للتخفيف على المسافرين لمسافات طويلة جدا.

الأمر نفسه قد يكون مناسبا لرحلات الفضاء خارج كوكب الأرض، خصوصا مع المسافات الطويلة التي تقدر بالسنوات، والأهداف التي تريد وكالات الفضاء الدولية تحقيقها مثل وصول البشر إلى المريخ.

منذ وصول البشر إلى القمر كان الهدف التالي هو وصولهم إلى المريخ، وبما أنهم لم يهبطوا بعد على الكوكب الأحمر فإن هذا الهدف يعد بعيد المنال، حيث تبلغ المسافة بين الأرض والمريخ في المتوسط 225 مليون كيلومتر، وفقا لوكالة ناسا.

ويستغرق إرسال رواد فضاء إلى المريخ 3 سنوات على الأقل ذهابا وإيابا.

لذلك، قد توفر محطة فضائية على القمر للبعثات الفضائية المستقبلية نقطة توقف بين مغادرة الأرض والوصول إلى النظام الشمسي أو حتى مجرة درب التبانة، ولكن لماذا لم نسمع عن بناء محطة فضاء دولية على القمر للمساعدة في هذه المهمات؟

لا أحد يسافر إلى القمر
يجيب إيان ويتاكر محاضر أول في الفيزياء بجامعة نوتنغهام ترنت في مقاله على موقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation) ضمن سلسلة “صغار فضوليون” (Curious Kids)، فيقول إن أحد أسباب عدم قيامنا ببناء محطة فضائية على القمر هو أننا لا نرسل الناس إلى هناك كثيرا، لقد تمكنا فقط من إرسال رواد فضاء إلى القمر 6 مرات حتى الآن، وحدثت عمليات الهبوط عليه في فترة 3 سنوات بين عامي 1969 و1972، وكانت جزءا من سلسلة من البعثات الفضائية تسمى بعثات أبولو.

كان نوع الصاروخ المستخدم لإيصال رواد الفضاء إلى القمر قويا للغاية ويسمى “ساتورن 5” (Saturn V)، والذي لم يعد ينتج بعد الآن، وهذا يعني أنه في الوقت الحالي ليس لدينا صاروخ قوي بما يكفي لنقل الناس إلى القمر، ناهيك عن بناء محطة فضائية هناك.

صعب للغاية
وفقا لويتاكر، فإننا بدأنا في بناء صواريخ قوية مرة أخرى، حيث تقوم شركة استكشاف الفضاء “سبيس إكس” (SpaceX) بصنع صواريخ أحدث وأكبر قادرة على حمل وزن رواد الفضاء إلى القمر.

كما تخطط ناسا لمهام جديدة لنقل رواد الفضاء إلى القمر، ومع ذلك هناك فرق كبير بين رحلة قصيرة إلى القمر وبناء محطة فضائية هناك، وهو أمر صعب للغاية، وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك في بناء المحطة على الأرض على شكل قطع، ثم نقل تلك القطع إلى القمر وتجميعها هناك.

وسيشبه ذلك الطريقة التي تم بها بناء محطة الفضاء الدولية، حيث تم أخذ القطع إلى الفضاء، ثم تم تجميعها بواسطة رواد الفضاء على متن مكوك الفضاء.

ومع ذلك، فإن محطة الفضاء الدولية تبعد فقط 400 كيلومتر عن سطح الأرض، أما القمر فيبعد 384 ألف كيلومتر، وسوف تستغرق كل رحلة إلى القمر حوالي 3 أيام وتتطلب كميات هائلة من الوقود، مما يزيد مشاكل المناخ على الأرض.

قد تكون الفكرة الأفضل لبناء تلك المحطة على القمر من خلال بناء أكبر قدر ممكن من قاعدتها من المواد الموجودة على القمر بالفعل، وأن يتم اختبار الخرسانة القمرية على الأرض كمواد بناء محتملة.

على الأرض تصنع الخرسانة من الحصى أو الرمل والإسمنت والماء، إلا أنه ليس لدينا أي من هذه الأشياء على القمر، لكن ما لدينا هناك هو غبار القمر والكبريت، ويمكن صهرها وخلطها معا، وبمجرد أن يبرد هذا الخليط فإنه ينتج مادة صلبة أقوى من العديد من المواد التي نستخدمها على الأرض.

تحدي الغذاء والطاقة
نحتاج أيضا إلى التفكير في ما يحتاجه رواد الفضاء المقيمون في المحطة الفضائية، إن أهم الأشياء هو توفير الغذاء والهواء القابل للتنفس، والكهرباء لتشغيل المعدات.

ويعمل العلماء حاليا على التعرف على كيفية زراعة الطعام في الفضاء، ويجري رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية تجارب لمحاولة زراعة الخضروات باستخدام وسائد التربة (Soil Pillows)، وقد يكون الخيار الآخر هو زراعة النباتات باستخدام الزراعة المائية (Hydroponics)، مما يعني أن النباتات تنمو في الماء وليس التربة.

وسوف يكون الحصول على الطاقة على القمر أكثر تعقيدا، وأفضل طريقة هي استخدام الطاقة الشمسية من الشمس مباشرة.

ومع ذلك، فإن القمر يكمل دورته حول الأرض كل 28 يوما، ويكون مواجها للشمس 14 يوما فقط، وهذا يعني أن محطة فضائية في موقع ثابت على القمر ستكون في مواجهة الشمس لمدة 14 يوما، ثم تدخل مرحلة الظلام لمدة 14 يوما أخرى، وبدون الضوء لن تعمل المعدات التي تعتمد في عملها على الطاقة الشمسية، هذا إن لم يتم القيام بتحسين كبير في عملية تخزين البطاريات للطاقة.

وتتمثل إحدى طرق التغلب على هذه المشكلة في بناء محطة فضائية في القطب الشمالي أو الجنوبي للقمر، ورفع الألواح الشمسية فوق السطح، وسوف تحصل الألواح على ضوء الشمس المستمر، لأنها يمكن أن تدور ولا يحجبها الكوكب على الإطلاق.

ويقول ويتاكر إنه بدلا من ذلك كله قد لا نحتاج إلى قاعدة على سطح القمر على الإطلاق، حيث تخطط ناسا لبناء قمر صناعي يدور حول القمر، وفي الوقت الذي قد تستخدم الصواريخ التي يتم إطلاقها من سطح القمر المزيد من الوقود للهروب من جاذبية القمر فإن هذا لن يكون صعبا جدا إذا تم من قمر صناعي، هذا يعني أنه سيكون أفضل من قاعدة ثابتة موجودة على القمر ليكون بوابة للبعثات المتجهة إلى النظام الشمسي.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة