“الروبوت” قادمة… فهل تغيّر حياتنا؟
ناقشت “الجزيرة” في مقال لها التطور التقني الذي ينتج عنه وجود “الروبوتات” في حياتنا اليومية، وفي التالي نقدم لكم أبرز ما جاء في هذا المقال.
في كتابه الجديد الصادر قبل نحو 3 أسابيع “حكم الروبوتات.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي كل شيء في حياتنا” (Rule of the Robots: How Artificial Intelligence Will Transform Everything) يقول الكاتب الأميركي مارتن فورد مؤلف الكتاب إن “الروبوتات لن تغير بعض الأشياء أو كثيرا من الأشياء في حياتنا، بل ستغير كل شيء بالمعنى الحرفي للكلمة”.
ويوضح الكاتب “إذا كان لديك هاتف ذكي، فلديك ذكاء اصطناعي في جيبك، ومن المستحيل تجنب الذكاء الاصطناعي على شبكة الإنترنت، وقد يغير بالفعل كل شيء، من كيفية تشخيص الأطباء للمرض، إلى كيفية تفاعلك مع الأصدقاء أو قراءة الأخبار”. لكن مارتن فورد يجادل في “حكم الروبوتات” بأن الثورة الحقيقية لم تأت بعد، فما زلنا في إرهاصاتها الأولى فقط.
الآلات قادمة
وفي الكتاب الأكثر مبيعا حسب تصنيف صحيفة “نيورك تايمز” (NewYork Times)، يقدم لنا فورد رؤية مذهلة للمستقبل القريب جدا، ويجادل بأن “الذكاء الاصطناعي هو تقنية قوية بشكل فريد تعمل على تغيير كل أبعاد الحياة البشرية نحو الأفضل أو الأسوأ حسب طريقة استخدامها، فعلى سبيل المثال يمكن تطبيق العلوم المتقدمة بواسطة الآلات، وكذلك حل المشاكل المعقدة في البيولوجيا الجزيئية التي لا يستطيع البشر القيام بها، ويمكن أن يساعدنا الذكاء الاصطناعي أيضا في مكافحة التغير المناخي أو توقع الجائحة التالية وكيفية التعامل معها”.
كما أن لدى هذه الآلات قدرة على إحداث الأذى والضرر الجسيم، مثل قدرتها على التزييف العميق الذي لا يمكن اكتشافه بالصوت والصورة والفيديو الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لأحداث ووقائع لم تقع أبدا، وقد يتم استغلال هذا الذكاء لإحداث الفوضى والاضطرابات في جميع أنحاء العالم، أو ربما تستغله الأنظمة الاستبدادية بآليات غير مسبوقة للتجسس والرقابة الاجتماعية، كما يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي متحيزا بشدة، ويتعلم منا المواقف المتعصبة والمتطرفة ويغذيها ويحافظ على ديمومتها.
ويؤكد الكاتب أن “الآلات قادمة، ولن تتوقف، وكل منا بحاجة إلى معرفة ما يعنيه ذلك إذا أردنا ازدهار البشرية في القرن الـ21، وحكم الروبوتات هو الدليل الأساسي لكل ذلك؛ كل من الذكاء الاصطناعي ومستقبل اقتصادنا وسياستنا وحياتنا”.
وقالت الصحيفة إن هذه الروبوتات يطلق عليها اسم “كزافيي” (Xavier)، وهي مجهزة بـ7 كاميرات تمكنها من اكتشاف ما إذا كنت قد ركنت دراجتك أو سيارتك على نحو غير صحيح، أو إذا كنت تدخن في منطقة يمنع فيها التدخين، أو لم تحترم قواعد التباعد الاجتماعي.
ووفقا لمايكل ليم، مدير مشروع روبوتات المراقبة تلك، فإن هذه الآلات تعد سلاحا جديدا للحد من المشاكل الأمنية، ويقول “إذا كان الروبوت موجودا وحدث شيء ما، فسيكون لدى الأشخاص في غرفة التحكم علم بذلك ويستطيعون رؤية ما يحدث”.
ومن جهة أخرى، أثارت هذه التكنولوجيا الحديثة انتقاد المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يرون فيها انتهاكا للحريات المدنية.
حراسنا حين ننام
في مؤتمر صحفي عقدته أمازون قبل مدة، عرضت الشركة روبوتا مستقلا شبيها بالكلاب يبلغ وزنه 20 رطلا يُدعى “أسترو” (Astro) بعيون كرتونية كبيرة على وجهه اللوحي، ويستخدم الروبوت برنامج التعرف على الصوت والكاميرات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا رسم الخرائط وأجهزة استشعار التعرف على الوجه أثناء تنقله من غرفة إلى أخرى في المنزل، كما يستطيع التقاط فيديو مباشر، وتعلم عادتك وكل شيء عنك بمراقبته المستمرة لك وسهره على راحتك، وذلك كما ذكرت شبكة “سي إن إن” (CNN) أخيرا.
وكانت أمازون قد أعلنت أن رؤيتها لمستقبل الأمن المنزلي تتضمن وجود طائرات من دون طيار تحلق فوق سطح منزلك، وكاميرات خارجية تراقب المتسللين المحتملين، وروبوتات لطيفة الشكل تقوم بدوريات في كل مكان داخل بيتك وحوله.
كما أعلنت أمازون أيضا عن خدمة اشتراك تسمى “حارس الأمن الافتراضي” (Virtual Security Guard) حيث سيعمل هذا الحارس الرقمي من خلال كاميرات خاصة على تحليل البث الحي والمباشر من هذه الكاميرات للتثبت من أمان منزلك وعائلتك، كما يمكنه تفعيل خاصية التحدث الثنائي للتواصل مع الزوار، وكذلك تفعيل صفارة الإنذار، والتواصل مع رجال الشرطة وخدمات الطوارئ عند الحاجة.
سرقة للوظائف أم حل للمشاكل؟
حسب دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي نشرت حديثا، سيرتفع معدل الاعتماد على الآلات (Automation) في كل أنواع الوظائف إلى 52% بحلول عام 2025. وتوصلت الدراسة إلى أن الروبوتات ستقضي على نحو 85 مليون وظيفة في الشركات المتوسطة والكبيرة الحجم في السنوات الخمس القادمة.
ووجدت الدراسة أن العمال الذين سيحتفظون بأدوارهم في السنوات الخمس المقبلة سيتعين على نصفهم تعلم مهارات جديدة، وأنه بحلول عام 2025 سيقسم أصحاب العمل أعمالهم بالتساوي بين البشر والآلات، وذلك كما ذكر موقع الجزيرة نت في وقت سابق من هذا العام.
ولكن هل هذا يعني أن الروبوتات ستسرق أعمالنا ووظائفنا؟
الإجابة ليست سهلة، فالروبوتات ستقدم أيضا الحلول لكثير من مشاكل العمالة في العالم.
في القطاع الزراعي مثلا، عانى أصحاب المزارع في بريطانيا في الصيف الماضي من نقص العمال لحصد محاصيلهم، وقد أدى ذلك إلى تعفن كثير من المحاصيل في الحقول لعدم وجود عمال لقطفها، وهنا فإن الروبوتات لديها الحل، فهي تستطيع حصد هذه الحقول بسرعة وكفاءة عالية، وذلك كما ذكرت صحيفة “الفايننشال تايمز” (Financial Times) أخيرا.
وفي القطاع الصناعي، عانت المصانع نقصا كبيرا في العمالة أثناء الجائحة، وتحول عدد كبير منها نتيجة لذلك إلى الأتمتة واستخدام الروبوتات للقيام بالعمل، وتسعى كثير من المصانع في بريطانيا للتحول الكامل نحو الاعتماد على الآلات لأداء العمل، ويتوقع تقرير جديد صادر عن شركة “لوكس ريسيرتش” أن تتم أتمتة معظم المهام التصنيعية في عام 2030، كما ذكرت الصحيفة.
وهناك كثير من القطاعات الاقتصادية التي تتحول إلى الأتمتة والاعتماد على الروبوتات والذكاء الاصطناعي حاليا، مثل البنوك والسياحة والسفر والنقل والمواصلات وغيرها.
لقد بدأ التحول ولن يتوقف أبدا… هو عالم جديد قادم وعلينا أن نكون مستعدين.
(الجزيرة)
المصدر: أ.ف.ب – الجزيرة