Top Boy… دراما لامعة بمستوى تصاعدي
عاد مسلسل Top Boy (الفتى الأفضل) بموسم جديد على شبكة “نتفلكس”، وهو يتمحور حول عصابات مخدرات في لندن، لكنه يضيف هذه المرة شخصيات جديدة إلى طاقم تمثيلي مبهر أصلاً. يبلغ مستوى العمل ذروته ويبدو أنه لن يتنازل عن هذه الجودة يوماً.
بدأ عرض هذا المسلسل منذ فترة طويلة، لكن تعرض “نتفلكس” آخر موسمَين حصراً. يحمل هذا العمل الدرامي توقيع رونان بينيت، وهو يُركّز على بيع المخدرات لجني المال في منطقة “هاكني”. عرضت “القناة الرابعة” البريطانية جزأين من المسلسل بين العامين 2011 و2013 قبل إلغاء العمل، ثم أعاد مغني الراب الكندي، درايك، إحياءه لصالح “نتفلكس” في العام 2019. كان هذا الأخير من أشد المعجبين بالمسلسل، وأراد أن يعرف مصير “دوشان” (آشلي والترز أو “آشر دي”)، و”سولي” (كاين روبنسون أو “كانو”)، وإمبراطورية المخدرات الناشئة التي يديرانها، فقرر أن يصبح المنتج التنفيذي للعمل. تطور المسلسل منذ ذلك الحين بطريقة إيجابية وتصاعدية، لكنه قادر على جذب الناس لمشاهدته في جميع الأحوال.
تكثر المؤشرات الخطيرة في الحلقات الأولى من الموسم الرابع. تدور معظم الأحداث ومشاهد الحركة في إسبانيا والمغرب، حيث يحاول “دوشان” تحسين خطوط إمداداته. هو لا يعود إلى منطقة “سامر هاوس” بل إلى شقة فخمة كان قد اشتراها له ولحبيبته “شيلي” (سيمبياتو أجيكاو). يتواجد “سولي” أيضاً في مكان آخر، فهو يقيم في قارب حيث يستطيع التفكير بالخيانات التي تعرّض لها في الماضي.
تحتدم الأحداث بحلول منتصف الموسم، وتستحق شخصية “جاك” (جاسمين جوبسون)، داعمة “دوشان” الحذقة، المشاهدة في هذه المرحلة من التطورات، وسرعان ما تصبح من أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام في المسلسل كله. هل يمكنها أن تنفتح عاطفياً على علاقة حب جديدة (مع العارضة التي تظهر على غلاف مجلة “فوغ”، أدوا أبوا)، وتنتقم لجريمة كراهية مرتبطة برهاب المثليين، وتطلق مصالحة معقدة مع شقيقتها المنفية “لورين” (سافرون هوكينغ)؟ تجذب الأحداث المشاهدين على مر الحلقات، ويسهل أن نتعلّق بالشخصيات الجديدة مثل “تيا” الطائشة (كونيا توكارا) التي تبتكر مكائد متهورة تكون كفيلة بإبعاد “ستيفان” (أرالوين أوشونريمي) من المدرسة وتورطه في عالم مظلم، كما حصل مع “أتس” (كيون كوك).
في نهاية المطاف، سنصبح جميعاً تحت رحمة “دوشان” وتقلباته المتواصلة. رغم ارتفاع عدد مغنّي الراب بين الممثلين، علماً أنهم يقدمون أداءً تمثيلياً مبهراً، خطف “كانو” الأضواء في الأجزاء السابقة، فجعل وجه “سولي” المُعبّر المعيار الذي يستعمله المسلسل لاستكشاف المظاهر غير الإنسانية في سياسة الهجرة البريطانية. يُركّز المسلسل أيضاً على تأثير السكان الجدد في الأحياء، فيجد “دوشان” نفسه على خلاف مع بقية سكان الحي الذي ينتقل إليه. هو يعترف لوالدته وكل من يسأله بأنه ليس نادماً على ما فعله، فيقول: “”سامر هاوس” كانت منطقة قذرة. أنا أسدي الجميع خدمة كبيرة بما أفعله”.
قد يكون “دوشان” أنانياً بما يكفي كي يرمي جماعته كلها بين مخالب “الذئاب” لمجرّد أن يُسهّل هربه. وتكمن عبقرية القصة في احتمال أن تتخذ الأحداث أياً من الاتجاهات الممكنة. قد نشاهد الشخصيات وهي تتصرف بطريقة لطيفة وحنونة حيناً، ثم تبدو وحشية لاحقاً من دون أن تلغي أعمالها، السيئة أو الحسنة، تصرفاتها الأخرى. يتمتع “دوشان”، و”سولي”، و”جايمي”، و”جاك”، بشخصيات وحشية ومعيبة، لكن لا مفر من أن نتمنى لهم أفضل مصير ممكن.
من خلال كشف الروابط العاطفية والنفسية التي تبقي الشخصيات متعلّقة بمنطقتها الأصلية، سواء كانت سيئة أو جيدة، يقدّم المسلسل رسالته ويحل مشكلة الحبكة المتعلقة بعمر “سولي” و”دوشان” دفعةً واحدة. يبقى العمل إذاً بقوة هؤلاء الأبطال الأشرار والأذكياء، ويبدو أنه لا ينوي التخلي عن هذا المستوى في أي وقت قريب.