The Tax Collector… فشل على جميع المستويات
لا يمكن العثور على أي جانب إيجابي في فيلم The Tax Collector (جابي الضرائب) للمخرج ديفيد آيير. حتى لو تغاضينا عن القوالب النمطية العنصرية المتكررة، وغياب أي عمق في الشخصيات، وعدم تماسك الحبكة، والحوارات المبتذلة، والمونتاج الرديء، لا يمكن ألا ننتقد الملل الذي يطغى على الفيلم كله. إذا أصرّ صانعو العمل على الاستخفاف بالمحتوى الذي يقدمونه، كان يُفترض أن يجعلوه ممتعاً على الأقل!
جابي الضرائب هو “ديفيد” (بوبي سوتو) الذي ينفّذ 30% من نشاطات العصابة التي ينشط فيها لإرضاء رب عمله (جورج لوبيز). سنشاهده في منزل كبير مع زوجة مُحِبّة وعائلة حنونة. هو من النوع الذي يصلّي مع أقاربه حول مائدة الفطور قبل أن ينطلق لإتمام أعماله المشبوهة. يعمل “ديفيد” مع رفيقه “كريبر” (شيا لابوف) الذي يُعتبر محرك العمليات. يتولى “ديفيد” التواصل والكلام، بينما يستلم “كريبر” النواحي العملية من المهام. هما يحققان ما يريدانه في معظم الأوقات، لكن يُلمِح المخرج إلى هشاشة وضعهما منذ مراحل مبكرة من القصة. هما يخسران 20 ألف دولار في إحدى العمليات مثلاً، ويعود عدو رب عملهما “كونيجو” (خوسيه كونيجو مارتن) إلى الساحة ليؤجج المشاكل التي تنتظرهما. يبدأ آيير قصته بتذكير المشاهدين باقتراب حفل البلوغ لابنة “ديفيد”، ما يعني أنه رجل عادي يحب عائلته. ربما أراد صانعو العمل أن يتعاطف الجمهور مع شخصيته، فقرروا منحه زوجة وأولاداً. تسمح هذه المقاربة أيضاً باستعمال الشخصيات النسائية في الفيلم كأدوات لتحريك الحبكة، لكنّ طريقة التنفيذ تبدو متوقعة ومخيّبة للآمال.
جميع جوانب الفيلم مُحبِطة بكل معنى الكلمة. ربما تنجم قلة الكفاءة الفاضحة في عناصر مثل المونتاج والحبكة في الجزء الثاني من الفيلم عن أزمة كورونا. لكن سبق وأخرج آيير أعمالاً أخرى في ظروف صعبة ومع ذلك قدّم مستوىً مقبولاً من الاحتراف، بما يفوق كل ما نشاهده في آخر 45 دقيقة من هذا الفيلم. يتراوح الجزء الأخير من القصة بين أسلوب التلاعب والعنف الوحشي وحبكة يستحيل أن يهتم بها المشاهدون. نادراً ما يتجاهل الناس موت شخصية رئيسية في الأفلام أو اقتراب النهاية كما يحصل في هذا العمل.
لا يستفيد الفيلم أيضاً من غياب أي دعم للممثلين في معظم المشاهد. كانت أعمال آيير السابقة توحي بأنه يجيد استخراج أداء تمثيلي جيد من ممثلين مثل كريستيان بيل في فيلم Harsh Times (أوقات صعبة)، أو شيا لابوف في Fury (الغضب)، أو جايك غيلينهال في End of Watch (نهاية المشاهدة). لكن يتراوح أداء جميع الممثلين في هذا الفيلم بين سيئ ومشين، ما يعني أن المخرج يتحمّل مسؤولية عيوب التمثيل كلها. تعرّض لابوف مثلاً لانتقادات كثيرة لأنه يجسّد شخصية لاتينية لا يتحدد نوعها الاجتماعي، لكنه يقدّم بكل بساطة دور شاب استوعب هذه الثقافة بالكامل، بما يشبه شخصية غاري أولدمان في فيلم True Romance (رومانسية حقيقية). لكن لا يبرر هذا الجانب الانطباعات السخيفة التي تتركها شخصيته. قدّم لابوف أدواراً قوية جداً في أفلام مثل Honey Boy (فتى العسل) وThe Peanut Butter Falcon (صقر زبدة الفول السوداني). من الواضح إذاً أن هذا الفيلم يهدر موهبته.
لكن يقدّم لابوف على الأقل شخصية مسانِدة وقادرة على لفت الأنظار، بينما يتخبط بطل العمل من حيث الأداء وتطور الشخصية. يبدو أن آيير هو من وجّه الممثل بوبي سوتو كي يقدّم هذا الأداء الباهت، مع أن المشكلة الحقيقية تكمن في الكتابة. لا تحصل أي شخصية في الفيلم على حوار أو موقف يمكن التعاطف معه من الناحية الإنسانية. لهذا السبب يتعثر جميع المشاركين، بما في ذلك أفضل الممثلين، بحثاً عن عناصر أخرى يمكن التمسك بها لرفع مستوى العمل. قد يكون الأداء التمثيلي مبتذلاً على نحو مأسوي، لا سيما تمثيل لابوف، لكن لا يمكن لوم الممثلين على محاولة إضفاء طابع مختلف على شخصياتهم لإحياء هذا الفيلم الذي يصل إلى أعلى درجات الملل في المشاهد التي تخلو من العنف.
في النهاية، يمكن اختصار الفيلم باعتباره محاولة لتقديم محتوى عنيف وذكوري بامتياز. من الواضح أن صانعي العمل كانوا يعرفون منذ البداية أن الفيلم لا يحمل أي مغزى أصلاً، بل يصبّ كامل التركيز على الاستعراض الخارجي، وكأننا نشاهد لعبة فيديو سيئة حول ثقافة العصابات اللاتينية. لكن تبقى ألعاب الفيديو أكثر متعة طبعاً.