غامبيا.. رحلة أحفاد “بيري بيري” لخطف الأضواء أمم إفريقيا
يتأهب الحصان الأسود لأمم إفريقيا، المنتخب الغامبي، لمواجهة غينيا، يوم الاثنين، ضمن منافسات الدور ثمن النهائي من “الكان”، وسط أحلام جمهور منتخب “العقارب” بمواصلة كتابة التاريخ خلال مشاركتهم الأولى في البطولة الإفريقية.
صعود غامبيا إلى دور الـ 16 يعد أحد أكبر مفاجآت البطولة حتى الآن، بعد احتلال المركز الثاني بمجموعتها وبنفس عدد نقاط المتصدر المنتخب المالي، بينما حل المنتخب التونسي ثالثًا، وودعت موريتانيا “الكان” بعد احتلال المركز الرابع، دون حصد أي نقاط.
يقول الصحفي المتخصص بالكرة الإفريقية، محمد عبد العظيم، إن الطفرة في أداء المنتخب الغامبي خلال الفترة الأخيرة وراءها المدرب البلجيكي الكبير، توم سينتفيت.
ويضيف عبد العظيم في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تعاقد الاتحاد الغامبي للعبة مع البلجيكي في 2018، وبدأ سينتفيت جولة أوروبية من أجل إقناع أي لاعب مميز بالقارة العجوز يمتلك الجنسية الغامبية بالانضمام إلى المنتخب الإفريقي على حساب أي بلد أوروبي آخر”.
ويتابع: “كان البلجيكي الخيار الأفضل لغامبيا، لأن تجاربه مع منتخبات الصف الثاني بإفريقيا وآسيا كانت سببًا في تطورها أكثر وأكثر حتى بعد رحيله عنها.. وسينتفيت أكد في أولى تصريحاته بعد تولي القيادة الفنية لغامبيا أنه سيقود الفريق للمشاركة في بطولة كبرى، وهذا ما حدث بالفعل، بالوصول للـ(كان) للمرة الأولى في تاريخ المنتخب الإفريقي”.
رحلة الصعود
نجح البلجيكي في بناء فريق قوي، وهو ما وصفه سينتفيت في تصريحات إعلامية، قائلًا: “لدينا أفضل فريق وليس أفضل اللاعبين.. مستعدين لمنافسة كبار القارة الإفريقية”.
فشلت غامبيا في التأهل إلى دور المجموعات من التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم، بعد الخسارة على يد المنتخب الأنغولي بنتيجة 3 – 1 في مجموع المباراتين، ليبقى أمام البلجيكي “أمم إفريقيا” فقط من أجل الوفاء بوعده.
ويشير محمد عبد العظيم إلى أن مستوى غامبيا بتصفيات أمم إفريقيا كان يرشحها بقوة لتكون الحصان الأسود للبطولة.
ويردف: “لم تكن قرعة تصفيات (الكان) رحيمة بغامبيا، إذ جمعتها بمنتخبات: الغابون، وأنغولا، وكونغو الديمقراطية، إلا منتخب العقارب كشر عن أنيابه، وتصدر مجموعته بـ 10 نقاط، ليصعد رفقة الغابون إلى أمم إفريقيا”.
كان صعود غامبيا إلى “الكان” يعيدها إلى خريطة الكرة الإفريقية، بعدما كان أبرز معلومات محبي اللعبة عنها هو أسطورتهم الراحلة “بيري بيري”، الذي يعتبره قطاع كبير من جمهور غامبيا اللاعب الأبرز عبر تاريخهم.
جدير بالذكر، أن مومودو نجي، المعروف أيضًا باسم بيري بيري، لاعب كرة قدم غامبي لعب بالجناح الأيمن، ولعب لنادي إشبيلية في إسبانيا وهرفوليه بولدكلوب في الدنمارك، ورحل عن عالمنا في 2020.
صعوبات الحلم
عقب التأهل لأمم إفريقيا، نجح المدرب البلجيكي، توم سينتفيت، في صنع الإنجاز الأهم، وهو زرع الحلم في عقول لاعبيه، وهو ما ظهر بوضوح خلال تصريحات قائد المنتخب الغامبي، ولاعب نادي سامبدوريا الإيطالي، عمر كولي، لـ”بي بي سي”.
قال كولي: “في كل مرة يكون هناك فريق مفاجئ بالبطولة الإفريقية، هذه المرة نأمل أن تكون غامبيا.. سينتفيت يحفزنا كثيرًا ويشير دائمًا إلى أننا أفضل جيل كروي لغامبيا عبر تاريخها”.
من أجل تحفيز المنتخب الغامبي لصعود إلى أمم إفريقيا، تم وعدهم بمكافأة مالية وصلت قيمتها إلى 11 مليون دالاسي غامبيًا (ما يقارب 215 ألف دولار)، إلا أنه عقب التأهل التاريخي لم يتلق لاعبي منتخب العقارب المكافآة، ما تسبب في أزمة كبيرة، وصلت إلى رفض المنتخب غامبي مقابلة رئيس البلاد أداما بارو.
علق المدرب البلجيكي على هذه الأزمة، قائلًا: “بالنسبة للاعبين، لم يكن اللعب في غامبيا أبدًا يتعلق بالمال في المقام الأول. بدلاً من ذلك، كان الأمر دائمًا يتعلق برفع علم البلاد إلى أعلى وجعل الشعب الغامبي يشعر بالفخر.. لكن يشعر الفريق أن الاحترام والدافع الممنوحين للاعبين يقل عما يفترض أن يكون؛ لذلك قرر اللاعبون بالإجماع رفض دعوة الرئيس الغامبي، فكرة القدم لعبة تحفيزية تحتاج دائمًا للدعم من أجل الاستمرار”.
وقبل بطولة الأمم الإفريقية، تلقى المنتخب الغامبي ضربة موجعة أثناء معسكره بقطر، إذ أعلن الفريق عن إصابة 16 لاعبًا بصفوف المنتخب بفيروس كورونا بجانب 5 إداريين، ما أدى لإلغاء وديتين لغامبيا أمام كلٍ من المنتخب الجزائري والسوري.
كانت الظروف تباعد بين منتخب غامبيا وحلم الظهور كحصانٍ أسود بأمم إفريقيا، إلا أن البلجيكي سينتفيت كان واثقًا من قدرة كتيبته بقيادة مهاجم بولونيا الإيطالي، موسى بارو، على كتابة تاريخ من نوع خاص، وهو ما حدث بالصعود إلى الدور ثمن النهائي من البطولة بمجموعة تضم: تونس ومالي وموريتانيا.
وفقًا لموقع “ترانسفير ماركت”، تبلغ القيمة التسويقية الإجمالية للاعبي منتخب غامبيا قرابة 42 مليون جنيه إستراليني، بمتوسط أعمار يصل إلى 26 عامًا، ويحتل “العقارب” المركز الـ 150 بتصنيف “الفيفا” الدولي.