قطر طرحت سلّة كاملة وقدّمت ترشيحَيْ البيسري وحتّي
كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
تكاد تكون قطر الدولة العربية الأكثر قرباً من «حماس» نظراً الى حسن علاقتها بها التي تمتد إلى سنوات على المستويات المالية والسياسية. فهي تجمعها علاقات مميزة وغير رسمية مع مراكز القرار الإسرائيلي، وتتفرد بعلاقتها بين الدول العربية وايران، وتجمعها علاقات استراتيجية بالولايات المتحدة الأميركية على مستوى الوساطات التي أدّتها، وآخرها الإفراج عن أموال وودائع إيرانية. قطر ذاتها حققت إنجازات على مستوى الهدنة في غزة، وكانت لها المقدرة على تمديدها، واستطاعت أن تبرز المساحة السياسية لحضورها حتى في لبنان، حيث تعتبر من الدول العربية القليلة إن لم تكن الوحيدة التي تقدّم مساعدات مباشرة للجيش اللبناني. تسعى قطر لتأدية دور توفيقي رئاسياً تدرّج من تبنّي مرشح إلى استمزاج الآراء حول عدة أسماء تعتبرها مناسبة للرئاسة.
خلال زيارته الأخيرة قطر تمنى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على المسؤولين القطريين المساعدة في الملف الرئاسي اللبناني، فحضر موفدها جاسم آل ثاني مستطلعاً المستجدات حول انتخابات رئاسة الجمهورية. تقصّد ميقاتي تحريك الجمود وخلق دينامية عربية حيال الوضع في لبنان. وتؤكد مصادر حكومية أنّ ميقاتي من خلال جولاته يعمل على حضّ الدول التي يزورها على مساعدة لبنان، وهو كان طلب من القطريين معاودة المسعى الرئاسي مقدمةً لحلحة غيره من الملفات العالقة.
لكن رغبة ميقاتي لم تتحقق بالمجمل، ذلك أنّ الموفد القطري الذي حضر بقصد المساعدة لم يستطع تسجيل جديد رئاسياً، ولم يلمس أي تطور أو تقدم على مستوى مواقف الجهات المعنية، بل وجد أنّ كل طرف لا يزال يتمترس خلف مواقفه، وبالأخص «الثنائي الشيعي» الذي لا يزال يتمسك بترشيح سليمان فرنجية، وهو وإن لم يعترض على الأسماء التي طرحت على مسامعه، اكتفى بالتأكيد على تمسّكه بفرنجية.
ترى قطر استمرار الخلاف على المرشحين المطروحين، وما دام لكل مرشح ما يمنع وصوله إلى الرئاسة، فيجب الاتفاق على اسم جديد. لكن خلافاً لزيارته الماضية حيث كان النقاش محصوراً بين اسمي جهاد أزعور وسليمان فرنجية، فإنّ الموفد القطري وضع اسم قائد الجيش في سياق الأسماء المرشحة المختلف على ترشيحها مقابل سليمان فرنجية، عارضاً سحب الإسمين من التداول لصالح مرشح ثالث هو المدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري الذي طرح ترشيحه مقابل سحب ترشيح قائد الجيش.
قطر الداعمة الأولى لترشيح قائد الجيش، والتي سبق وصارحت رؤساء الكتل النيابية الذين التقتهم في الزيارة الماضية بدعمه باتت تتعامل مع قائد الجيش كمرشح رئاسي لا يحظى بتأييد يؤهله للفوز، وانطلاقاً من هذا المبدأ يجري طرح التمديد تعويضاً عن الرئاسة.
وكان من بين الذين التقاهم القطري المعاون السياسي في «حزب الله» الحاج حسين الخليل فطرح معه الأسماء والعراقيل حيال المرشحين فكان جواب «الحزب» أنّه لا يزال على موقفه الداعم لترشيح فرنجية وسيبقى متمسكاً بترشيحه.
في اعتقاد «حزب االله» أنّ لا شيء جدياً في الرئاسة بعد، وأنّ الموفد القطري عرض الاتفاق على أسماء مرشحين من بينهم الوزير السابق ناصيف حتي والبيسري الذي تربطه علاقات قوية بالجميع، ولو أنّ عاملاً كهذا لن يكون سبباً لانتخابه. استمع «حزب الله» كما «التيار الوطني الحر» لطروحاته، وشدد «الحزب»، كما رئيس مجلس النواب نبيه بري على ترشيح فرنجية، فيما لم يعارض رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ترشيح البيسري لئلا يظهر بمظهر المعرقل الرافض لأي اسم مرشح يعرض عليه. كما استفسر عن امكانية الاتفاق على سلة كاملة متكاملة والمقايضة ما بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
في التقييم لزيارته يتفق أكثر من طرف سياسي استقبله واستمع إلى طروحاته أن زيارته جاءت على سبيل اثبات حضور وجسّ نبض المسؤولين إزاء أي جديد طرأ على ملف الرئاسة، وقد غادر خالي الوفاض إلا من تقرير أعدّه عن زيارة لم تأتِ بجديد. مصادر مطلعة عن قرب قالت إنّ حراكه يأتي استكمالاً لخطوات متتالية تسعى قطر من خلالها إلى تحريك الملف الرئاسي بطرح تسوية شاملة تبدأ بإنتخاب الرئيس وضمنها الاتفاق على رئيس الحكومة والتعيينات الأساسية، وأن ما تطرحه قطر هو موضع تداول على نطاق واسع، وإن لم ينضج بعد في إنتظار تحوّلات معينة، ذلك أنّ الكلمة الفصل هي لميدان غزة.