365 يوماً بلا رأس…
كتب كبريال مراد في موقع mtv:
يعيش اللبنانيون اليوم حالاً من القلق، وهم بين “شاقوفَي” منبقى أو منفلّ. عينهم على غزة وتطوراتها، وخوفهم على الجنوب ومناوشاته. يتخوفون، فيتموّنون، ويؤجّلون مخططاتهم، طويلة الأمد، لتأمين ما يمكّنهم من الصمود، إذا ما وقعت الحرب. والسؤال الأبرز على كلّ لسان “في حرب أو ما في حرب”. ويزيد القلق قلقاً، أن أحداً على المستوى الرسمي غير قادر على تطمينهم أنّ الحرب لن تندلع، لأن ما من أحد يعلم فعلياً الى أين يمكن أن يقود حشد البوارج الحربية الغربية والشرقية في المياه الإقليمية.
فالسباق دائر بين الديبلوماسية والمدفع، بين مساعي التوافقات السياسية، ومحاولات رسم خطوط جديدة بالبارود والنار. بينما الجمهورية اللبنانية، بلا رأس، وهي ستطفىء غداً الشمعة الأولى للشغور.
والمؤسف أن يسمع السائل عن الاستحقاق الرئاسي عبارة “مش وقتها هلّق… في شي أهم”. فما هذا “الأهم” الذي سيجعلنا نستمر بتعداد الأيام بلا رأس للجمهورية؟
فإذا لم ينتخب الرئيس اليوم فمتى يحصل ذلك؟ وإذا لم تدفع المخاطر الراهنة الجميع الى قناعة مفادها أن الجمهورية لا يمكن أن تستمر من دون رأس فمتى يقتنعون؟
فعملياً، مجلس الوزراء معطّل. ومحاولة احيائه بالتوافقات حيناً، والمناكفات والترهيب والترغيب أحياناً، لا تغيّر حقيقة أن السلطة التنفيذية تعرج وتنازع، وغير قادرة على أن تكون على مستوى الحدث. والمسألة هنا لا تتعلّق بالنيات، التي قد تكون حسنة، إنما بالإمكانيات السياسية والدستورية، كونها حكومة تصريف أعمال، ولو حاول البعض فيها التصرّف بخلفية “منكفي مثل ما نحنا بوجود رئيس أو بلاه”.
والمجلس النيابي ليس في وضع أفضل. وإن وجد بين النواب ورؤساء اللجان من يسعى لإضاءة شمعة، بدل لعن الظلام، فالملفات المطلوبة، اصلاحياً واقتصادياً ومالياً، محلياً واقليمياً، لن تجد طريقها الى الاقرار النهائي في ضوء عدم قدرة مجلس النواب على الإلتئام والتشريع، في غياب رئيس الجمهورية، والموقف المعلن لكتل أساسية بعدم المشاركة في التشريع.
والمؤسسة العسكرية على أبواب الشغور. وسط اعتراضات بالسياسة والدستور، على ملء الشواغر، إن على مستوى القيادة، أم المجلس العسكري. فكيف سنواجه الحرب يا جماعة الخير؟
أما السلطة القضائية فتئن بدورها، بلا تشكيلات واعتكافات. وإدارات الدولة فارغة، والخزينة بلا أموال… وحسابات الخطط والتصورات الوزارية والحكومية، لا توازي بيدر المداخيل والايرادات، في ظل عجز الناس عن سداد المطالبين به.
اللائحة تطول… ولسنا بوارد تعداد كل معالم الخلل. ولم تنسنا التطورات الأخيرة النزوح المستمر في كل حي وبلدة.
فيا أولاد الحلال، نحن في جمهورية مشلّعة، لا ينفع أن يخرج البعض فيها ليقول “ماشي الحال بلا رئيس”. فالمصائب يجب أن تضعنا أمام حقيقة أن انتخاب رئيس للجمهورية يشكّل المدخل الفعلي والضروري للإنقاذ. فالبلاد في حال موت سريري… لا تغشكم بعض مظاهر الحياة من هنا وهناك… فالسقوط سيكون عظيماً، إذا ما زادت الأعباء… وما من يحمِلها ويتحمّلها، ويعمل على بدء معالجتها.