صحة

صدور طرابلسية عارية في مواجهة كورونا

كتب محمد الحسن:

نهاران ونيف من عمر قرار الإقفال العام في مدينة طرابلس.

وحدها مداخل مدينة طرابلس استراحت، انما من زحمة سير تتوزع جنوبا وشمالا عند البحصاص ونزلة القلعة والبداوي، هناك حيث الحصار اليومي الذي لا حل له إلا بخطة كبيرة ونقل مشترك وسكة حديد وجسور طائرة.

بدا الدخول إلى طرابلس انسيابيا أمس، وبقيت أصوات سيارات الصليب الأحمر وهيئة الطواري تخرق الهدوء جزئيا، سيارات يقودها فتيان لا أحد يعلم اذا كانت البسة الوقاية تكفي لمنع كورونا من اقتحام حياتهم الشابة.

وأمس في أول يوم جمعة أقفلوا المساجد التزاما بقرار دوائر الأوقاف، وذلك بعد نقاش إذ أن البعض دافع عن إقامة صلاة الجمعة جامعة بإجراءات متشددة دون جدوى. فالانطباع الحالي لدى أئمة المساجد المعروفين يقول إن المصلين لا يلتزمون بما هو مطلوب وان عدد الأشخاص الذين يتولون مهمة المراقبة في المساجد غير كاف فعلا، ولذلك كان الإقفال في هذه الحالة عن قناعة من جهة والتزاما بقرار أهل الأمر والنهي، وفي المنطق الشرعي وضعوا ذلك في عهدة من قرر الإقفال.

ولم يسر ذلك على مساجد خاصة إذ اختار البعض صلاة سريعة لخمس دقائق على الإقفال وساعد عدم انتشار أخبار فتح أبواب هذه المساجد دون ازدحام توقعه الأئمة لأي مسجد يختار إقامة الجمعة.
وفي المقلب الآخر تكرر مشهد ازدحام المودعين من اللبنانيين والسوريين عند أبواب المصارف وعبثا احتج مؤيدو الإغلاق على مشاهد المزدحمين غير المتابعدين.

في الواقع لا يمكن لمدينة كطرابلس أن تنسجم مع أي إقفال بشكل كامل فمعظم السكان في مدن الفيحاء من العمال الذين يجنون مداخيلهم يوميا وبمبالغ قليلة جدا لا تفوق أحيانا الثلاثين الف ليرة، وهؤلاء يقولون سنموت مرضا ولكن لا نقبل أن نرى عيالنا يموتون جوعا.

هنا تظهر حقيقة كلفة رغيف الخبز في مدينة أثقلت كاهلها الاستحقاقات المؤلمة منذ فجر الاستقلال.

وكورونا لا يستثني طرابلس لكن فقراء احيائها اختاروا لا التعايش معه بل مواجهته بصدور عارية.

ربما يحصل ذلك الآن في الجميزة وغيرها حيث الأبواب والنوافذ المشرعة والاسقف المنهارة نتيجة انفجار بيروت.

لكن في طرابلس استوطن الحزن منذ زمن ولولا مبادرات كتلك التي يقدمها أهل الخير والعزم لكان الصمود صعبا.

Lebanon 24

مقالات ذات صلة