صحة

القسوة في تربية الأطفال تزيد من مخاطر إصابتهم بالأمراض في المراهقة

أفادت دراسة حديثة بأن القسوة في تربية الأطفال تحرمهم من فرصة استيعاب الانضباط الذاتي ويمكن أن تغير الطريقة التي يقرأ بها الجسم الحمض النووي لهم ما يزيد من “المخاطر البيولوجية” للإصابة بعدد من الأمراض في مرحلة المراهقة وما بعدها.

وانتهت الدراسة التي أعدها باحثون من جامعة لوفين في بلجيكا، ونُشرت نتائجها في المؤتمر الأوروبي لعلم الأدوية العصبية والنفسية، إلى نتائج أكثر خطورة لاستخدام القسوة تتعدى سلامة الصحة النفسية، خاصة أن في تربية الأطفال سواء من قبل الأب أو الأم تؤثر في تكوينهم النفسي وتجعلهم أكثر ميلاً للانزواء أو ممارسة العنف.

وقال الباحثون إن “الأبوة الصارمة” قد تتحكم في السلوك مؤقتاً، لكنها لا تساعد الطفل على تعلم اتخاذ القرارات أو إصلاح الأخطاء.
حب الطبيعة والجينات الوراثية… دراسة تطرح الموضوع

واكتشف الباحثون أن ممارسة سلوكيات قاسية في التربية، مثل العقاب الجسدي أو التلاعب النفسي بالألفاظ، يمكن أن تقدم مجموعة إضافية من التعليمات بشأن كيفية قراءة الجينات، ما يعني أن الجسم قد يُطور طفرات تُسبب الإصابة بالأمراض في المستقبل.

وأعلن الباحثون أن لديهم بعض الدلائل على أن هذه التغييرات نفسها يمكن أن تعرض الطفل النامي للاكتئاب، كما أن لديهم مجموعة من الإثباتات التي تؤكد أن تلك التغييرات لا تحدث إذا حصل الأطفال على تربية داعمة.

واختار الباحثون 21 مراهقاً يتلقون تربية أبوية جيدة (على سبيل المثال، كان الوالدان داعمين ويمنحان الأطفال الاستقلالية) و23 مراهقاً يتعرضون للقسوة (على سبيل المثال، العقاب البدني، الصرامة المفرطة)، وتراوحت أعمار المراهقين بين 12 و16 عاماً، بمتوسط 14 عاماً للمجموعتين.

وأظهرت مقارنة بين المجموعتين، أن العديد من الذين عانوا من الأبوة القاسية لديهم علامات اكتئاب أولية وشبه إكلينيكية، وتمكن الباحثون من قياس مجموعة من العلامات في أكثر من 450 ألف مكان في الحمض النووي فوجدوا أن العلامات التي ترتبط بالاكتئاب زادت بشكل كبير في أولئك الذين أبلغوا عن نشأة قاسية.

وأوضحت الدراسة أن تلك العلامات تنتج عن عملية طبيعية تسمى “المثيلة” والتي تحدث عند إضافة جزيء كيميائي صغير إلى الحمض النووي، ما يغير الطريقة التي تتم بها قراءة التعليمات المكتوبة في الحمض النووي الخاص بكل شخص.

وقال الباحثون: “على سبيل المثال، قد تؤدي المثيلة إلى زيادة أو تقليل كمية الإنزيم الذي ينتجه الجين، فمن المعروف أن التباين المتزايد في المثيلة يرتبط بالاكتئاب، وفي السابق تم ربط عملية المثيلة بالاكتئاب في مجموعات من التوائم المتطابقة، ووجدت مجموعتان مستقلتان من العلماء أن التوأم الذي تم تشخيصه بالاكتئاب الشديد كان لديه أيضاً نطاق أعلى من مثيلة الحمض النووي قي مئات الآلاف من نقاط البيانات، مقارنة بالتوأم السليم.

وأضافوا أن الحمض النووي عند الأطفال الذين عانوا من الأبوة الصارمة يبقى كما هو، لكن المجموعات الكيميائية الإضافية تؤثر على كيفية قراءة التعليمات من الحمض النووي، مشيرين إلى أن من تعرضوا لأبوة وأمومة قاسية أظهروا ميلاً نحو الاكتئاب.

ويعتقد الباحثون أن هذا المرض تم “غرسه” في حمضهم النووي خلال زيادة “المثيلة”، لكن من المحتمل أن يؤدي أي ضغط كبير إلى مثل هذه التغييرات في “مثيلة” الحمض النووي.

وتابعوا: “بشكل عام قد تؤدي الضغوط في مرحلة الطفولة إلى ميل عام للاكتئاب في وقت لاحق من الحياة عن طريق تغيير طريقة قراءة الحمض النووي الخاص، ولكن يجب تأكيد هذه النتائج في عينة أكبر”.

المصدر: الشرق

مقالات ذات صلة