صحة

هل كورونا “قوة قاهرة”؟

كتب موقع “سكاي نيوز”: أثير نقاشٌ مستفيض في المغرب حول مدى تأثير تفشي فيروس كورونا على التزامات العقود وهل يمكن اعتباره أحد أوجه القوة القاهرة، فيما صدرت دراسة عن الوكالة القضائية للمملكة المغربية حتى تحسم الجدل.

هذه الدراسة نشرتها الوكالة القضائية للمملكة التي تقول إن وباء “كوفيد-19″ يمكن أن يصنف قوةً قاهرة تتيح إمكانية فسخ العقود والدفع بانتفاء المسؤولية عن عدم التنفيذ، أو المطالبة بتأجيل التنفيذ ووقف احتساب الفوائد والغرامات.

وأوضحت الدراسة أن الالتزامات القانونية، أيا كان مصدرها، تعد نافذة وواجبة التنفيذ، بحيث يستوجب كل تأخير في ذلك مسؤولية المدين في أداء تعويضات وفوائد وغرامات التأخير ما لم يكن ذلك راجعا إلى سبب أجنبي خارج عن إرادته يعرف بـ”القهوة القاهرة” أو “الحادث الفجائي”.

“القوة القاهرة”

وفي هذا الصدد، أوضح عبد العالي الصافي، وهو محام وخبير قانوني، في حديث  لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن مشرع قانون الالتزامات و العقود عرف القوة القاهرة في الفصل 269 بأنها” كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية (الفيضانات والجفاف والعواصف والجراد) و غارات العدو و فعل السلطة، و يكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا”.

وباستثناء هذا النص يقول المحامي، نستخلص أن القوة القاهرة هي كل أمر لا يمكن أن يتوقعه الإنسان، شرط أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا، وعدد المشرع بعض حالات القوة القاهرة على سبيل المثال لا الحصر، ومن بينها فعل السلطة”.

وتابع الخبير القانوني “إذن، فالمشرع المغربي بخلاف المشرع الفرنسي، الذي اكتفى بتحديد آثار القوة القاهرة حيث عرف القوة القاهرة وأعطاها مفهوما عاما مقيدا بشرطين؛ هما استحالة إدراك الآدمي لهذا الأمر ثم أن يجعل هذا الأمر تنفيذ الالتزام مستحيلا.

وأوضح الصافي، أن “كوفيد 19” هو أمر لم يكن ليتوقعه أحد، و بذلك توفر الشرط الأول، ويبقى النقاش حول الشرط الثاني.

وأشار المتحدث، أن كوفيد الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية بمثابة وباء، هو أيضا كان موضوع تدخل تشريعي نظمه المرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 23 آذار 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.

وفوض المرسوم للسلطة الحكومية لتخاذ مجموعة من الإجراءات التي قيدت الحريات ومنها حرية التجول والتبضع والعمل في بعض الأحيان.

وتابع أنه من أجل حماية المواطنين وتخفيف أعباء هذا التقييم، نصت المادة السادسة منه على أنه “يوقف سريان مفعول جميع الأحوال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة”.

ويرى الخبير هذا التدخل التشريعي عملا من أعمال السلطة أيضا، وبالتالي فإن القوة القاهرة بمفهوم الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، متوفرة في نازلة الحال بكل أركانها وشروطها وآثارها أيضا.

توصيفٌ صحيح

في المقابل، يقول الباحث إنه عندما صنفت الوكالة القضائية “كوفيد 19” على أنه قوة قاهرة يعطي إمكانية فسخ العقود والدفع بتمديد الآجال وإلغاء الغرامات، فإنها أعطت توصيفا صحيحا.

ويضيف أنه كان على الوكالة ألا تحاجج بمرسوم الطوارئ فقط، بل كان عليها تأطير الموضوع بشكل جيد عبر الاستناد إلى الفصلين 268 و269 من قانون الالتزامات والعقود.

واعتبرت الدراسة أن مسؤولية الدولة عن الالتزامات الدولية، سواء أمام الهيئات أو المنظمات الدولية أو أمام الدول الأخرى، يمكن الدفع لتأجيلها استناداً إلى الآثار المترتبة عن وباء كورونا، نظرا إلى تصنيف كورونا جائحة دولية من طرف منظمة الصحة العالمية، ومن ثم، يمكن على سبيل المثال التمسك بسوابق قضائية للدفع بتوقيف أداء الدين الخارجي للمغرب، ويتعين قبل ذلك دراسة كل حالة على حدة، سواء من الجانب القانوني الصرف أو من الجانب الاقتصادي والمالي.

وذكرت الدراسة أن مدونة الشغل نظمت مجموعة من الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى توقيف رابطة الشغل بشكل مؤقت، مما يترتب عنه توقيف أداء الأجر وتوقيف أداء العمال، كما نصت على حالات يمكن اللجوء فيها إلى تخفيض ساعات العمل.

مقالات ذات صلة