الدجاج والزبدة والبيض والحليب… اليكم بعض الخرافات الغذائية حولها
هناك المئات من الادعاءات حول الأطعمة الصحية، وأخطر ما في هذا الأمر أن الكثير من الناس يقبلون هذه الادعاءات ويحاولون تطبيقها، رغم أنهم قد سمعوها من أشخاص ليسوا خبراء في مجال التغذية.
وفي المقال الذي نشرته صحيفة “ميلليت” (milliyet) التركية، قال الصحفي تاناي كركوس إننا في بعض الأحيان نفرض على أجسامنا قيودا غير ضرورية، ونزيد من صعوبة اتباع نظام غذائي متوازن بسبب المعلومات الخاطئة التي تلقفناها بوصفها حقيقة.
ونقل الكاتب عن المهندس الغذائي إبرو أكداغ تفنيده بعض الشائعات المعروفة في عالم التغذية من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- الحليب طويل الأمد الذي يتم إنتاجه بتقنية”يو إتش تي” أي تحت درجة حرارة عالية، والذي نسميه الحليب المعلب، هل هو ضار بالصحة؟
وهاذ السؤال هو الأكثر أهمية؛ فهناك من يدعي أن “الحليب المعقم بالحرارة الفائقة لا فائدة له”، وأن مصنعيه “يضيفون إليه المخدرات” وأنه “يسبب الإدمان”، فهذه كلها خرافات، لأن تقنية “يو إتش تي” (UHT :Ultra-high-temperature processing) (أي التعقيم بدرجة حرارة عالية جدا) هي تقنية فائقة تستخدم في جميع أنحاء العالم منذ عام 1961 بهدف معالجة الأغذية السائلة.
وتعتمد هذه التقنية على تسخين الحليب بدرجة حرارة 135-150 درجة مئوية، ثم تبريده في وقت قصير من 2 إلى 6 ثوان، ثم تتم التعبئة في عبوات معقمة (خالية من الجراثيم) وضمن بيئة معقمة أيضا.
وإذا لم يتم فتح العبوة وبقيت لمدة طويلة في درجة حرارة الغرفة، فإنها تحافظ على قيمتها الغذائية، أو بمعنى آخر: الحليب المعقم بالحرارة بتقنية “يو إتش تي” هو منتج يتم فيه الحفاظ على قيمته الغذائية دون الحاجة إلى أي إضافات وقائية، وذلك بفضل كل من المعالجة الحرارية وتقنية التعبئة والتغليف.
2- يخزن بعضنا أطعمة عن طريق تطبيق طريقة التجميد بالمنزل، ويلجأ البعض منا إلى الأطعمة المجمدة المعلبة؛ فهل تتغير القيمة الغذائية للأطعمة المجمدة؟ وهل تحتوي على مواد حافظة؟
يتم إنتاج الأطعمة المجمدة عن طريق تجميد الفواكه والخضروات التي يتم قطفها موسميا في غضون بضع دقائق باستخدام نظام “التجميد” وذلك بعد غسلها وتنظيفها.
وبهذه الطريقة، تحافظ على قيمتها الغذائية طوال فترة صلاحيتها دون إضافة أي مواد حافظة، وفي الواقع؛ تكشف الأبحاث أن القيمة الغذائية للفواكه والخضروات المجمدة أعلى بشكل عام من تلك التي يتم شراؤها من السوق، وذلك لأن الفاكهة والخضروات التي يتم قطفها من أغصانها وفصلها عن جذورها تبدأ في فقدان قيمتها الغذائية منذ اللحظة الأولى، وعادة ما تستغرق أسبوعا حتى تصل للسوق، وهو ما يفقدها قيمتها الغذائية.
ومن الناحية الأخرى؛ تحتفظ المنتجات المجمدة بقيمتها الغذائية بفضل التكنولوجيا المستخدمة، إذ يتم تجميدها بعد ساعات فقط من الحصاد.
3- هل فقط الدجاج الجوال (الذي لا يربى في مزارع) هي الذي ينتج البيض البني؟
يختلف لون صفار البيض باختلاف سلالة الدجاجة ونظامها الغذائي، وليس من الصحيح استخدامه كمعيار للجودة، ولا يوجد أيضا أي دليل يشير إلى أن القيمة الغذائية لبيض الدجاج المتجول (أي الذي تتم تربيته بشكل عشوائي وليس في مزارع دجاج) أعلى من غيره.
4- هل البيضة ذات القشرة البنية أفضل من البيضة البيضاء؟
لا علاقة للون البيضة بجودتها، وفي واقع الأمر؛ فإن ربط جودة البيضة بلونها لا يختلف عن ربطها بلون الريش، وذلك لأن سلالة الدجاج هي العامل المحدد للون البيضة، فدجاج “ليغورن” (Leghorn chicken) الإيطالي أبيض الريش وشحمة الأذن ينتج بيضا أبيض اللون، أما دجاج “أوربينجتون” (Orpington chicken) الأسترالي ذو الريش الأحمر أو الأصفر أو البني وفصوص الأذن الحمراء فينتج بيضا بني اللون.
ويجدر العلم أنه في البداية تكون كل بيضة بيضاء، ثم يتم تلوين البيض في نهاية الرحلة التي تستغرق 26 ساعة في قناة التفريخ في الدجاجة، ولأن إضافة الصبغات التي تعطي البيضة لونها البني تتم بعد تكوين البيضة، فإن السطح الخارجي للقشرة فقط هو الذي يصبح ملونا.
5- هل الدجاج الذي يستغرق وقتا أطول في الطهي هو الدجاج الطبيعي؟
الدجاج الذي تتم تربيته في القرية عادة ما يكون كبيرا في العمر، إذ يمتد عمره حتى فترة الذبح، لذلك فهو يستغرق وقتا أطول في الطهي، أما الدجاج الذي تشتريه من السوق فيتم طهيه بسهولة أكبر، حيث يتم إنتاج سلالات الدجاج الصغيرة الأسرع نموا وسهلة الطهي بواسطة أساليب صناعية.
6- هل يتم إعطاء المضادات الحيوية والهرمونات للدجاج؟
الدجاج هو أحد الأطعمة التي تتبادر إلى الذهن عندما يتعلق الأمر بـ”الأطعمة الهرمونية”، لدرجة أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص الذين يقولون “لم أعد أحضر الدجاج إلى المنزل”، ولكن يجب العلم أنه يحظر استخدام هرمونات النمو في الدجاج في كل أنحاء العالم.
ومن ناحية أخرى؛ فإن هذا الاستخدام غير منطقي من الناحية التقنية والمادية، لأن إضافة هرمون النمو إلى علف الدجاج لا ينفع بشيء، فعند وصولها إلى معدة الحيوان ستتفكك وتصبح غير فعالة، ولكي يكون الهرمون فعالا، يجب حقنه في الدجاج كل يوم وأكثر من مرة في اليوم، لهذا سيضطر المربي إلى قضاء كل يوم في مطاردة الدجاج.
لذا، ففي بيوت الإنتاج التي تضم آلاف الدجاجات؛ هل تعتقد أنه من الممكن اصطياد وحقن كل دجاجة عدة مرات في اليوم؟! هذا أمر غير منطقي.
أما بالنسبة للمضادات الحيوية فيجب العلم أنه يحظر إضافة المضادات الحيوية كمضافات علفية لأغراض النمو، لكن يمكن إضافتها لأغراض علاجية.
7- هل المضافات الغذائية تسبب السرطان؟
لا شيء منها يسبب السرطان، وإذا كان هناك أدنى شك في أن المضافات الغذائية قد تسبب السرطان، فلا يسمح باستخدام تلك المضافات الغذائية. ويكمن وراء السماح باستخدام المضافات الغذائية جيش من العلماء الدوليين الذين عملوا على ذلك لمدة 10 إلى 15 عاما؛ حيث تضم اللجنة المعنية بالإضافات الغذائية خبراء من منظمة الأغذية والزراعة “فاو” (FAO) ومنظمة الصحة العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، يسمح باستخدام المضافات الغذائية إذا كان هناك إجماع من السلطات الغذائية والصحية الدولية مثل هيئة سلامة الأغذية الأوروبية وإدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وبغض النظر عن السرطان، فإنه يتم تعديل استخدام المواد المضافة بطريقة بحيث إذا كان الشخص يستهلك هذه المادة المضافة كل يوم لمدة 70-80 عاما من العمر، فلا يلاحظ أي تأثير لها، كما أنه لا يتم السماح بإضافة هذه المواد إلا إذا كان لها مزايا تفيد الصحة من أجل دخولها إلى مرحلة التقييم.
ومن بين مزاياها ما يلي:
منع تطور الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض في الغذاء.
حماية القيمة الغذائية للطعام.
إنتاج خاص لذوي الاحتياجات الغذائية الفريدة.
زيادة القيمة الغذائية من خلال تقويتها بمواد لها تأثير إيجابي على الصحة مثل الألياف والفيتامينات والمعادن.
مدة صلاحية أطول.
تحسين الخصائص التركيبية ونكهة ولون الطعام.
منع التفاعلات غير المرغوب فيها مثل الأكسدة التي تخلق مخاطر صحية.
8- هل حقيقة أن لون الزبدة، سواء كانت صفراء أو بيضاء، يكشف عن جودتها؟
يعتمد لون الزبدة على النظام الغذائي للحيوان، فلونها ليس مؤشرا على جودتها؛ فإذا كانت البقرة أو الأغنام أو الماعز التي تم استخدام حليبها تتبع نظاما غذائيا يعتمد العلف الأخضر مثل العشب والحشائش، فإن الزبدة ستظهر بلون مصفر لوجود عوامل تلوين أكثر في هذه الأعلاف الخضراء؛ حيث تنتقل إلى حليب الحيوان مع طعامه، ثم تذوب في الدهون وتعطي الزبدة لونها.
أما إذا تمت تغذية الحيوان، الذي يُستخدم حليبه في صناعة الزبدة، بأعلاف مثل القش والشعير والقمح، فمن المتوقع أن تكون الزبدة أفتح في اللون، لأن هذه الأطعمة لا تحتوي على عوامل تلوين.
ومع ذلك؛ ونظرا لأن المستهلكين يقيمون جودة الزبدة تبعا للونها، فيمكن استخدام عوامل التلوين ذات الأصل النباتي والمعدني المسموح بها في الدستور الغذائي في إنتاج الزبدة.
9- هل تبلور العسل هو ما يدل على أنه عسل طبيعي أصلي نقي؟
من الطبيعي أن يتبلور العسل؛ ومع ذلك، هذا ليس مؤشرا صالحا لتقديم دليل على أنه طبيعي أو أصلي أو نقي أو أي استنتاج آخر؛ فقد يتبلور العسل أو لا يتبلور تبعا لتأثيرات عديدة مثل نوعه وظروف التخزين وطول فترة التخزين وما إلى ذلك، وهي العوامل التي تصعب على المستهلكين معرفة حقيقته، خاصة وأنه من الأطعمة التي يمكن تقليدها بسهولة، ولهذا يجب إخضاع العسل للتحليل المخبري الذي يختبر العديد من المميزات لمعرفة أصالة وجودة العسل من عدمه.
10- هل استهلاك المنتجات المعلبة ضار بالصحة؟ وهل من الممكن أن ينتقل المعدن إلى الطعام الذي يباع معلبا في عبوات معدنية؟
استهلاك المنتجات المعلبة غير ضار بالصحة، ويمكن أن يكون له تأثير إيجابي من حيث زيادة استهلاك الخضار والفواكه ومنع إهدار الطعام، ولكن بالمقارنة مع نظائرها الطازجة أو المجمدة، فإن القيمة الغذائية للأطعمة المعلبة أقل بقليل، ولكن هذا لا يلغي كونها بديلا جيدا للطعام عندما لا يمكننا الوصول إلى أصناف أخرى أو عندما لا يكون هناك وقت للطهي.
وعادة ما تكون العبوات المستخدمة في الأغذية المعلبة قد اجتازت الاختبارات اللازمة لمنع أي انتقال للمواد المعدنية إلى الغذاء.
11- هل يوجد بلاستيك في أكياس شاي الأعشاب والفواكه؟
عندما تذكر عبارة الأكياس، فإن النايلون هو أول ما يتبادر إلى الذهن، لكن أكياس الشاي ليست مصنوعة من البلاستيك، إذ إن منتجي الشاي الرئيسيين في تركيا يصنعونها من ألياف نبات الأباكا الذي يشبه شجرة الموز. وبما أن القمصان المصنوعة من الكتان لا تذوب عندما تبتل، فإن أكياس الشاي المصنوعة من شجرة الأباكا لا تذوب في الماء الساخن.
12- هل عصائر الفاكهة الطبيعية 100% خالية حقا من الإضافات؟
يحظر إضافة السكر والمحليات والنكهات والمواد الحافظة والملونة إلى عصائر الفاكهة الطبيعية 100%، مما يعني أنها تشبه إلى حد كبير العصير الذي نحضره في المنزل. والفرق بينهما هو أن هذا النوع من العصائر المعلبة يخضع للمعالجة الحرارية للحفاظ على قيمته الغذائية وجعله يدوم لأطول فترة ممكنة.
13- هل تصنع العصائر من الفاكهة الفاسدة؟
حسب اللائحة القانونية لتصنيع العصائر، يجب إنتاج العصير من “فواكه صلبة وناضجة تكون طازجة أو مجمدة أو مجففة”، ولا يمكن استخلاص العصير من الفاكهة الفاسدة.
14- هل ينطوي تسخين الطعام في الميكرويف على مخاطر صحية؟
تكون الموجات المنبعثة من الميكرويف في شكل إشعاع “كهرومغناطيسي”، وهي تختلف عن الإشعاعات المؤينة التي يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا. هذه الأشعة تصدر من مختلف الأجهزة المنزلية، على غرار الميكرويف والرادارات والهواتف وأجهزة التلفزيون ومجففات الشعر. وتعرض الطعام المطبوخ للإشعاع عند تسخينه في الميكرويف مجرد خرافة. ويظهر البحث العلمي أن الميكرويف آمن الاستخدام.
15- هل الملح الصخري فعال في الوقاية من بعض الأمراض؟
مثل بقية أنواع الملح، لا يتميز الملح الصخري بفوائد خاصة. وقد كشفت الدراسات العلمية أن الإفراط في تناول الملح يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم المرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية. وبما أن الصوديوم يمثل 97% من مكونات الملح الصخري، فإن الإكثار منه مضر بالصحة.
16- هل استهلاك الغلوتين ضار للجميع؟
يوصى من يعانون من الاضطرابات الهضمية، الذين يشكلون أقل من 1% من السكان، بإقصاء الغلوتين من نظامهم الغذائي، وخاصة من يعانون من عدم تحمل الغلوتين أو من حساسية الغلوتين. وهذا لا يعود إلى وجود عوامل ممرضة في الغلوتين، وإنما لأن جسم الأشخاص المصابين بهذه الاضطرابات الهضمية يتفاعل بشكل مختلف مع الغلوتين.
الغلوتين بروتين موجود في الحبوب مثل القمح والشعير والجاودار. واتباع نظام غذائي خال من الغلوتين يمكن أن يؤثر سلبا على الصحة إذا لم تكن لديك مشكلة مع الغلوتين. وحسب تقرير لجمعية القلب الأميركية نشر في عام 2017، فإن اتباع نظام غذائي منخفض الغلوتين يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
17- هل من الآمن استخدام زيت الزيتون في الطهي أو القلي؟
ينقسم زيت الزيتون إلى أنواع، من بينها زيت الزيتون البكر الممتاز والزيت المكرر، وكل نوع منها مناسب للطهي والقلي. ورغم عدم وجود تحذيرات من استخدام زيت الزيتون في الطهي، فإن المعالجة الحرارية للزيوت تفقدها بعض المركبات الفينولية المفيدة.
18- هل يؤدي تناول الأطعمة المعرضة للتعقيم الإشعاعي (irradiation sterilization) إلى تراكم الإشعاع داخل الجسم؟
إن الهدف من التعقيم الإشعاعي للأغذية هو القضاء على الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض والتعفن الغذائي والطفيليات، والمحافظة على الطعام سليما وآمنا لأطول فترة ممكنة.
أجرت المؤسسات العلمية المرموقة العديد من الأبحاث حول هذه التقنية لأكثر من 30 عاما، وقد أثبتت أن الأطعمة التي تتعرض للتعقيم الإشعاعي لا تحتوي على إشعاع. وهذا ما أكدته منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة الأميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ومختلف الهيئات العلمية الأخرى. وحتى رواد الفضاء في وكالة “ناسا” (NASA) يستهلكون الأطعمة التي تم تعقيمها باستخدام الإشعاع المؤين لتجنب الأمراض المنقولة بالغذاء أثناء رحلاتهم الفضائية.
(الجزيرة)