عن بائع التين وأسامة سعد… وصيدا الجميلة
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
قليل ما يجتمع اللبنانيون على قضية، لكنهم اجتمعوا بالأمس على التعاطف مع بائع التين في مدينة صيدا. الرجل الذي نزل من قريته ليبحث عن لقمة عيشه بعد قطاف موسمه من التين، تماماً كما سائق “الفان” الذي لا دخل له بكل ما حصل.
لم يكن هذا الشيخ يعلم أن المواسم في هذا البلد لا تشبه بعضها، وليست كلّها بحلاوة تينه. ورغم بشاعة الموقف لم يعبّر سوى بضحكة سمِحة صادقة، راضياً بنصيبه من الرزق الذي ناله هذا اليوم.
لكنّ صيدا جميلة، وكانت بالأمس هي الأجمل. كيف لا وهي مدينة الفقراء والكادحين، أسواقها ملاعب الباحثين عن لقمة عيشهم وأرصفتها كريمة كبحرها وأهلها.
لم تقبل صيدا ان يقع هذا الظلم وتبقى صامتة، وهي المدينة المقاومة منذ بُنيت أسوارها الأولى فوق هذا الشاطئ الذي تكسّرت عنده أعتى الحملات. المدينة التي وقفت بوجه الدبابة الاسرائيليّة كالسور وعجزت عن اخضاعها.
كم هو راقٍ موقف رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، الذي خرق كل بشاعة هذه الأيام ليقول لا زال للأخلاق من مكان بيننا ولا وزال للانسانيّة والأخوّة في الوطنيّة من زاوية في يوميّاتنا.
أسامة سعد الذي وُلد بين الناس، وعاش بين الصيّادين وتجار مدينته، دخل الى المجلس النيابي ولم تغرّه المناصب، وبقي أسامة سعد الرافض لكل ما هو شاذ. بقي على تمايزه قبل ١٧ تشرين وبعده، قبل غلاء الدولار وبعده، قبل النيابة وبعدها.
تراه مختلفاً في خطابه الى حدّ المثاليّة، تظنّ أنّه من كوكبٍ آخر لا يشبه نادي المسؤولين في هذا البلد، ربما لأنه من قماشة مختلفة.
جميل كان أسامة سعد أمس عندما انتصر لبائع التين، رافضاً أن يغادر صيدا الجميلة قبل احمرار بحر المدينة وينام جوع الفقراء.
لا زال هناك ما يستحق التحيّة، وأحلاها لضحكة امتنان بائع التين، وربما بعض السطور التي كتبها الشاعر حبيب ابو أنطون تكون كافية لوصفه:
قَطِّب بالأخلاق جروحَك
أخلاقَك صورة عن ذاتَك
لو شِلنا السّكَّر من روحَك
روحَك أحلى من تِيناتَك.