عارضةٌ لُبنانيّة نجت بأعجوبة في 4 آب… ونجمٌ عربي بطلُ قِصَّتها
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
حلّت ذكرى الرّابع من آب، اليوم الذي غيّر وجه عاصمة لبنان الى الابد، أكثر حزناً وخيبة من الحدث بنسخته الاصليّة. وبينما لا يزال الجرحى يعاينون ندوبهم، وأهالي الضحايا يكفكفون دموعهم، تتكشّف قصصٌ جديدة عن ضحايا وأبطالٍ ولحظاتٍ وُلدت فيها، من رحم الدّمار والوجع على الارض، عجائب من صُنع السّماء.
قصّة هذه العارضة اللبنانيّة قد تُشبه ببعض تفاصيلها قصص العديد من النّاجين في ذاك اليوم، إلاّ أنّ ما حدث معها غيّر حياتها الى الابد وطبعَ على جَسَدِها، الذي هو أساس مهنتها، جروحاً لن يُمحيها الزّمن أو حتّى النّسيان.
تسردُ الشابّة ماري-تيريز حنّا، 24 سنة، لموقع mtv ما حدث معها في الرابع من آب الماضي، مُستذكرةً كلّ تفصيلٍ صغيرٍ: “كنتُ أسكن في منزلٍ يبعدُ عن العنابر 500 مترٍ، سمعت أوّل دويّ فهرعتُ الى الواجهة الزجاجيّة في المنزل، وبعد لحظاتٍ قليلة، دوّى الصّوت الهائل، فحاولت الهرب، إلاّ أن الانفجار عَصَف في جسدي من الخلف، وهبطَ سقفُ المنزل الحجريّ القديم فوقي وفقدتُ الوعي”. وتضيف: “إستيقظتُ بعد دقائقٍ قليلةٍ ووجدتُ الرّكام فوق جسدي، حاولتُ أن أُلَملِمَ نفسي لكي أنهض وأهرب، فكسرتُ رجلي ويدي وأنا أرفع الاحجار عنّي. الدّماء كانت تُغطّيني بالكامل، ورجلي تُعاني من نزيفٍ حادٍّ، فحاولتُ أن أمشي إلا أنّ إختلاط الدماء مع المياه التي تسرّبت على الارض كانت تُصعب عليّ المهمَّة لانني كنتُ أنزلق عند كلّ خطوة، ونظري يغيبُ ويعود، وفي تلك اللحظة كلّ ما كان يُراودني هو أنّني لن أعيش، إنّها النّهاية، وقلتُ في نفسي “يا ربّ عم موت، خِدني بسرعة”.
وتُكملُ العارضة اللبنانيّة قصّتها، محاولةً تذكّر التّفاصيل الصّغيرة التي عاشتها يومها: “عندما خرجتُ من المنزل بعد عناءٍ ووجع كبيرين، كان المشهدُ مهوّلٌ على الطريق، صريخٌ ودمارٌ ودماءٌ وبكاءٌ، وحملني أشخاصٌ مجهولون لا أتذكّر وجوههم، وكنت أبحثُ وأسأل عن هاتفٍ لاتّصل بأهلي وأودّعهم، ثمّ وُضعتُ في سيّارة إسعافٍ والنّزيف يشتدُّ في رجلي، وفقدتُ الوعي مجدّداً، فوجدت نفسي عندما إستيقطتُ في سيّارة الممثّل السّوري مُعتصم النّهار وكان برفقته شابٌّ مراهق، فحاول أن ينقلني الى مستشفى القدّيس جاورجيوس المعروف بـ”الروم” وقال لي كما أتذكّر جيّداً “متل ما الله بيسّرنا”، لكنّ المستشفى كان في حالة دمارٍ كاملٍ، فنقلني الى مستشفى الحايك في سنّ الفيل، وهناك استُقبلت وسط الفوضى العارمة وبدأوا يُعالجون جروحي وكسوري، فتبيّن أن الوريد قد قطع في رجلي، بالاضافة الى معاناتي من مزقٍ في العضل والعصب فيها، فضلاً عن الندوب العديدة الاخرى من جراء الزجاج الذي مزّق جسدي، وكنتُ أصارع الموت بسبب النزيف الحادّ الذي كاد يخطف أنفاسي، إلاّ أنّ الله أراد أن أعيش”.
وعن الدّمار النّفسي الذي عاشته ومسيرة الشفاء الطويلة، تقول: “شعرتُ لاشهر بأنّني خسرتُ نفسي، ولم أتقبَّل ما حصل معي، وعشتُ صدمةً نفسية كبيرة، ولكن، ومع مرور الوقت، بدأتُ أتقبل حالتي والنقوش الكثيرة التي خلّفها الانفجار على جسدي، خصوصاً وأنّ عملي يتركّز على عرض الازياء والاعلانات، إلاّ أن هذه الجروح هي جزءٌ منّي، وفي كلّ يوم جديد أتذكّر كلّ شيء”.
وفي الختام، رسالةٌ من الشابّة اللبنانيّة: “ما حدث معي غيّر نظرتي الى الجمال، فكلُّ شخصٍ هو جميلٌ بكلّ ما فيه من عيوبٍ وجروح، والاهمّ هو أن نفتخر بما نحن عليه من تميّز وفرادة، وألا نكون نسخاً متشابهة. سأحمل كلَّ جروحي معي في عملي أينما ذهبتُ ولا أخطّط لتجميلها. فأنا جميلةٌ بها، وهي تُذكرني يوميّاً، بأنّني لا زلتُ أعيش، بفضل أعجوبة”!