لبنان عصيّ على الروس: هل طارت المشاريع؟
كتبت صفاء درويش في موقع mtv:
يعيش اللبنانيون منذ حوالي شهر على مزاعم دخول العروض الروسية التي تناولها الإعلام مسار الطرح الفعلي والجدّي. إلّا أن الواقع يشي بحقائق مختلفة عمّا طُرح.
حُكي عن أربعة مشاريع أساسية قوامها استثمار وتحديث مرفأي بيروت وطرابلس، وكذلك انشاء مصفاة للنفط، إضافةً لإعادة انشاء سكّة للحديد وبعدها شقّ طريق سريع للبقاع يصل العاصمة بالحدود السورية.
هذا الأمر بالطبع يصبّ في خانة خدمة المصالح القومية الروسية في الشرق الأوسط، من خلال تعزيز العمق الإقتصادي الروسي بالتوازي مع التواجد العسكري الذي أصبح متينًا وثابتًا على الأراضي السورية. إلّا أن ليس كل ما يتمنّاه البعض يدركه، فالنقلات النوعية الكبيرة لا تتم إن حضرت النيّات فقط لا غير، وإنّما بحاجة لجهد سياسي جهيد يسبق الخطى الإقتصادية والمشاريع في مناطق النزاع، والذي يُعتبر لبنان إحداها اليوم في شرق المتوسّط.
مصدر دبلوماسي روسي يكشف لموقع mtv أنّ زيارة وفد الشركات الخاصة لبيروت قد حصل بالفعل، وأن دراسة المشاريع التي حُكي عنها حصلت أيضًا، ولكن عملية دخول هذه الشركات للسير بهذه المشاريع أمرٌ صعب المنال في الوقت الراهن، وحتى في المستقبل القريب، أي بعد تشكيل الحكومة في لبنان.
يرى المصدر أنّ لبنان ما زال دولة أميركية الهوى والقرار في بادئ الأمر، رغم سيطرة جهات لا تدين بالولاء للولايات المتحدة على الحكومة والأكثرية النيابية، إلّا أنّ القبول بعروض روسية أم صينية أم حتى إيرانية هو عملية يصعب فرضها على الدولة العميقة في لبنان، وأنّ اي دخول لشركات تحمل جنسيات هذه الدول هو عمل يبدأ من خلال تقاسم نفوذ سياسي في المنطقة، ولكنه في الدرجة الاولى بحاجة لقرار سياسي كبير في لبنان تشترك فيه معظم القيادات السياسية.
وتشير المعلومات الى أنّ الشركات الروسية قد تعود إلى لبنان بعد تشكيل الحكومة لطرح مشاريعها على المسؤولين، ولكنّها قبل ركوبها طائرة بيروت ستسمع في موسكو نصيحةً بعدم الإفراط في الحماس تجاه الساحة اللبنانية.
هذه المعلومات تعود باللبنانيين إلى أشهرٍ خلت عندما حُكي عن تصنيع للقاح سبوتنيك الروسي في بيروت وفجأةً تبخّرت كل الجهود، فيما تتوجّه أصابع الإتهام نحو وزارة الصحة التي لم تسهّل الأمر، بينما تجزم معلومات أخرى أن الروس عادوا ونصحوا باللبنانيين بالإستيراد.
فهل سقطت فكرة التوجّه شرقًا أو حتى إحداث توازن بالتعاون بين الشرق والغرب، أم أن الوقت لم ينضج بعد ليسمح المجتمع الدولي للبنان بالنظر إلى مصلحته… فقط لا غير؟!