عون لـ”الجمهورية”: ميقاتي يجيد تدوير الزوايا وأنا لم أعرقل مهمة الحريري.. ولتُرفع الحصانات
اشار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حديث لصحيفة “الجمهورية ” الى ان هموم الناس تطغى على اهتماماته في هذه الأيام الصعبة، خصوصاً وسط تقصير حكومة تصريف الأعمال في تأدية واجباتها
واضافت الصحيفة في مقال للكاتب عماد مرمل انه حين يُقال له انّ البعض يأخذ عليه مصادرته لصلاحيات الحكومة ورئيسها، وتعمّده تضخيم دور المجلس الأعلى للدفاع على حسابهما، يجيب رئيس الجمهورية: “انا أملأ فراغاً ناتجاً من السلوك المتقاعس لحكومة تصريف الأعمال، ومن التأخير في تشكيل حكومة اصيلة، وبالتالي لا أُحدِث صلاحيات جديدة لي أو لمجلس الدفاع الأعلى، بل اتحمّل مسؤولياتي، الّا اذا كان المطلوب ان أكتفي بالتفرّج على الأزمات من دون أن احرّك ساكناً”.
ويعتبر عون انّ “في إمكان حكومة حسان دياب ان تفعل اكثر مما تفعله حالياً، من دون ان تخالف الدستور”، متسائلاً: “اذا كان انعقاد مجلس الوزراء متعذراً فما الذي يمنع على سبيل المثال عقد اجتماع وزاري موسّع، بوتيرة مكثفة، لمواكبة هموم الناس ومعالجتها بالمقدار الممكن؟”.
الى ذلك يؤكّد عون “انّ الاستشارات النيابية الملزمة ستتمّ في موعدها الاثنين المقبل، واي كتلة تطلب تأجيلها يجب أن يكون طلبها معلّلاً ومقنعاً، وعليها ان تتحمّل أمام اللبنانيين مسؤولية الدفع في اتجاه تأجيل الاستشارات. بينما لكل دقيقة قيمتها في هذا الظرف، خصوصاً بعدما ضاعت الأشهر التسعة السابقة من غير أن يتمكن الرئيس سعد الحريري من تشكيل الحكومة”.
وهل من اسم محدّد يفضّله او يرشحه لتولّي رئاسة الحكومة بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري؟، شدّد عون على أنّ من واجب النواب ان “يختاروا الشخص المناسب، فهذا ليس اختصاصي، وانا ليس لديّ صوت يُحتسب، وكل ما استطيع قوله في هذا المجال هو انني ادعو النواب الى تحكيم ضمائرهم بعيداً من اي مصالح شخصية”.
وعن موقفه من المنظار السياسي حيال اسم الرئيس نجيب ميقاتي الذي يتمّ التداول به، يجيب عون: “انا جاهز للتعاون مع الرئيس ميقاتي او اي شخصية يسمّيها النواب. ليست لديّ أي مشكلة على هذا الصعيد”.
واضاف: “الرئيس ميقاتي يجيد تدوير الزوايا، وهو من النوع المتعاون الذي يأخذ ويعطي، وبالحوار الصادق نستطيع أن نعالج اكبر مشكلة. هو يقترب قليلاً وانا اقترب قليلاً، ويمكننا عندها ان نلتقي في المنطقة الوسطى، من غير أن نخالف الدستور والأعراف، خصوصاً انّ تشكيل الحكومة ليس اختراعاً للبارود، وهناك معايير وتوازنات واضحة يجب ان نستند اليها، وبمقدورنا ان نتوافق عليها بسهولة”.
وفي رده على سؤال ان كان النائب فيصل كرامي مرشحه الضمني المفضل؟ ، يلفت عون الى “انّ كرامي ابن عائلة سياسية عريقة ومتجذرة في التاريخ، وشرعيته السنّية والوطنية تجري في دمه، وهو لا يحتاج إلى براءة ذمّة او شهادة حسن سلوك، وإن اختاره النواب سنستطيع بالتأكيد التعاون والتفاهم. لكن أعود واكررّ، أنّ من واجبي ان أحترم إرادة النواب الذين سيشاركون في الاستشارات الملزمة”.
ويؤكّد رئيس الجمهورية “انّ الأفضل هو تأمين التوافق او الأكثرية مسبقاً حول مرشح محدّد. أما إذا لم يتحقق ذلك فهذا لا يعني إرجاء الاستشارات، بل انا من جهتي مصمّم على إتمامها الاثنين، وفي حال لم يحصل اي اسم على الغالبية الكافية، نعيد الكرّة حتى تفوز إحدى الشخصيات”.
وعندما يُسأَل عمّا اذا كان سيسهّل مهمّة الرئيس المكلّف الجديد خلافاً لما ظهر عليه خلال فترة تكليف الحريري، ينتفض عون في مقعده خلف الطاولة، بحسب كاتب المقال، قائلا: “انا لم أعرقل مهمة الحريري، بل هو الذي ابتكر العراقيل وصعّب الأمور بمقارباته المغلوطة، فكنت اضطر الى التدخّل لتقويم الإعوجاج ومواجهة الخلل الدستوري الفادح”.
ويتابع: “في المبدأ، لست أنا من يفاوض على تشكيل الحكومة بل هذه مهمّة الرئيس المكلّف بالتشاور مع رؤساء الكتل النيابية، ثم يعود إليّ في نهاية المطاف إجراء مراجعة للتشكيلة وإبداء الملاحظات عليها. هذه هي المنهجية الطبيعية، لكن مع وجود قطيعة بين قوى مسيحية اساسية والحريري، اضطررت الى ان أفاوض نيابة عن المكون المسيحي لحماية الميثاقية والتوازن، كما يقتضي واجبي كرئيس للجمهورية”.
ورد عون على سؤال ان كان سعد الحريري محق في ما أعلنه حول ان رئيس الجمهورية كان يسعى الى تأليف حكومة ميشال عون؟، فلفت الى انّه لم يحصل ان طرح على الحريري صيغة متكاملة بالأسماء “كي يقول انني حاولت أن افرض عليه حكومة ميشال عون، بل طرحت فقط مبادئ عامة ينبغي أن ترتكز عليها الحكومة”. ويضيف: “الصحيح هو انّ الرئيس المكلّف آنذاك حاول أن يفرض حكومة سعد الحريري عليّ، والدليل القاطع يكمن في تشكيلته الأخيرة التي نسف فيها كل المعايير والأصول، فلا احترام للاختصاصات في عدد من الوزارات، ولا مراعاة لقواعد توزيع عدد من الحقائب، ومع ذلك سعيت الى ان أناقشه للتعديل، الّا انّه أصرّ على ركائز تشكيلته التي يعرف انّه لا يمكن قبولها”.
ويرفض عون اعتبار اعتذار الحريري انتصاراً سياسياً له، معتبراً انّه لا يجب إعطاء هذه المسألة اكبر من حجمها الطبيعي: “رئيس مكلّف واعتذر.. بتصير”.
“وهل توافق على ما اورده الحريري في مقابلته الأخيرة من أنّه كان له فضل عليك في وصولك الى رئاسة الجمهورية؟”، يسارع عون الى الردّ بالمثل ، بحسب “الجمهورية”: “وانا كان لي، مع جبران باسيل، الفضل الأكبر في إنقاذه عندما كان في خطر، وهذه اهم بكثير من اي شيء آخر. لقد قدت أوسع تحرّك ديبلوماسي لإعادته الى لبنان، وجبران جال على العالم ووصل الليل بالنهار لمساعدته. واكرّر انني أدّيت واجبي لا أكثر ولا أقل، ولست في صدد «تربيح الجميلة»، لكن هذا لا يمنع انني فوجئت بموقف سعد بعدما عاملته صادقاً كواحد من أبنائي، ومع ذلك اتصلت به وعايدته لمناسبة عيد الأضحى المبارك، لأنني افصل العلاقات الاجتماعية عن الخلافات السياسية”.
“وهل تعترف بمساهمة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في انتخابك رئيساً للجمهورية؟”، يجيب عون: “الأمر ليس على هذا النحو. لقد جرى حوار بين حزبين انتهى الى تفاهم معين. إنما، وقبل ان يجفّ حبر هذا التفاهم، بدأ نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني آنذاك في مهاجمة جبران وظلمه، زاعماً انه قبض 10 ملايين دولار من النفط، وكرّت بعد ذلك سبحة مناكفات وزراء «القوات» في الحكومة لعرقلة مشاريعنا، ثم أبلغوا الى التيار أنهم سيخوضون الانتخابات النيابية بمعزل عنه بعدما كان هناك اتفاق على خوضها معاً. لقد خالفت «القوات» اتفاق معراب منذ نعومة اظافره ولم تُبق منه شيئاً”.
وعن وصف بعض اللبنانيين العهد بـ”عهد الانهيار”، يرد عون بامتعاض ، “هذا ظلم كبير جداً لأنه يجافي الوقائع والحقائق”، مشدداً على انّ بذور الانهيار زُرعت عام 1990..
ويضيف: “الجانب الآخر من الاجحاف في حق العهد يتعلق بتجاهل حقيقة انّ صلاحيات رئيس الجمهورية هي محدودة وانني كنت مكبّلاً في كثير من الأحيان، بينما السلطة العملية تتركز في مجلس الوزراء الذي يأتي رئيسه نتاج استشارات إلزامية تُفرض حصيلتها على رئيس الجمهورية، ويأتي وزراؤه بفِعل تفاهمات مع الكتل وثقة النواب. لذا، فإنّ إلقاء تبعات الانهيار على رئيس الجمهورية هو تجنّ عليه وتجهيل للفاعل الأساسي”.
وتابع عون : “ألسنا في جهنم الآن؟ ماذا تسمي انقطاع الدواء والكهرباء والمحروقات والمياه وايضاً عدم الشعور بالمسؤولية لدى البعض؟ اذا كنت قد امتلكتُ شجاعة التوصيف لكي أضع الجميع أمام مسؤولياتهم وأدفعهم الى الترفع عن انانياتهم لتسهيل الحلول وتفادي الأسوأ، فهذا لا يعني انني شخصياً من أوصَلت لبنان الى هذا الوضع وان الذين تعاقبوا على السلطة منذ عام 1990 هم أبرياء. هذه قمة التزوير للحقائق وأقصى الاعتداء المعنوي عليّ”.
وعن العلاقة بينه وبين الرئيس نبيه بري. وما سبب توترها أخيراً؟، يحرص عون، اضافت كاتب المقال نقلاً عنه، على التأكيد ان “ليس هناك عدائية مع بري وإنما يوجد تزاحم، لكن هناك من يدخل احياناً على الخط من خارج السياق للتشويش، وانا اتصلتُ به أيضاً لمعايدته بالاضحى وكان الاتصال وديّاً ولم يخل من الضحكات المتبادلة”.
وعلى مسافة ايام من ذكرى تفجير مرفأ بيروت في 4 آب، يكشف عون انه سيتوجه الى اللبنانيين بكلمة وجدانية للمناسبة. ويوضح انه يؤيّد رفع الحصانات وإعطاء الأذن بملاحقة من ادّعى عليهم المحقق العدلي القاضي فادي البيطار، داعياً المشمولين بالاستدعاءات الى المثول أمامه، “علماً انني واثق من أنّ بعضهم بريء، ولكن عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم ويثبتوا براءتهم امام القضاء وفق الاصول”.
ويلفت عون الى انه يعارض العريضة النيابية التي تم تحضيرها للمطالبة بإحالة النواب من الوزراء السابقين المتهمين الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، مشيراً الى انّ آلية منح الاذن بملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا يجب ان تسلك مجراها الطبيعي عبر المجلس الأعلى للدفاع.