في لبنان “كل مدعوم كل مفقود”.. “العهد القوي” يسرق فرحة العيد
كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: على مسافة ثلاثة أيام من عيد الأضحى المبارك، تبدو الأسواق التجارية في كل المناطق اللبنانية خالية من روادها بفعل إنعدام القدرة الشرائية لدى غالبية اللبنانيين، وهي إن وجدت فمخصصة فقط للطعام ولبعض طوارئ المرض من أدوية بشّرت وزارة الصحة اللبنانيين أمس بأن أسعارها إرتفعت لأضعاف عدة بعدما تم رفع الدعم عنها، أما الأدوية المدعومة المصنعة محليا فهي لم تعد تلزم الصيادلة نظرا لسعرها المتدني هذا إن وجدت، حيث خَبِر اللبنانيون منذ بداية الأزمة أن ″كل مدعوم كل مفقود″ من الحليب الى الزيت مرورا بالسكر والأرز وصولا الى الأدوية التي لا شك في أن أسعارها الفلكية ستتسبب بموت كثير من الفقراء.
لبنان من دون كهرباء، وكل الوعود التي أطلقت باستقدام الفيول وزيادة التغذية كانت “عرقوبية” ما يجعل اللبنانيين أسرى أصحاب المولدات الذين يمارسون تقنينا قاسيا بفعل فقدان مادة المازوت التي تباع في السوق السوداء “على عينك يا تاجر” وربما بحماية الدولة، فيما طوابير الذل ما تزال تصطف أمام المحطات لتعبئة ما تيسر من البنزين الذي بالرغم من إرتفاع سعره الى 75 ألف ليرة ما يزال غير متوفر، حيث تشير التقارير الى أن الأزمة مستمرة وهي سوف تشتد أكثر فأكثر خلال الأيام المقبلة.
المواطنون في الشوارع يهيمون على وجوههم، فالدولار طرق باب الـ 23 ألف ليرة بعد إعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، فتدنى الحد الأدنى للأجور الى أقل من 30 دولارا، و”السوبرماركات” سارعت الى إقفال أبوابها بشكل إحترازي لتضاعف من أسعار المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية بحسب سعر الصرف الجديد المرشح للارتفاع، ما يجعل شراء أكثرها ضربا من ضروب المستحيل لدى العديد من المواطنين الذين دخلوا بفضل “العهد القوي” نادي الفقراء جماعات وافرادا.
حقق رئيس الجمهورية ميشال عون بالتكافل والتضامن مع صهره جبران باسيل إنتصارا على الشعب اللبناني بدفع الرئيس سعد الحريري الى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة التي كان العالم برمته ينتظر ولادتها ليبدأ بضخ المساعدات، فيما كان اللبنانيون يعولون على تأليفها للخروج أقله من النفق المظلم وإستعادة بعض الأمل في الانقاذ عشية العيد المبارك.
بالتزامن مع هذه المآسي والمعاناة التي لم يعد من الممكن تحمل تداعياتها، خرج الرئيس عون على اللبنانيين بتصريحات من عالم آخر أمام زواره فأكد أن “لا شيء يجب أن يُحبط اللبنانيين” مراهنا على “الجيل الشاب في بناء مستقبل لبنان الذي نريد”..
كلما تحدث رئيس الجمهورية يتأكد للبنانيين أنه غير مدرك لما يحصل في الشارع، إما لأنه يعيش مع فريقه في كوكب آخر، أو أن فريقه لا يضعه في أجواء مآسي اللبنانيين وفي ذلك مصيبة، أو أنه يُدرك ولا يحرك ساكنا ويعطي الأولوية لتصفية الحسابات السياسية وللثأر لجبران باسيل من سعد الحريري وعندها تكون المصيبة أعظم.
من المفترض أن يعلم الرئيس عون أن لبنان لم يعد فيه شباب لبناء المستقبل الذي نريد، حيث أن الأكثرية منهم فقدت الأمل وهاجرت بحثا عن المستقبل الواعد في بلاد الله الواسعة، وما تبقى منهم ، إما ثائر في الشارع عليه وعلى عهده وتياره، أو عاطل عن العمل ويائس..
أما الاحباط الذي “يجب أن لا يصيب المواطنين” بنظر الرئيس عون فهو يستوطن كل بيت لبناني يتجه نحو الانهيار والخراب شأنه في ذلك شأن الوطن الذي يقوده العهد القوي الى جهنم وبئس المصير..
يفرح ميشال عون مع فريقه ومستشاريه بإعتذار الحريري بعد تسعة أشهر من التعطيل عن سابق تصور وتصميم، ويفرك جبران باسيل يديه شماتة، فالحسابات السياسية والطموحات الشخصية وإظهار العناد بالعرقلة والقوة المزيفة برفض التشكيلة وصولا الى سرقة فرحة العيد من اللبنانيين، كل ذلك أهم لدى العهد من تحقيق مصلحة شعبه بحكومة تنقذ ما يمكن إنقاذه، حيث يبدو أن سياسة إحراق البلد وعزله والتضحية به وبشعبه هي هي لم تتغير منذ العام 1989 وصولا الى العام 2021.