تشنج سياسي داخلي وتحرك يائس خارجي.. “الحزب” يتشدّد
كتب منير الربيع في “المدن”:
خرجت الأزمة والبحث عن مخارج لها أو تسويات من أيدي اللبنانيين. اجتماعات السفيرتين الفرنسية والأميركية في المملكة العربية السعودية أبرز الدلائل على طول أمد الأزمة، والخشية من الانهيار الأكبر. والزيارة ليس هدفها سياسي محدد، ولا تندرج في إطار خطة عمل واضحة. وهي موضوعياً دليل كبير على عجز القوى المحلية والخارجية عن إيجاد أي مخرج للأزمة المستفحلة لبنانياً.
لقاءات للشؤون الإنسانية
ربما تركزت مضامين اللقاءات التي عقدت على البحث في المساعدات الإنسانية لعموم اللبنانيين أو للجيش اللبناني. وهذا بحدّ ذاته اعتراف ضمني بأن الأيام المقبلة لبنانياً تتسم بالمزيد من السواد وتسارع مسار الانهيار.
وتشير معلومات إلى أن السفيرتين عقدتا لقاءات متعددة في السعودية: مع المستشار في الديوان الملكي والمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، ووكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون السياسية والاقتصادية، السفير عيد بن محمد الثقفي.
هذه اللقاءات تشير إلى أن البحث تركز على جوانب إنسانية ومساعدات، فيما ترددت بعض المعلومات غير المؤكدة بعد عن إحتمال عقد لقاء السفيرتين مع المسؤول عن الملف اللبناني نزار العلولا، وهو المستشار في الديوان الملكي. وطرحت أسئلة كثيرة في اللقاءات حول مجمل الوضع في لبنان، والتركيز السعودي كان على سياسة لبنان الخارجية والتزامه بالقرارات الدولية وقرارات الجامعة العربية، مع تأكيد على أن الأمر لا يرتبط بالأشخاص ولا بشكل الحكومة ولا بآلية تشكيلها، بل الأهم هو ما تنتجه هذه الحكومات وكيفية تحديد سياستها الخارجية.
أما عن الاستعداد لتقديم المساعدات، فتؤكد مصادر سعودية أن الجواب واضح، ويتعلق بتشكيل حكومة لبنانية متوازنة، تنجز الإصلاحات وتوقف سياسة المحاصصة والفساد. والسعودية كما المجتمع الدولي مستعدان لتقديم المساعدات المطلوبة.
حكومة وجيش
وطرحت في اللقاءات أسئلة عن أصل المبادرة الفرنسية، وكيف تمت الإطاحة بها، وأعيد الحديث عن مبدأ المداورة وتمسك الثنائي الشيعي بوزارة المال، ومن يسمي الوزراء، إضافة إلى أسئلة أبعد ترتبط بما إذا كان هناك ثقة جدية بأن القوى السياسية اللبنانية جاهزة لإنجاز الإصلاحات. وكان تركيز على وجوب تشكيل حكومة اختصاصيين مصغرة من شخصيات غير متورطة بالفساد، وقادرة على تطبيق الشروط الإصلاحية، وموثوقة من المجتمع الدولي.
وشددت السفيرتان على وجوب دعم الجيش اللبناني في ظل الأزمة الحالية، وعلى قاعدة أنه لا بد من مناصرة الجيش ودعمه بشكل كامل، لأن أي ضعف أو انهيار يصيبه يؤدي إلى استفادة حزب الله من الواقع القائم والسيطرة أكثر على الوضع في البلد.
وفي أعقاب هذه اللقاءات، كان وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان يعقد لقاءات في المملكة العربية السعودية تبحث في مسار المفاوضات مع إيران، وتطرق البحث إلى الوضع اللبناني وخصوصاً وضع حزب الله.
استياء حزب الله
وهنا لا يمكن إغفال الطرح الفرنسي بلغة متغيرة بشكل واضح حيال إيران وحزب الله. فماكرون سابقاً كان يؤكد أن حزب الله شريك أساسي ومنتخب. أما حالياً فهناك تصعيد في اللهجة الفرنسية تجاهه.
وتزامن ذلك مع التوصية الفرنسية من لجنة الدفاع والقوات المسلحة حول إرسال فريق دولي للمساعدة على مواجهة داعش، أو لتقديم مساعدات إنسانية، أو مكافحة تهريب المخدرات. وتعتبر مصادر لبنانية أن هذا الموقف ينطوي على مخاطر كبيرة. وهذا ما ينظر إليه حزب الله بأنه أمر مشبوه.
وتعتبر المصادر أن أي خطوة من هذا النوع تؤدي إلى إشعال الوضع في لبنان. لكن الكلام الفرنسي قد لا يكون جدياً ولن يكون له أي أفق عملاني. وهو يندرج في سياق رد الفعل على فشل المبادرة الفرنسية.
وهذه الوقائع كلها تدفع حزب الله إلى التشدد أكثر في لبنان، ورفض تقديم أي تنازل. لا بل تنذر بتسخين حدّة المعركة السياسية. فهو على الأرجح يتخوف من تكرار سيناريو صيف وخريف 2004. وعليه، لا بد من توقّع المزيد من التشنج السياسي داخلياً وبأبعاد خارجية.
mtv.c