البحث عن بديل الحريري.. وعون وباسيل يلوّحان بزيارة سوريا
كتب منير الربيع في “المدن”:
هل بدأ البحث عن بديل للرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري؟
أصبح هذا السؤال هو الأكثر تداولاً في الكواليس السياسية المختلفة. والمواقف التي نقلت عن لسان رئيس مجلس النواب نبيه برّي -بأنه لا يزال متمسكاً بالحريري، وفي حال اعتذاره لا بد من معرفة السبب والحيثيات- تشير إلى أن رئيس المجلس لا يريد للرئيس المكلف أن يعتذر قبل الاتفاق على بديل. وينطلق برّي من معادلة علاقته الأساسية بالحريري، وحرصه عليها من مبدأ: “الالتزام بالأكثر تمثيلاً في طائفته”.
الحريري بين برّي ونصرالله
واللقاء بين برّي والحريري أمس الأول الاثنين، أُريدَ له أن يبقى غير علني. واتُفق على لقاء ثان أمس الثلاثاء. واستعرض الرجلان الخيارات المتاحة في عملية تشكيل الحكومة. ولم يظهر في الميزان أي مؤشر إلى إمكانية الوصول إلى اتفاق.
وفي هذا الاطار، تؤكد المعلومات حصول اللقاء بين برّي والحريري، والذي ركز فيه رئيس المجلس أمام الحريري على عدم الاعتذار و”إدارة الظهر”. إنما بحال قرر الاعتذار فيجب عليه تقديم اسم بديل، والاتفاق عليه ودعمه لتشكيل حكومة ومنحها الثقة.
وهنا وعده الحريري بالتفكير والتشاور مع رؤساء الحكومة السابقين. وحدثت بعد اللقاء سلسلة لقاءات واتصالات متعددة بين الحريري ورؤساء الحكومة السابقين، وبينه وبين عدد من السفراء، بينهم السفير المصري. وتفيد المعلومات بأن الحريري عرض عليهم ما تداوله مع برّي. وقد رفض رؤساء الحكومة السابقين هذا الطرح، وكذلك آخرون، باعتبار أن لا شيء سيتغير في الوضع السياسي العام. فبحال سمّى الحريري شخصاً ودعمه ومنحه الثقة، فهذا يعني كأنه يتعاطى مع نفسه، وبالتالي من الأفضل أن يبقى هو. وثانياً، توجّه هؤلاء إلى الحريري بالقول: “ما هي الضمانة أن رئيس الجمهورية وفريقه سيوافقون على ذلك، ويسهّلون العملية؟” لا جواب واضحاً، بانتظار أن تبقى الاتصالات مفتوحة للوصول إلى نتيجة، لا يبدو أنه سيكون من السهل الوصول اليها.
لكن اللافت كان كلام حسن نصر الله: هذا الأسبوع هو أسبوع الحسم الحكومي. علماً أنه كان نصح في السابق بعدم وضع مهل زمنية أمام عملية التشكيل، ودعى برّي إلى الاستمرار في مبادرته.
ولا جواب واضحاً حول تغيّر الموقف: هل يؤدي إلى إنتاج حكومة أم إلى اعتذار الحريري؟ برّي مصرّ على الاتفاق على شخصية بديلة تتولى رئاسة الحكومة، وتحظى بغطاء من الحريري. وهناك من وجّه نصيحة لرئيس المجلس النيابي، قائلاً إنه كان عليه تخريج دعمه للحريري وإصراره عليه بطريقة أخرى، كي لا يُستدرج إلى وضع يدفع ثمنه لاحقاً.
حزب الله وباسيل وعون
وتنطلق هذه النصيحة من خلفية مواقف: تمسكه بالحريري صاحب الأكثرية في طائفته، ونيل الحريري دعم الكتل النيابية المختلفة. أي كتلة المستقبل والنواب السنّة، حركة أمل، تيار المردة، الحزب التقدمي الإشتراكي، الحزب السوري القومي الاجتماعي، ونواب مسيحيون مستقلون، وموافقة ضمنية من حزب الله.
والقاعدة التي ينطلق منها برّي، قد يستخدمها التيار العوني لاحقاً، خصوصاً أن حزب الله يعمل بكل قواه لتوفير مقومات نجاح نواب التيار العوني في الانتخابات المقبلة، ليحتفظ باسيل بالكتلة المسيحية الأكبر على حساب القوى المسيحية الأخرى.
وباسيل يسعى بكل قوته ورهاناته إلى الاحتفاظ بكتلة نيابية أكبر من كتلة القوات اللبنانية. وفي حال تحقق له ذلك، فإن برّي يكون محرجاً. لأن باسيل يخرج قائلاً: على الجميع الالتزام بانتخاب رئيس أكبر كتلة مسيحية رئيساً للجمهورية، كما التزم الآخرون بالحريري مرشحاً طبيعياً لرئاسة الحكومة، لأنه الأقوى في طائفته ورئيس أكبر كتلة فيها.
وقد تدفع هذه الفكرة الجميع إلى البحث عن بديل للحريري، خصوصاً أن لا ظروف ولا مقومات تشير إلى احتمال نجاح مساعي تشكيل الحكومة. ويبقى الأساس هو اختيار توقيت الاعتذار، وتكليف الشخصية الجديدة.
وفي ظل هذه الحسابات، لا يزال التيار العونيّ يسعى إلى كسب حزب الله إلى جانبه، والحصول منه على المزيد من الدعم. ولا يريد التيار من الحزب أن يبقى داعماً ضمنياً للحريري ومبادرة برّي الذي لم يعترف به باسيل كوسيط.
اللجوء إلى الأسد؟
في هذا السياق، تبرز تلويحات وتسريبات جديدة تتحدث عن احتمال إجراء عون وباسيل زيارة إلى سوريا. مثل هذه الزيارة أو التلويح بها قد تزعج حزب الله ولا أحد سواه. وأحد دوافع عون وباسيل إلى ذلك، محاولتهما استدراج حزب الله إلى دعمهما على حساب برّي والحريري وسائر الفرقاء.
وفي حال عدم وضوح موقف الحزب في دعمهما والوقوف إلى جانبهما، يلجآن إلى سوريا للحصول على دعم نظامها لهما. فيما يعتبر حزب الله أنه هو المقرر في هذا المجال. وإذا أراد النظام السوري أن ينفث بعض الأوكسيجين الوهمي لأحدهم في لبنان، فيجب أن ينفثه من طريق الحزب إياه، ولا أحد سواه.