“الانتخابات فرصة ذهبية وحذارِ من المال السياسي”…
كتب ماجدة عازار في “نداء الوطن”:
مع ازدياد المشهد السياسي تعقيداً، “لبنان اصبح في خطر، وكذلك نظامه الدستوري، لكن الانتخابات النيابية تشكّل فرصة ذهبية لادخال نمط جديد الى الحياة العامة”. هذا ما يؤكده الاستاذ في القانون الدولي، والمحامي في نقابتي باريس وبيروت الدكتور انطوان صفير، في معرض حديثه لـ”نداء الوطن” عن تأليف حكومة انتخابات نيابية وعن الشأن الانتخابي وعن البطاقة التمويلية، داعياً الناس “الى الابتعاد عن المال السياسي”، مُحذّراً ومنبّهاً في الوقت نفسه بأنّ “في قبولها لهذا المال لا تبيع نفسها فقط، بل تبيع اولادها في سوق النخاسة”، ومشدّداً على ان “الزعيم الحقيقي لا يشتري الناس ولا يقدّم خدمات مقابل دعم انتخابي، والزعماء امثال كميل شمعون وبيار الجميل وريمون اده لم يصبحوا نواباً بفِعل هذا المال، بل نجحوا لايمان الناس بخطّهم وبتعاطيهم الحرّ”.
في مفهوم صفير، وظيفة حكومة الانتخابات “الاشراف على الانتخابات النيابية”، لافتاً الى أن “الدستور لم يحدّد طبيعة الحكومة، بل تحدّث عن تشكيلها”، وفي نظره “عندما نتكلم عن حكومة انتخابات وكأنّ مهمّتها الأساسية تبقى الانتخابات او الاشراف عليها، فيما البلاد امام تحدّيات اساسية وطارئة، وقضايا ذات اولوية يتقدّمها ضرورة الاسراع في معالجة الوضع الاقتصادي والمالي المتدهور واستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في سبيل حصول لبنان على المساعدات المالية اللازمة بعد تحقيق الاصلاحات المطلوبة، وهذا يبقى في صلب مهام اي حكومة تتشكّل، سواء كانت حكومة مهمة انتخابات ام غيرها”. ويستعجل صفير “تأليف الحكومة سريعاً اليوم قبل الغد، بعد طول انتظار يوشك ان يبلغ مداه عاماً كاملاً، وبعد حدّة الانهيار الذي ينذر بفوضى كبيرة وشاملة تهدّد البلاد والعباد، بعدما انسحب على المؤسسات العامة والخاصة، وكي لا ينعكس الوضع على المؤسسة العسكرية، عُقد من اجل دعمها مؤتمر دولي بتنظيم فرنسي، لأن الجيش يبقى المدماك الاساسي لبناء الدولة مجدّداً لثقة الجميع به وبقيادته الحالية، وانهياره يعني انهيار كل معالم الدولة مع ما يعني ذلك من تفلّت الارهاب وتهديد الامن الاقليمي والدولي”.
ويكشف صفير، انه “لم يحسم قراره بالترشيح بعد عن دائرة كسروان ـ الفتوح”، ويستشعر “بأن المال السياسي واللوائح المعلّبة ستُعيق طرق التغيير في المجتمع”، معتبراً أن الانتخابات النيابية “لا يمكنها وحدها ان تخرج لبنان من ازمته، الا انها تشكّل عنصراً في تغيير طبقة “البزنس السياسي” الحاكمة في لبنان، فهذه الطبقة هي الحاكمة بالتكافل والتضامن، فإن اختلفت تختلف على الحصص، وان اجتمعت تجتمع على تقاسم المغانم العامة والخاصة، وقد سطت على اموال المودعين في المصارف وعلى اموال الدولة والهبات الدولية والخليجية والاموال المتأتية من مؤتمر باريس 2 و3 ومؤتمرات الدعم الدولية”.
الانتخابات إذاً ، يرى صفير، انها “بداية طريق اصلاح النظام السياسي في لبنان من خلال مسارات عدّة”، لعلّ ابرزها، “ابراز وجوه جديدة ونمط جديد في الحياة العامة، والخروج من منطق ان الزعيم أمواله هي جواز عبوره الى الندوة البرلمانية، إمّا عبر شراء أصوات الناخبين وضمائرهم، وإمّا من خلال تقديم خدمات مقابل انتخابه، بينما هذه الخدمات هي حقّ المواطن على الدولة”.
ويشدّد صفير على ان “النائب يجب ان يكون من الشعب وليس على الشعب، وخلاف ذلك معاكس لطبيعة النظام السياسي البرلماني ولمبدأ تداول السلطة”، ويقول “إنّ كارتيلات الزعامة كثيرة وتنشط في بناء جدارها السميك امام الجيل الجديد لولوج الحياة السياسية، ومسؤولية الاحزاب هنا كبيرة، وتكمن في هدم هذا الجدار وبعضها يأتي بترشيحات من الدرجة الثانية والثالثة بسبب ولائها السياسي وليس بسبب سيرتها المهنية، والشواهد على ذلك كثيرة بحيث تحوّل مجلس النواب الى مجلس “جماعة بزنس” ويفتقد الى اهل تشريع يسنّون القوانين والتي تسري لعقود طويلة”.
وماذا عن البطاقة التمويلية التي، لاجل اقرارها انعقدت جلسة نيابية عامة، وعلى نيتها فتح إعتماد إضافي استثنائي لتمويلها؟
“التصرّف بأموال المودعين، غير قانوني” في نظر صفير، “كونه يناقض حقّ الملكية، فالمالك لم يعط لأي سلطة او لأي شخص معنوي او طبيعي ان يتصرّف بملكه، هو الوحيد من يحق له أن يتصرّف بأمواله، وما يحصل يأتي في سياق غير قانوني ويناقض كل مبادئ النظام الليبرالي اللبناني القائم على المبادرة الفردية وحرية الملكية والتصرّف بها، والبطاقة التمويلية هدفها انتخابي فقط ونتائجها كارثية كما سلسلة الرتب والرواتب”.