القطاع الطبّي ينهار: عراجي يناشد المجتمع الدولي وعلامة يتوجّه إلى الجهات المانحة
تتداعى القطاعات وتسقط الواحدة تلو الأخرى، لكن لانهيار القطاع الصحي وقعا مزلزلا، كونه مسألة حياة أو موت بالنسبة لشعب بكامله. بشائر انهيار القطاع الإستشفائي في لبنان تتمظهر في فقدان الأدوية، وفي إيقاف تغطية فروقات الضمان عبر شركات التأمين الصحي، وفي نقص المستلزمات الضرورية لإجراء عمليات هامة لانقاذ حياة المرضى، وفي إجراء صور الأشعة وكافة التحاليل.
لعلّ تغريدة مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي الدكتور فراس أبيض، عن إيقاف أجهزة التبريد ونقص الفيول والكهرباء وأزمة السيولة، أبرز دليل “أخذنا قرارًا بايقاف أجهزة التكييف ألّا في الاقسام الطبية رغم موجة الحر. لا داعي لاستعمال المخيلة او للتهويل، نحن في جهنّم حقا”.
“الوضع الإستشفائي يحكي عن نفسه” يقول رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي في حديث لـ “لبنان 24″، وهو الذي حذّر مرارًا وتكرارًا من تداعيات ترك القطاع الطبي ينهار، “لكن لا حياة ولا حياء ولا ضمير ولا مسؤولية ولا أخلاق لمن تنادي، هؤلاء لا يبالون بوضع صحي أو معيشي، كل ما يعنيهم صراعاتهم الوزارية، ومن خلفها حساباتهم الرئاسية والإنتخابية، واحد مكبّل عاجز ومحكوم بالفشل، وآخر نيروني يحرق مدينتنا ووطننا على مذابح أنانياته المقيتة، وخلف هذا وذاك تتقدّم أجندات الأقاليم وحساباتها”.
ضحايا هذا الواقع، 70 % من الشعب اللبناني وأكثر، باتوا مكشوفين صحيًّا. بالمقابل تعاني المستشفيات من نقص مادة المازوت، وقد طالب عراجي بتأمين المازوت لاسيمّا للمستشفيات الحكوميّة “بحيث باتت الأخيرة ملجأ المرضى، بعد الفروقات الباهضة التي تتقضاها المستشفيات الخاصة والتي مكّنتها من الصمود، وعندما تخسر ستقفل أبوابها” قال عراجي، مناشدّا المعنيين تأمين مساعدات طارئة للمستشفيات الحكوميّة، لتتمكّن من دفع رواتب الموظفين والمستلزمات الطبية “الخطأ الكبير منذ البداية، أنّنا اعتمدنا على المستشفيات الخاصّة وأهملنا الحكومية، تمامًا كالمدرسة الرسمية”.
عراجي يناشد منظّمة الصحّة العالمية
القطاع الإستشفائي ينهار فعلًا، فهل من دعم خارجي يمنع سقوطه؟
يجيب عراجي ” تواصلنا مع كلّ المؤسسات الدولية، وجوابهم واحد بأنّهم غير مستعدين لتقديم دعم، إلّا لحكومة جديدة تقوم بإصلاحات، وكل ما يحصل اليوم عمليات ترقيع في الدواء والمستلزمات الطبية كي لا ينهار القطاع كليًّا. لا نجد الدواء ولا البديل له، نحن بحاجة لتدخل المجتمع الدولي، والمؤسسات العالمية الصحيّة، مثل منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، لتقديم مساعدات طبيّة عاجلة”.
أضاف عراجي “الوضع الصحي سيتدهور أكثر فأكثر، ليس هناك أي حلّ سوى بتأليف بحكومة اليوم قبل الغد، والمواطن وحده من يدفع الثمن من صحته وأمنه المعيشي، فالمال السايب بيعلم الناس الحرام، ومال الدولة سائبًا بكل القطاعات دون استثناء”.
علامة: نتوجّه الى الجهات المانحة لتأمين تمويل خارجي
رئيس إتحاد المستشفيات العربية وعضو لجنة الصحة النائب الدكتور فادي علامة، كشف لـ “لبنان 24″ عن التوجّه إلى المؤسسات الدولية من خلال عقد ورشة عمل، لاطلاعهم على واقع القطاع ومعاناة اللبنانيين ” بغياب الحكومة قررنا أن نأخذ المبادرة، ونتواصل مع المعنيين بالقطاع، لتنظيم مؤتمر في نقابة المستشفيات، بدأنا بالتحضير له منذ حوالي أسبوعين، سندعو إليه الجهات المانحة و NGO على الصعيد الدولي والسفارات ، بهدف تأمين دعم وتمويل خارجي عبر البنك الدولي والمؤسسات الدولية المانحة “غير هيك ما راح يمشي الحال” ونحن بصدد تحضير أرقام واحصاءات ووقائع حول القطاع الطبي، لإطلاع المؤسسات الدولية على واقع الحال، وتقديم المعطيات حول خطورة الأمن الصحي، وحجم المعاناة التي تنعكس بشكل مباشر على المواطن، المتضرر الأكبر بالنهاية”.
يضيف علامة “نحاول كسب الوقت، هناك مؤسسات دولية لا ترغب بالتعامل عبر الدولة، وقد عمدت إلى إيصال المساعدات مباشرة إلى المؤسسات المستهدفة، وقد يكون الخارج يئس من المماطلة بتأليف حكومة بالمواصفات المطلوبة، من هنا قررنا التوجه إلى هذه المؤسسات، بانتظار تأليف الحكومة، لنرى إمكانية المساعدة لنتمكن من الصمود سنة أو سنتين”.
يتحدث علامة عن واقع مخيف يجري داخل المستشفيات، هناك مرضى يعانون من كسور في الورك، ويحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية تستوجب براغي ومستلزمات أخرى باهضة الثمن، لا يتمكّن المرضى من تحمّل تكاليف شراء المستلزمات، بظل ارتفاع أسعارها وفق سعر دولار السوق الموازية، ويفضلّون الإبقاء على الورك المكسور، وهناك عمليات تمييل للقلب لا يتم إجراؤها بسبب الحاجة إلى معدات ومستلزمات ضرورية، وهناك معدّات بحاجة إلى صيانة، تصل كلفتها إلى 80 ألف دولار، هناك أيضًا أزمة المازوت، وهذا موضوع خطر، إذ لا طبابة من دون مادة المازوت. لقد ضُرب القطاع بكامله بعد أن كان لبنان مركزًا للسياحة الإستشفائية”
lebanon24.