هكذا يتمّ تهريب البنزين عند المصنع!
كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:
اثر استفحال ازمة انقطاع البنزين بقاعاً، وارتفاع منسوب اذلال الناس على محطات الوقود، وإزدياد الإشكالات الأمنية وإعاقة الحركة، وعدم قدرة المواطنين والموظفين الحصول على “نقطة” بنزين بالسعر الرسمي، أو الإنتظار في الطابور ساعات طويلة، اتخذت مديرية الجمارك في البقاع قراراً منذ نحو عشرة أيام منعت بموجبه عبور الآليات والسيارات اللبنانية عبر نقطة المصنع الحدودية باتجاه الاراضي السورية، باستثناء التي تحصل من الجمارك على دفتر “مرور ومكث” (دفتر العبور الموحد بين لبنان وسوريا والاردن والعراق اثر اتفاقية النقل العربية)، في وقت تعاني مديرية الجمارك من أزمة عدم قدرتها على تأمين القرطاسية ومن ضمنها دفاتر “مرور ومكث”. هذا القرار خلق اعتراضاً من جانب بعض الذين كانوا يستفيدون من عمليات التهريب لأنه لم يطبق بشكل كامل وترك استثناءات.
فعلى رغم هذا القرار بقيت الحركة عبر نقطة المصنع ناشطة لسيارات محازبي “حزب الله” والنافذين السياسيين المحسوبين على النظام السوري، فيما المنع اقتصر على سيارات أبناء بلدة مجدل عنجر الحدودية على اعتبار أن غالبية سياراتهم هي التي تشكل ازدحاماً على محطات البقاع وتقوم بنقل البنزين في خزاناتها الى المنطقة الفاصلة بين الحدودين فيتم افراغها وبيعها للسوريين. في المقابل استمرت الطوابير أمام المحطات واستمرت الإشكالات الأمنية، وكأن لا قرار صدر ولا من يحزنون. ما اعتبره البعض أنه اقرب الى الهمروجة الإستعراضية كونه لم يُشمل بمذكرة تنشيط دوريات للجمارك على طول خط البقاع الشمالي والمنافذ الى معابر التهريب. وبالتالي لم يصل لأن يلجم مزاريب التهريب على الطرقات المستحدثة في البقاع الشمالي، ويطفئ هدير صهاريج التهريب التي كانت اساس تجفيف السوق اللبنانية من كافة المشتقات البترولية من خلال دوريات بشكل مكثف للجمارك لمصادرة المحروقات المعدة للتهريب.
يقول سليم أحد الذين تضرروا من هذا القرار، لـ”نداء الوطن” أن “الشكوى لغير الله مذلة”، فهو منذ بدء الثورة واثر انتشار فيروس كورونا عجز عن إيجاد فرصة عمل له، ليس فقط في مجال اختصاصه ادارة الأعمال، مما شجعه لأن يعمل في بيع البنزين في المنطقة الحدودية، قال “بعبي سيارتي اربع تنكات بنزين، بـ 260الف ليرة من السوق السوداء وبطلع ببيعهم للسوريين بـ500 الف ليرة، بحط فحص pcr يومياً بـ125 الف ليرة، وبدفع إكرامية 20الف مع شوية مصاريف بيبقى لي حوالى 100الف ليرة لبنانية”. وعن قرار الجمارك قال حسّان احد الذين منعوا من العبور “لا يمكن بقرار رسمي ان يكون محازبو “حزب الله” وجماعة النظام السوري أبناء ست وغيرهم ولاد جارية”، ليقول أن هذا القرار جعله عاطلاً عن العمل من جديد، “هناك سيارات امنية سورية تحضر يومياً وتعود محملة بالبنزين والمواد الغذائية من دون ان يفتح صندوقها نحن اولى بهذا منهم، كما ان هناك سيارات تابعة لـ”حزب الله” أيضاً تعبر ومحملة بالبنزين بالغالونات من القياس الكبير، وسيارات لنافذين ومرافقين لسياسيين لم يخضعوا للقرار وليس لديهم دفاتر مرور ومكث، يسمح لهم بالعبور”.
فيما كشف موظف اداري في المصنع لـ” نداء الوطن” أن سيارات لبنانية تعود لعناصر وضباط امنيين وجمركيين تنتقل يومياً من المصنع الى السوق الحرة في جديدة يابوس السورية، يتم ركنها في موقف جانبي من مواقف السوق فيتم افراغ السيارات من البنزين. مصدر جمركي يؤكد لـ”نداء الوطن” أن القرار اتى بعد مشاهد الذل على محطات الوقود في البقاع، وعدم قدرة الموظف الحصول على البنزين في السعر الرسمي، مما يضطره لشرائه من السوق السوداء بسعر مضاعف، وبعد ازدياد العاملين في نقل البنزين في سياراتهم الى جديدة يابوس السورية، امتنعت محطات البقاع عن بيع المواطنين بالسعر الرسمي فاستسهلت بيع المهربين بسعر مضاعف.
وقال: القرار لن يستمر لأن البعض اعتبره قراراً سياسياً اكثر من ان يكون قراراً اجرائياً لانه لم يشمل كل المعابر الشرعية، مثلاً معبر القاع جوسيه الحدودي في البقاع الشمالي المتروك لهيمنة قوى الامر الواقع، ولانه لم يشمل وضع نقاط جمركية على طول الطرقات المؤدية الى طرقات التهريب في البقاعين الشمالي والاوسط التي تسلكها ارتال صهاريج البنزين والمازوت والمواد الغذائية لتهريبها الى سوريا. سوى أن القرار الزم بعض الاشخاص عند نقطة المصنع.
وتابع المصدر أن هذا القرار للأسف اعتبره البعض قراراً سياسياً، لانه شمل شريحة معينة من المواطنين نحو مئة سيارة من بلدة مجدل عنجر التي يقع في نطاقها مركز المصنع ومعروفة تاريخياً بوجهة أبنائها الى سوريا، فليس كل شخص من البلدة يريد التوجه الى سوريا هو مهرب بنزين. قال المصدر الجمركي: “لا يمكن الاستمرار بهذا القرار، لأن الجمارك ليس لديهم قرطاسية، ولان شروط عبور السيارة الحصول على دفتر “مرور ومكث”، بحال استوفت كامل الشروط الإجرائية، حاجتنا للقرطاسية هي التي تعيق العمل بالقرار، ويفتح باب الرشى بحال تم اعطاء صلاحية التقييم للعنصر المكلف بإجراء المعاملة مَنْ الذي يحق له العبور ممن لا يحق له. وتابع المصدر الجمركي، للاسف تحت سقف مركز الجمارك في المصنع اشبه بخط عسكري، لسيارات حزبية وسيارات امنية ونافذين وسياسيين محسوبين على النظام السوري جميعها لا يشملها اي قرار ولا تخضع للتفتيش او تدوين حركة المرور لها. وقال: “اخضاعها للقانون يحتاج الى قرار سياسي على مستوى كبير، اضافة الى قرار اجرائي من المدير العام للجمارك ورئيس الاقليم في البقاع. واحتجاجاً على القرار اعتصم عدد من الشبان من بلدة مجدل عنجر امام حاجز الأمن العام في نقطة المصنع، وطالبوا بألا يكون تنفيذ القرار على طريقة صيف وشتاء فوق سطح واحد، مطالبين ان تتخذ السلطات اللبنانية قراراً بوقف جميع السيارات العسكرية والحزبية والسياسية التي تعبر نقطة المصنع والا يقتصر القرار عليهم.