هذه السطور… “ما بتتصدّق فعلاً”!
كتب كبريال مراد في موقع mtv:
سوريالياً يبدو تحرّك اليوم. لا بل هو “شي ما بيتصدّق” فعلاً، أن تتظاهر السلطة ضد نفسها. فما إن دعا الإتحاد العمالي العام الى التحرّك، وهو الذي لا نعرف متى يستيقظ ومتى يعود الى سباته العميق، حتى توالت بيانات أحزاب السلطة الداعية للمشاركة في التظاهرات والإضراب. إنه الإنفصام بعينه.
وكأنها إعادة تمثيل لمشهد من مسرحية “فيلم اميركي طويل” لزياد الرحباني عندما “انزلنا عالخندق لنقاتلهم… إجوا قعدوا معنا بالخندق”. وكأن السلطة بمكوناتها تريد اسقاط الشعب، بدل أن يسعى الشعب لاسقاط السلطة. ضاعت المعايير وسط هذا الجنون… وكما يقول زياد في مسرحيته أيضاً “الزعما عم يستغلّوا هالشعب…والشعب معتّر”.
معتّر لأنه “في شي مش راكب” فعلاً! فالمفروض ان تتظاهر المعارضة ضد السلطة، والأقلية ضد الأكثرية في الأنظمة الديموقراطية، لتسجيل الإعتراض، واعادة تصويب البوصلة. أماّ عندنا… فالخصمُ هو الحَكَمُ.
لذلك، يحتاج المقهورون فعلاً من الوضع الحالي لرفع الصوت بوجه الراكبين على التحركات الشعبية والقول لهم “ولك له… اطلعوا من الخندق”. فمعاناتنا هي بسببكم، وأعباؤنا هي بسببكم، وأوجاعنا هي نتيجة سياساتكم وقراراتكم وتعاطيكم مع الدولة ومؤسساتها كبقرة حلوب، للمحاسيب والأزلام، والصفقات وتقاسم الحصص… والاّ لما كان هناك انهيار، ولما كانت هناك أزمة.
لا يقتصر المشهد المضحك المبكي على من هم في السلطة اليوم. فقسم كبير من معارضة اليوم كان سلطة الأمس، وتعاقب على الحكم منذ الطائف وقبله، فتلوثت يداه بوزارة او إدارة، بقرار او بتغطية لقرار، ولا يستطيع أن يقول “أنا ما خصني”، وأنا بمنأى عن المحاسبة، فما حصل وما نجنيه اليوم، بسبب فعله او صمته او اهماله واضح وضوح الدين العام وأزمة سعر الصرف والهدر والفساد ودويلات المحروقات والمولدات… ولا ضمير التجار والمحتكرين والمغطّين والمشاركين في الأرباح والمغانم…
ما عدنا نعرف “مين الشرطي ومين الحرامي؟”… إنها دولة “الخوات” فعلاً!