ماذا ستشهد الأحزاب اللبنانية قريباً؟
كتب ناصر زيدان في “الأنباء الكويتية”:
في نقاش أجري مع مجموعة متنوعة من الشباب اللبنانيين من الجنسين وينتمون الى مختلف الأطياف والمناطق والأهواء السياسية باستثناء المتفرغين براتب مع الأحزاب تبين وجود اختلافات جوهرية في أمزجة هؤلاء، وهناك نقمة عارمة على الأحزاب اللبنانية تكاد تكون شاملة، مع بعض الاختلاف في مستوى تحميل المسؤولية عن الانهيار بين من يتحكم بمفاصل السلطة من هذه الأحزاب، وبالتالي فهو يتحمل تبعات أكثر من غيره، وبين أحزاب لم تكن مشاركة أو مؤثرة في هذه السلطة، فنسبة مسؤوليتها أقل، لكن الشباب لم يوفروا أحدا من الانتقاد، وكان لديهم أمل في أن تتحرك بعض الأحزاب بقوة لمنع سقوط لبنان إلى هذا القعر.
فقد شباب لبنان الثقة بالوطن، وهناك شبه إجماع بين هؤلاء على البحث عن طريقة للسفر الى الخارج للبحث عن مقومات بناء حياة خاصة بهم، ويتلاشى الأمل عندهم في إمكانية تغيير الأوضاع بسرعة نحو الأفضل، ما يبعد المراهنة على توفير بيئة حاضنة لكفاءاتهم، أو فرص عمل مناسبة تؤمن لهم العيش الكريم، على الرغم من أن التفتيش عن عمل في الخارج أصبح أكثر صعوبة بسبب الانكماش الاقتصادي الذي أصاب غالبية دول العالم جراء جائحة كورونا، لاسيما في دول الخليج العربي التي كانت على الدوام سندا وملجأ للبنانيين.
وتفاقمت النقمة أكثر عند هؤلاء الشباب على السلطة اللبنانية وأحزابها عندما تبين لهم، من خلال تواصلهم مع الخارج والسفارات، أن تصنيف اللبنانيين المعروفين بتميزهم العلمي والفني والثقافي تراجع كثيرا، ولم تعد هذه الميزة التفاضلية تفعل فعلها في أسواق العمل الخارجية كما كانت في السابق، حتى ان العروضات التي يتلقونها من شركات عربية وأجنبية لم تعد مغرية لناحية قيمة الرواتب، وتقدمت عليهم في التصنيف جنسيات عربية وأجنبية أخرى.
ويقول الشباب في سياق النقاش: ان «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» يتحملان المسؤولية الكبرى عن التردي الحاصل، لأنهما شكلا ثنائيا سيطر على جزء كبير من السلطة قبل العام 2016، وعلى غالبيتها بعد هذا التاريخ، وبالتالي فإن الأضرار التي لحقت بلبنان جراء الخيارات الخارجية التي اعتمدها الحزبان كانت كبيرة، وأدت الى عزل لبنان وتراجع المداخيل الواردة مما فاقم العجز في ميزان المدفوعات.
كما أنهما كانا يتوليان إدارة قطاع الكهرباء الذي استنزف المالية العامة، ولم تتوفر الكهرباء للبنانيين حتى الآن، والطرفان مسؤولان عن إثارة الإشكاليات الدستورية التي تثير حساسيات طائفية مفرطة في هذا الوقت بالذات، رغم قناعة الجميع بضرورة إجراء تعديلات تطول بعض المقيدات والمهل.
ويقول الشباب ان طريقة تعامل الحزبين مع تأليف الحكومة حاليا قد تخفي نوايا لإحداث تغييرات جوهرية على الصيغة اللبنانية برمتها.
وتأتي مسؤولية «تيار المستقبل» وحركة «أمل» بالدرجة الثانية برأي غالبية هؤلاء الشباب، لأنهما كانا شريكين فعليين في الحكم، وساهما في إقرار قانون انتخابي طائفي يتعارض مع طموحات الشباب المستقبلية.
ويرى بعضهم أنه كان باستطاعة هاتين القوتين الرئيسيتين تعطيل المسار الذي كان قائما لو لم تكونا شريكتين مستفيدتين منه.
أما المسؤولية بالدرجة الثالثة فيحملها الشباب إلى حزبي ««القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي»، فالأول ساهم بفاعلية بالتسوية المشؤومة التي حصلت عام 2016، وهو اليوم ينأى بنفسه عن كل ما يجري، وبذلك يسهم في ترك الساحة للنائب جبران باسيل لتوظيف الميثاقية وتمثيل المسيحيين بهدف التعطيل.
والثاني برأي غالبية الشباب كان عليه قيادة اندفاعة مطلبية ميدانية تمنع الاستبداد الحاصل، وهو لديه تاريخ طويل في النضال المطلبي، ولا يكفي برأيهم أن يعقد الحزب ندوات إعلامية يحذر فيها من خطورة استمرار النزف القائم بملف الكهرباء وفي فوضى دعم السلع من دون أن يستفيد المواطن من هذا الدعم، والحزب من جهة ثانية يدعو الى عقد تسويات حول قضايا حساسة سيادية لا تقبل التسوية برأي هؤلاء الشباب.
أما الأحزاب الأخرى فهي في دائرة نقمة الشباب أيضا، لأن غالبيتها كانت تهرول باتجاه تحقيق أجندة خاصة، أكثر مما كانت تحمل هموم الشباب والدفاع عن الوطن.