لبنان

حين يتّحد “التيار” و”القوات”… هل من “تنسيق”؟!

في الفترة الأخيرة، حرص كلّ من “التيار الوطنيّ الحرّ” و”القوات اللبنانية” على التغريد في اتجاهين معاكسيْن في كلّ الملفّات تقريباً، لدرجة خُيّل لبعض المراقبين أنّ أحدهما ينتظر موقف الآخر من أيّ قضية، ليدلي بدلوه “المناقض” بطبيعة الحال.

تكرّس هذا الأمر مع الإشكالات المتنقّلة التي شهدتها بعض الساحات، والتي نقلت خلافهما السياسيّ إلى الأرض، وهو ما تجلّى خصوصاً في “اشتباك” ميرنا الشالوحي الشهير، الذي كادت “السيطرة” عليه تفلت، لولا “وساطات” اللحظة الأخيرة.

لكنّ شيئاً ما بدا مختلفاً في جلسة اللجان المشتركة في مجلس النواب، إذ بدا الطرفان “متّحِدَيْن” على موقفٍ شبه موحَّد، حتى أنّ هناك من تحدّث “همساً” عن “تنسيقٍ” حصل بين الجانبيْن عشيّة الجلسة، لتوحيد الموقف والمَطالب، وكان ما كان…
موقفٌ موحَّد؟!
في هذه الجلسة، “اتّحد” نواب “التيار” و”القوات” على الموقف نفسه تقريباً حول قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ، ولو اختلفت طريقة التعبير عنه، علماً أنّ أوساطهما تؤكد أنّ هذا الموقف ليس بجديد، بل سبق الإعلان عنه مراراً وتكراراً، وبالتالي لا ينبغي تحميله أكثر ممّا يحتمل.

فعلى مستوى “التيار الوطني الحر”، ليس خافياً على أحد أنّه يعتبر قانون الانتخاب الحاليّ أحد أهمّ ما يصفها بـ “إنجازات العهد”، وهو بالتالي ليس مستعدّاً لـ “التفريط” به بعد دورةٍ انتخابيّةٍ واحدةٍ اعتُمِد خلالها، وقبل أن تظهر فعلياً “السيئات” التي يتحدّث عنها البعض، والتي قد تكون مرتبطة بخسارة “احتكارٍ” من هنا، و”استئثارٍ” من هناك، نتيجة اعتماد النظام النسبيّ.

أما “القوات اللبنانية”، فموقفها من قانون الانتخاب الحاليّ الذي منحها كتلة هي الأكبر حجماً في تاريخها، ليس بجديد، وسبق أن دخلت بمشاكل مع حلفائها بسببه، فضلاً عن كونها تعتقد أنّ فتح “ورشة” تعديل قانون الانتخاب اليوم لن يطيح بالانتخابات المبكرة التي تطالب بها فحسب، بل قد تمتدّ آثاره للانتخابات الدوريّة، بذريعة “التمديد التقني”، وهو ما تحذّر منه أوساطها.

“تنسيق على القطعة”؟!

يتّفق “التيار” و”القوات” على أنّ قانون الانتخاب الحالي لم يُجرَّب بما يكفي لتقييمه والحكم عليه، وبالتالي ليس الوقت صالحاً لتعديله، ولو أنّ معظم الخبراء الانتخابيّين يجزمون بأنّ “ثغراته” أكثر من “إيجابيّاته”، حتى لو حمل عنوان “النسبية” بعدما “أفرغها من مضمونها”، وفق ما يرى البعض، ممّن يتّهمون السلطة السياسية بـ “تفصيل القانون على قياسها” أصلاً.

وإذا كانا “يتقاطعان” أيضاً في رفض أي قانون “يوسّع” حجم الدوائر الانتخابية، لحدّ اعتبار لبنان “دائرة واحدة” كما يطمح البعض، فإنّهما يتّفقان قبل ذلك، على أنّ “الأولوية” اليوم ليست في بحث قانون الانتخاب، فيما البلاد “تحتضر”، بعدما بدأت “سيناريو” الانزلاق نحو الهاوية، ولم تعد فقط على حافتها، والمطلوب “حصر” الاهتمام بتشكيل حكومة “إنقاذ” فعليّ، تنسجم مع المبادرة الفرنسية “المترنّحة”، بدل إلهاء الرأي العام بنقاشاتٍ لن تجدي اليوم.

ومع أنّ أوساط “التيار” و”القوات” تنفي وجود “قطيعة” بالمُطلَق بينهما، مفضّلة تعبير “التنسيق على القطعة”، من خلال عددٍ من النواب حول قضايا محدَّدة وحسّاسة، فإنّ هناك من يجزم بأنّ الموقف من قانون الانتخاب لا يعني شيئاً، خصوصاً أنّ “تلاقي” الطرفين على موقفٍ واحد لا ينطلق سوى من “المصلحة المشتركة”، ولا ينبغي أن يُعطى تفسيرات “مضخَّمة” لا تمتّ إلى الواقع بصلة، علماً أنّ هذا “التقاطع” ليس الأول من نوعه، وقد سُجِّل الأسبوع الماضي أيضاً على طرح قانون العفو، ولو اختلفت “أدبيّات” التعامل معه.

“لا تنسيق ولا من يحزنون”. هكذا يعلّق بعض العارفين بكواليس العلاقة بين “التيار” و”القوات”، التي يؤكدون أنّها وصلت إلى “الحضيض”. كلّ ما في الأمر أنّ “التيار” يعتبر قانون الانتخاب الحاليّ “إنجازاً شخصياً”، و”القوات” ترى فيه وسيلتها لـ “التوسّع”. باختصار، هي المصلحة وقد اقتضت “تلاقياً قسرياً”، يفضّل المعنيّان به قبل غيرهما تفاديه بأيّ شكلٍ من الأشكال…
lebanon 24

مقالات ذات صلة