مطمر الجديدة مُهدّد بالإقفال مجدداً
كتبت زينة عبود في “نداء الوطن”:
بعد إقفال مطمر الجديدة – برج حمود منذ نحو أسبوع اثر تعرضه لغزو من عمّال سوريين بهدف سرقة المواد الحديدية والبلاستيكية من النفايات المكدّسة في المطمر، وضعت دولة “الحلول الموقتة” يدها على الموضوع واستحدثت نقطة أمنية أمام المطمر لمنع توغّل أي مجموعات غريبة داخل الموقع، وعلى هذا الأساس أعيد فتح المطمر واستؤنفت أعمال البناء فيه لزيادة قدرته الاستيعابية على استقبال النفايات
ظاهرياً، تبدو الأمور في نصابها ومسارها الصحيحين ولكن في خفايا الموضوع يتّضح أن الدولة، بأجهزتها المعنية، اتجهت كعادتها، الى الحلول السريعة والموقتة وبالتالي فإن التهديد الأمني لا يزال قائماً والمطمر يتّجه الى الإقفال مجدداً إذا لم تُعالج المشكلة من جذورها. فماذا في الخفايا؟
التعديات بدأت في آذار
يروي مصدر مطلع على أعمال البناء القائمة لزيادة قدرة المطمر الاستيعابية لاستقبال النفايات لـ”نداء الوطن” أن السرقات والأعمال التخريبية بدأت منذ آذار الماضي في أثناء عمليات الحفر التي تنفذها الشركة المتعهدة للمشروع، في بقعة مليئة بالردميات تحتوي مواد بلاستيكية وحديدية صالحة لإعادة التدوير ما جذب انتباه بعض العمال السوريين الذين بدأوا منذ ذلك الوقت بالتسلّل الى داخل المشروع بغية سرقة تلك المواد وبيعها إلا ان عمال المشروع كانوا لهم بالمرصاد وقاموا بطردهم مراراً كي لا يتوغّلوا بين الآليات لكن الأمر لم يتوقّف أبداً بل تفاقم مع ازدياد الأعداد فبدأوا يتوافدون كمجموعات من العمال الأجانب معظمهم من الجنسية السورية ومعهم بعض الشبان اللبنانيين من منطقة الرويسات، يقتحمون المشروع ويتوغّلون بين الآليات العاملة ما يؤثّر على السلامة العامة وحركة الآليات وأمن المشروع بشكل عام نتيجة عمليات السرقة والأعمال التخريبية بهدف الاستيلاء على أي مواد يرون فيها مورداً مادياً لهم.
كتابان وشكوى في الأدراج
هذه الحوادث المتكررة دفعت بوكيل الشركة المتعهدة الى التقدّم في السادس من نيسان الماضي بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان التي أحالتها بدورها الى مخفر برج حمود لكن الأخير لم يحرك ساكناً.
عندئذ تمّ توجيه كتاب خطي الى مجلس الإنماء والإعمار لإبلاغه بأن إدارة المشروع ستتخذ تدابير احترازية وستقوم بوضع عوائق شائكة في محيط المطمر وتفعيل الأمن لحماية المشروع بصورة موقتة علماً أن هذا الموضوع خارج عن مسؤولية الشركة المتعهدة وتضمّن الكتاب طلباً من مجلس الإنماء والإعمار التواصل مع وزارة الداخلية أو الأجهزة المعنية لمواكبة الأعمال القائمة ضمن نطاق المشروع بمؤازرة المتعهّد لتأمين سلامة المشروع والعاملين فيه إضافة الى سير الاشغال. المصدر أكد أن المجلس تجاوب مع الكتاب المرسل اليه وقام بدوره بتوجيه كتاب مماثل الى محافظ جبل لبنان لاتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لمؤازرة الشركة المتعهدة إلا أن الكتاب لا يزال قابعاُ في أدراج مكتب المحافظ.
أمام هذا التقاعس غير المبرّر من قبل الأجهزة المعنية، حاولت إدارة المشروع التواصل مباشرة مع مديرية مخابرات الجيش ومديرية أمن الدولة التي تملك مركزاً ملاصقاً لموقع المطمر، وطلبت منهما المساعدة لإبعاد هذه المجموعات المتسللة الى داخل المشروع عند الحاجة إنما تلقت جواباً بأن ليس لديها العديد الكافي لفصل عناصر أمنية تكون مولجة حماية أمن المطمر فتمّ التوافق على تلبية النداء في حالات الطوارئ “بحكم الجيرة” بين مركز أمن الدولة وموقع المطمر.
كذلك حاولت إدارة المشروع التنسيق مع بلدية الجديدة التي اكتفت شرطتها بزيارة وتفقد المطمر من وقت الى آخر لكن هذا الإجراء غير كافٍ البتة، يشدد المصدر، لأن أعداد العمال والمجموعات التي تقتحم المطمر من مداخله المتعددة كبيرة وهم ينتشرون بشكل سريع في الموقع ما يصعّب إمكانية السيطرة عليهم.
في التاسع عشر من أيار الماضي، وجّهت الشركة المتعهدة كتاباً ثانياً الى مجلس الإنماء والإعمار تبلغه فيه قرارها بإقفال المطمر وتوقف الأشغال خلال أسبوع إذا لم يتم تأمين مؤازرة جدّية للمطمر، لأن الوضع بات خطيراً جداً على الأجهزة البشرية كما على المعدات والآليات ولا يمكن الاستمرار على هذا النحو، وطلبت الشركة في كتابها أن يرسل المجلس فريقاً لتفقّد المشروع وتصوير ما يحصل داخله لاتخاذ القرار المناسب.
طفح الكيل فأفقل المطمر
وبعد بضعة أيام وجّه المجلس بدوره كتاباً في هذا المجال الى وزارة الداخلية والبلديات التي لم تحرك ساكناً ما دفع بالشركة المتعهدة الى إقفال المطمر مع شرط عدم استئناف الأشغال إلا بعد إقامة نقطة أمنية ثابتة. عندها بدأت الاتصالات الحثيثة بين الجهات والأجهزة المعنية وتم إرسال قوة أمنية مشتركة من مخابرات الجيش وقوى الأمن الداخلي الى موقع المطمر وعلى هذا الأساس أعيد فتح المطمر واستؤنفت أشغال البناء.
وفي معرض الحديث، يوضح المصدر المطلع ان الكتاب الأخير الى مجلس الإنماء والإعمار جاء بعد أن تعرض عمال المطمر الى اعتداء من قبل هذه المجموعات الغريبة التي هاجمتهم بآلات حادة وقامت برشقهم بالحجارة وإطلاق التهديدات بهدف الترويع والترهيب بعدما كان عمال المشروع قد قاموا بصدّهم ومطاردتهم لإبعادهم عن المطمر من أجل التمكّن من استكمال الأشغال “يريدون فرض هيبتهم على المشروع كي يسرحوا ويمرحوا بالمشروع على كيفهم”.
المطلوب حل جذري وإلا…
قبل أيام أعيد فتح المطمر والأشغال تجرى كالمعتاد في ظل مؤازرة القوة الأمنية المفروزة من فصيلة درك الجديدة لحماية المشروع وتأمين سلامته. لكن الفصيلة أبلغت إدارة المشروع أنها غير قادرة على الاستغناء عن عناصرها طويلاً نظراً الى ان قلّة عديدها خصوصاً أن المنطقة تقع خارج نطاق مسؤولية فصيلة درك الجديدة، وبالتالي فإن هذا الحل موقت وخلال أيام معدودة سيتمّ سحب العناصر الأمنية.
عند هذه النقطة الأمور عالقة وتجرى الاتصالات حالياً لتفادي تكرارالسيناريو نفسه لأنه متى غادرت القوى الامنية ستعود المجموعات الى التوغّل داخل المطمر وسط تخوّف من ردّة فعل غاضبة وعنيفة هذه المرة بعد منعهم من الدخول والخروج كيفما شاؤوا وهم أساساً يراقبون ما يجري من بعيد ويحاولون إيجاد منفذ للدخول الى المشروع.
المطلوب إذاً من الدولة بأجهزتها المعنية التعامل مع هذا الملف بجدية تامة وقراءة ما بين السطور، فالمسألة تتخطى مجرد تعديات سورية على مشاريع بناء إنما هي أزمة بيئية صحية أوّلاً وأخيراً لأن عدم قمع هذه التعديات سيؤدي حكماً الى وقف الأشغال مجدداً وإقفال المطمر وبالتالي سنكون أمام أزمة مفتوحة تعيد مشاهد أنهر النفايات في الشوارع وبين المنازل خصوصاً أن المطمر بلغ قدرته الاستيعابية القصوى وأي خلل في استكمال أعمال البناء فيه لا تحمد عقباه.
أمام المعنيين أيام قليلة لاتخاذ الإجراء الجدي والجذري لمواكبة ومؤازرة الأعمال الجارية في مطمر الجديدة الى حين انتهائها وإلا فإن الإقفال حتميٌ والنفايات ستعود الى شوارع المتن لا محالة!
الفرز ثم الفرز
مسألة فرز النفايات وإعادة تدويرها وكذلك استخدامها لتوليد الطاقة من البديهيات في الدول المتقدمة، وأولى الخطوات الواجب على كل مواطن اتباعها تبدأ من عدم رمي أي نوع من القمامة في المجاري الصحية وتخصيص حاويات مقسّمة على الشكل الآتي:
حاويات النفايات الحيوية ترمى فيها فضلات الطعام، والطعام الفاسد، مسحوق القهوة، المناشف والمحارم الورقية، قشور الفاكهة… وهذه النفايات تتحوّل الى تربة في حاويات التعفين. ويمكن فرز الغاز الحيوي الذي يُستخدم في الكهرباء والحرارة.
حاويات الورق ترمى فيها الجرائد، المطبوعات الدعائية، الظروف البريدية، وغيرها من الأوراق النظيفة غير المبللة، أي لا تضمّ هذه الحاويات محارم المراحيض المتّسخة أبداً. ومن هذه الأوراق المستعملة يُصنع ورق الجرائد ومحارم المراحيض.
حاويات الورق المقوى ترمى فيها كرتونات الحليب، الكرتون المموج، الأكياس الورقية، والتغليفات الكرتونية، باستثناء أي كرتون مبلّل او وسخ جداً. ويُصنع من الكرتون مثلاً لفافات كرتونية للمناشف والمحارم الورقية. كذلك يتم تدوير ألمنيوم التغليفات.
حاويات الزجاج وتضمّ العبوات الزجاجية «القناني» وحاويات الطعام لكن لا تُرمى فيها الأشياء الزجاجية، كالمواعين والمرايا والبورسولان. وهذا النوع من الزجاج المستعمل يستفاد منه لصناعة حاويات زجاجية جديدة.
حاويات المعادن وترمى فيها كل الأشياء المعدنية أو التغليفات التي يكون جزؤها الأعظم من المعدن وتستبعد منها الأجهزة الكهربائية، البطاريات. وهنا يتم فرز مختلف المعادن آلياً لصناعة منتجات جديدة.
حاويات البلاستيك ترمى فيها علب الطعام البلاستيكية الفارغة وقوارير مواد الغسيل الفارغة وقوارير الشامبو والأكياس البلاستيكية والمرطبانات الفارغة، شرط ألا تكون عليها بقايا نفايات خطرة كالطلاء أو المواد الكيميائية. مع الإشارة الى ان هذه الحاويات لا ترمى فيها دمى الألعاب وفراشي الأسنان ومِرَشَّات المِيَاه وما إلى ذلك وإن كانت مصنوعة من البلاستيك. وبطبيعة الحال يعاد تدوير هذه النفايات لصناعة منتجات بلاستيكية جديدة.
النفايات المختلطة هنا ترمى باقي النفايات شرط ألا تكون خطرة لأنها تُحرق عموماً في محطات توليد الطاقة.
ما هي النفايات الخطرة؟
لمبات النيون، اللمبات الموفّرة للطاقة، المواد الكيميائية التي يوجد على غلافها علامة تحذير إضافة الى الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات وكل أنواع البطاريات بحيث يتمّ تدوير معادن البطاريات ومعالجة المواد الخطرة بشكل آمن.