بطاقة تمويلية “ارتجالية”… “الترقيع” سيد الموقف
جاء في “المركزية”:
بعد روتشة بعض تفاصيله، أنهت اللجنة الوزارية المكلّفة ملفّ رفع الدعم، باشراف رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب امس، مشروعَ البطاقة التمويلية، على ان يصار في الساعات المقبلة، الى توزيعه على الوزراء لدرسه والاطلاع عليه، تمهيدا لاقراره.
بحسب المعلومات المتوافرة، فإن الخطة تلحظ أن تكون البطاقة بالدولار وليس بالليرة اللبنانية، وأن يتم تقاضي قيمتها عبر المصارف نقداً بمتوسط 137 دولاراً لكل أسرة مؤلفة من 4 أشخاص، أي نحو 1645دولارا سنويا للعائلة الواحدة. وقياساً على 750 ألف أسرة ستستفيد من البطاقة، يكون مجموع الدعم مليارا و235 مليون دولار سنوياً. اما التعديل الأهم، فيتمثل في حصول العائلات المشمولة في برنامج الأسر الأكثر فقراً في وزارة الشؤون الاجتماعية، إضافة الى برنامج “شبكة الأمان” المموّل من قرض البنك الدولي بقيمة 264 مليون دولار، على كامل قيمة البطاقة التمويلية من دون أي حسم للمبلغ الذي يحصلون عليه من هذه الجهات، كون هذا التدبير يحقق “عدالة أكبر”. فيما كانت الصيغة السابقة تنصّ على أن تكون مساعدات البرنامجين جزءاً من القيمة الإجمالية للبطاقة.
البطاقة هذه، التي ناقشها دياب امس مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، ومنذ ايام مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، تأتي اذا من ضمن الاستعدادات لرفع الدعم الذي يؤمّنه مصرف لبنان اليوم، عن السلع والمواد الحيوية الاساسية، وقد تمسّك دياب بإقرارها اوّلا و”الا لن نرفع الدعم”… غير ان المفاجأة، تمثلت بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، في ان دياب يريد ايضا من “المركزي” ان يموّل هذه البطاقة، وهذا التمويل سيكون من اموال المودعين!
هذا “عطب” كبير يشوب التصوّر الوزاري للبطاقة، تتابع المصادر، اذ من غير المسموح اخلاقيا وقانونيا في آن، الاستمرار في استنزاف احتياطي المركزي من جهة وودائع الناس من جهة ثانية. اما الخلل الثاني، فهو في المقاربة الحكومية لمشروع رفع الدعم ككل.
فهي تحلّ جزءا من المشكلة، من خلال اعطاء 750 الف عائلة البطاقة التمويلية لتسيّر امورها – هذا اذا لم يأكل تحليقُ الدولار المتوقَّع المبلغ المخصص لها – لكن ماذا عن اللبنانيين الذين لن تصلهم البطاقة؟! هل تعتبرهم الدولة أغنياء لا يحتاجون الى مساعدة؟! فاللبنانيون، ونصفُهم بات مصنّفا “فقيرا” بحسب الدراسات الاممية والدولية، عاجزون اليوم عن تغطية مصاريفهم الاولية الاساسية، ويعانون الامرّين لدفع تكاليف المحروقات والخبز والدواء والاستشفاء والكهرباء. فكيف سيتمكّنون من الصمود بعد ان يتم رفع الدعم عن هذه السلع والقطاعات، ولو كان هذا الرفع نسبيا لا كاملا، على وقع ارتفاع الاسعار المنتظر والذي سيصيب كل شيء، بحيث يصبحون بدورهم الاشدّ فقرا؟ هل تملك الحكومة جوابا لهذه الاسئلة؟
حتى الساعة، “الترقيع” سيد الموقف، والسلطةً ضائعة تتخبّط في الازمة، وتتعاطى معها على القطعة. المسؤولية لا تقع على حكومة اللون الواحد فحسب، فالمشكلة تحتاج اليوم حلا شاملا لن يأتي الا بتشكيل حكومة جديدة كاملة المواصفات تنال رضى المجتمع الدولي، فيسارع عبر مؤسساته وجهاته المانحة وعلى رأسها صندوق النقد، الى مدّ طوق نجاة للبنان، بما يساعد شعبه كلّه، لا فئة منه، على ابقاء رأسه فوق الماء، وينقذه من الغرق المحتوم اذا استمرّ التعاطي الحالي “الارتجالي” مع الكارثة الاقتصادية، تختم المصادر.